استطلاع رأي

أي من هذه الدول تمارس الدور الأكثر إيجابية في حرب غزة؟

السعودية

مصر

قطر

إيران

تركيا

أهم الموضوعات

طبقات اليمين الإسرائيلي وبصيرة دا سيلفا

عن أوهام التفاؤل الأميركي

أزمة اقتصاد مصر وانتظار الفرج من الخارج

نحو وقف الحرب على غزة

سيناريو اليوم التالي للحرب

عملية تفكيك العولمة وعواقبها

الخميس 28 مايو 2020 03:09 ص

عملية تفكيك العولمة وعواقبها

العولمة كما يتضح من أشكالها المختلفة يمكن أن تكون مدمرة وبناءة.

عملية تفكيك العولمة ببعض مجالات السياسة محكومة بالفشل فالحدود ليست حواجز أمام تغير المناخ.

تعتبر الحكومات الاستبدادية التدفق الحر للأفكار تهديدًا لسيطرتها إذ يتم بلقنة شبكة الإنترنت إلى «شبكة انفصال».

«الجدار الناري العظيم» للصين يمنع الوصول إلى الأخبار عبر الإنترنت والمواقع الإلكترونية الأخرى المشتبه بها.

*     *     *

إن العولمة مدفوعة بالتكنولوجيا الحديثة، بما في ذلك الطائرات النفاثة، والأقمار الصناعية، والإنترنت، وبالسياسات التي فتحت الأسواق أمام التجارة والاستثمار. وقد عززها الاستقرار من خلال تمكين الأعمال والسياحة، وكذاك عدم الاستقرار الذي زاد من تدفقات المهاجرين واللاجئين.

وفي معظم الأحيان، كانت الحكومات تنظر إلى العولمة على أنها فائدة صافية، وكانت على العموم تفسح لها المجال لتأخذ مجراها.

لكن العولمة، كما يتضح من أشكالها المختلفة، يمكن أن تكون مدمرة وبناءة. وفي السنوات الأخيرة، أصبح عدد متزايد من الحكومات والناس، في جميع أنحاء العالم، ينظرون إليها على أنها مخاطرة صافية.

وعندما يتعلق الأمر بتغير المناخ، والأوبئة، والإرهاب -وكلها تفاقمت بفعل العولمة- ليس من الصعب معرفة السبب. ولكن في مناطق أخرى، أصبحت المعارضة المتزايدة للعولمة أكثر تعقيداً.

 أما فيما يخص المعلومات فهي تسير على نفس الاتجاه. فقد يبدو التدفق الحر للأفكار شيئاً جيداً، ولكن اتضح أن الحكومات الاستبدادية تعتبره تهديداً لسيطرتها السياسية. إذ يتم بلقنة الإنترنت إلى «شبكة الانفصال».

وقاد «الجدار الناري العظيم» للصين الطريق، ليمنع بذلك الوصول إلى الأخبار عبر الإنترنت، والمواقع الإلكترونية الأخرى المشتبه فيها، ويضمن أن المستخدمين الصينيين لا يمكنهم الوصول إلى المحتوى الذي يعتبر حساساً من الناحية السياسية.

إن قدرة الناس على عبور الحدود بأعداد كبيرة كانت في الماضي تحظى بالقبول، بل بالترحيب. وكان المهاجرون في الولايات المتحدة أساس النجاح الاقتصادي، والسياسي، والعلمي، والثقافي للبلاد.

لكن ينظر الكثير من الأميركيين إلى المهاجرين، الآن، بحذر، ويرون أنهم يشكلون تهديداً للوظائف، أو الصحة العامة، أو الأمن، أو الثقافة. وقد حدث تحول مماثل في معظم أنحاء أوروبا.

 وكل هذا يؤدي إلى التحول نحو تفكيك العولمة، وهي عملية لها تكاليف وحدود، إذ يمكن أن يؤدي حظر الواردات إلى حدوث تضخّم، وتقليل اختيار المستهلك، وإبطاء وتيرة الابتكار، ودفع الآخرين إلى الانتقام من خلال فرضهم لقيود على وارداتهم.

ويمكن أن يؤدي حظر الأفكار إلى خنق الإبداع، وإعاقة تصحيح أخطاء السياسة. وغلق الحدود في وجوه الناس يمكن أن يسلب مجتمعاً من المواهب، والعمالة المطلوبة، بينما يساهم في بؤس أولئك الذين أجبروا على الفرار نتيجة الاضطهاد السياسي، أو الديني، أو الحرب، أو العصابات، أو الجوع.

ومن المؤكد أن عملية تفكيك العولمة في بعض مجالات السياسة محكوم عليها بالفشل. فالحدود ليست حواجز أمام تغير المناخ. ولا يؤدي إغلاقها إلى حماية أي بلد من مخاطر المرض، حيث يمكن لمواطنين حاملين للعدوى العودة بسهولة إلى موطنهم. ولا تضمن السيادة الأمن ولا الرخاء.

وهناك طريقة أفضل للاستجابة لتحديات العولمة وتهديداتها. ويمكن للعمل الجماعي الفعال أن يواجه مخاطر الأمراض، وتغير المناخ، والهجمات السيبرانية، والانتشار النووي، والإرهاب. ولا يمكن لأي دولة بمفردها أن تؤمّن نفسها؛ فالأحادية ليست مسار سياسة جاداً.

إن النقاد على حق من ناحية: فالعولمة تجلب المشاكل، وكذلك الفوائد. وتحتاج المجتمعات إلى مزيد من المرونة. ويحتاج العمال إلى الوصول إلى خدمات التعليم والتدريب طوال حياتهم!

لذا فهم جاهزون للوظائف التي تظهر نتيجة للتكنولوجيات الجديدة، أو المنافسة الأجنبية التي تلغي وظائفهم الحالية. وتحتاج المجتمعات إلى الاستعداد بشكل أفضل للتعامل مع الأوبئة الحتمية، أو الظواهر الجوية المتطرفة الناجمة عن تغير المناخ.

إن العولمة ليست مشكلة يتعين على الحكومات حلها. إنها حقيقة يجب أن تدار. فاحتضان تفكيك العولمة الشامل هو علاج زائف، وهو أسوأ بكثير من المرض.

* ريتشارد هاس رئيس مجلس العلاقات الخارجية، مسؤول بوزارة الخارجية والبيت الأبيض.

المصدر | العرب القطرية

  كلمات مفتاحية