استطلاع رأي

أي من هذه الدول تمارس الدور الأكثر إيجابية في حرب غزة؟

السعودية

مصر

قطر

إيران

تركيا

أهم الموضوعات

طبقات اليمين الإسرائيلي وبصيرة دا سيلفا

عن أوهام التفاؤل الأميركي

أزمة اقتصاد مصر وانتظار الفرج من الخارج

نحو وقف الحرب على غزة

سيناريو اليوم التالي للحرب

عبدالخالق المرزوقي: خيارات الشعوب ونزوات الحكام

السبت 2 أغسطس 2014 10:08 ص

عبدالخالق المرزوقي، العربي الجديد، 2/8/2014

منذ زمن طويل، كانت هناك شكوك حول تمثيل الحكام العرب شعوبهم تمثيلاً حقيقياً، بالتأكيد لم يأت أحد منهم في انتخابات ديمقراطية حقيقية، في الستين عاماً الماضية، وحالياً لا يوجد لدينا إلا رئيسان في الإثنين والعشرين بلداً عربياً جاءا بمثل هذه الانتخابات، هما المنصف المرزوقي في تونس، والمصري محمد مرسي المختطف حالياً، ما يشكل ما يشبه انفصالا وغربة لهذه المنطقة عن العالم، والذي أصبح في مجمله ديمقراطياً تعددياً، ما عدا بعض الدول المعزولة.

وعلى الرغم من أن رؤساء وحكاماً عرباً لم يأتوا في انتخابات ديمقراطية، وبالتالي، لم يتمتعوا بالشرعية الديمقراطية الدستورية، إلا أنهم تمتعوا بشرعية شعبية واجتماعية في دولهم. بعضهم بسبب أدوار تاريخية، لعبوها في مجتمعاتهم، وبعضهم بسبب مشاريع وطنية حملوها ونادوا بها، بغض النظر عن الرأي في هذه المشاريع ونتائجها، مثل جمال عبد الناصر في مصر، وإلى حد ما الحبيب بورقيبة في تونس، ويمكن إضافة صدام حسين في العراق، وياسر عرفات في فلسطين. لكن، بالمجمل ظلت الشرعية الشعبية مفقودة، أو تحيط بها الشكوك، خصوصاً إذا ما قورنت بجانب الشرعية الديمقراطية الدستورية.

جاء الربيع العربي، وجلب معه تحولات عميقة على المستويات السياسية والثقافية والاجتماعية كلها، ليس في البلدان التي حدثت فيها ثورات فقط، بل شمل جميع الدول العربية، بنسب متفاوتة، بين من أنجز ثورته، وبين من مازال يتعثر، ومن يسعى إلى إنجاز إصلاحات حقيقية، ومن يحاول التغلب على عودة النظام السابق، إلى آخرين مازالوا في سباتهم. ومازالت تتفاعل تلك التحولات، وستظل كذلك سنوات مقبلة، فنحن نعيش، الآن، في أعلى موجة من رد الفعل المضاد لإرادة الشعوب.

أحد أهم هذه التحولات التي أحدثها الربيع العربي، هو في علاقة الشعب بالحاكم، أو لنقل في نظرة الشعب للحاكم، كان يغلب على هذه العلاقة الطابع الأبوي في النظرة إلى الحاكم في بعض الدول العربية، خصوصاً الدول ذات الطابع الملكي، وبنسبة أقل في بعض "الجمهولكيات". كان الحاكم في الوجدان والمخيال الشعبي للمجتمعات العربية هو الأب للجميع، والأب مهما فعل في أبنائه يظل أباً، شعوب الجمهوريات تخلصت من هذه النظرة بأغلبيتها.

ولا يخفى على أحد أن ثورات الربيع العربي، منذ انطلقت، كانت محصورة في الجمهوريات، لكن الاهتمام والتأييد والمساندة الوجدانية لها شملت كل الدول العربية. هذه المساندة والروح الجديدة التي تدفقت في وجدان الشعوب العربية، وأثارت، في ما أثارت، ردات فعل على مستوى الأنظمة السياسية، فأيدت بعضها الثورات، وبدأت بعضها العمل الدؤوب على إفشالها.

والشعوب تراقب العمل على إفشال الثورات التي أيدتها هي، وهذا أحدث فجوات في نظرة الشعوب لأنظمتها السياسية، وكلما كانت المعلومات تتكشف عن الأدوار في عمليات الانقلاب ومحاولات الانقلاب والتخريب، كانت الشكوك والفجوات تزيد. وأضاف ذلك كله عوامل عديدة، أصبحت تساهم في تشكيل النظرة الجديدة إلى الحاكم، في وقت لم يعد فيه هو يلتفت للرأي العام في بلده، ولا يدرك الفجوة التي تتسع بينه وبين شعبه، والغريب أنه لم يعد حتى حريصاً على الاهتمام بردود الأفعال تجاه تلك السياسات، أو تجميلها بمرئيات، أو خطابات تحقق مقبولية ما، حتى لدى مؤيديه. 

وجاء العدوان على غزة، حيث شكل عاملاً مهماً في توسيع الفجوة، وأظهر ما كان مخفياً، أو يقال على استحياء، وبطرق غير مباشرة، تجاه دور الحكومات في نصرة القضايا العربية. وأصبحت المصلحة الآنية الخاصة، لبعض الأنظمة، في منع حرية الشعوب، مقدمة على كل المبادئ التي كانت تقدم هذه الأنظمة نفسها نصيراً لها، وعلى رأس ذلك قضية العرب الأولى، وهي قضية فلسطين، ما جعل نسبة كبيرة من الشعوب تضع أنظمتها في صف داعمي العدوان على غزة، مباشرة وغير مباشرة. وهذا أثره مدمر جداً، ليس على شعبية الأنظمة، فهي كانت تتدهور قبل ذلك، وزاد تدهورها بعد العدوان.

بل الأثر أصبح يطال الشرعية الشعبية والدينية التي تمثلها هذه الأنظمة لدى شعوبها، وإن كان هذا الحديث مازال همساً، فقد لا يكون أمامنا وقت طويل قبل أن نسمعه علناً، وهذا يمس ركناً مهماً قامت عليه هذه الأنظمة، وأساس شرعيتها هو القبول الشعبي والدور التاريخي لها في إنشاء هذه الدول واستمرار هذا الدور.

فهل يحمل لنا المستقبل القريب انفصالاً تاماً بين خيارات ورؤية الشعوب لنفسها، وبين حكامها، أم يتدارك هؤلاء، ويحافظون على ما بقي من شعبية وشرعية بالعودة لشعوبهم، في الخطاب والممارسة السياسية داخلياً وخارجياً، والبدء بمشروع سياسي جديد، يعيد تصحيح المسار نحو قيادة حقيقية لخيارات الشعوب!

 

* كاتب سعودي

  كلمات مفتاحية

«المرزوقي»: ثورة تونس لم تحقق أهدافها حتي الآن