استطلاع رأي

أي من هذه الدول تمارس الدور الأكثر إيجابية في حرب غزة؟

السعودية

مصر

قطر

إيران

تركيا

أهم الموضوعات

طبقات اليمين الإسرائيلي وبصيرة دا سيلفا

عن أوهام التفاؤل الأميركي

أزمة اقتصاد مصر وانتظار الفرج من الخارج

نحو وقف الحرب على غزة

سيناريو اليوم التالي للحرب

مرحباً أميركا ... مرحباً عنصرية!

الخميس 4 يونيو 2020 04:27 م

مرحباً أميركا ... مرحباً عنصرية!

أميركا تناقض نفسها بنفسها لتقنع العالم أنها سيدة العالم رغم كل شيء!

واقعة تعيدنا إلى نقطة الصفر في تاريخنا البشري لتذكرنا بأصل الصراع حول كل شيء بسبب العنصرية!

فلويد لم يحمه استسلامه من خنق استمرّ أكثر من ثماني دقائق لفتت نظر المارّة وتعاطفهم ومطالبتهم الشرطي برفع ركبته عن عنقه دون جدوى.

*     *     *

كالعادة .. عادت القشة مرة أخرى لتقصم ظهر البعير، أو لعلها تحاول! ولأن التاريخ مليء بأكوام من القش التي قصمت ظهور قطعان من البعران على مدى التاريخ، فالأمر يبدو طبيعياً جداً!

لكن غير الطبيعي إلى حد ما، هذه المرة، أنه يتعلق بالعنصرية الفردية بسبب اختلاف لون البشرة وما وراءه من معانٍ دفينة، ويحدث في أميركا حيث سيادة القانون وانتشار مفهوم حقوق الإنسان في العصر الحديث، وحيث وصل ذوو البشرة السمراء فيها إلى المنصب الرسمي الأول.. الرئيس! لكن "لكل شيءٍ إذا ما تمّ نقصان"، وفي أميركا لا شيء يتم أساساً!

القشة الأميركية أخيراً مواطن أميركي ضخم الجثة طوله متران، لكنه قضى نحبه خنقاً تحت ركبة شرطي أميركي قبض عليه بتهمة تزوير عملة من فئة عشرين دولاراً، اتضح لاحقاً أنها غير مزوّرة. التهمة عادية، والمتهم استسلم لمحاولة القبض عليه، لأنه كما يبدو كان واثقاً من براءته، وتفاهة التهمة وسهولة الخلاص منها.

ولهذا لم يبد أي مقاومة، رغم ضخامته الجسدية. لم يحمه استسلامه من الخنق الذي استمرّ ما يزيد على ثماني دقائق، كانت كافية للفت نظر المارّة وتعاطفهم ومطالبتهم الشرطي برفع ركبته عن عنق الرجل من دون جدوى.

واضحٌ، إذن، أن الأمر كان سلوكاً معتاداً، لا للشرطي وحسب، بل لرفاقه أيضاً، فالأمر بدا بالنسبة إليهم طبيعياً جداً تحت عدسات التصوير.

حادثة القشة، هذه المرّة إذن، حدثت في الولايات المتحدة الأميركية التي لا تجري فيها الأمور على نحو عشوائي، وإن بدت كذلك أحياناً. أما البعير فهو ترامب، وحكومته كلها أو نسقه السياسي الكامل كله، بعيداً عن التصنيفات الحزبية وخارجها، وبالتالي فقد تعدّت التداعيات الأراضي الأميركية إلى العالم كله.

لا بد أن كثيرين، وهم يتابعون تداعيات واقعة مقتل الأميركي ذي الأصول الأفريقية، جورج فلويد، خنقاً تحت ركبة الشرطي الأميركي الأبيض، تذكروا حوادث أخرى مشابهة، أشعلت برمزيتها الشوارع، وصولاً إلى الثورات، وما شرارة الربيع العربي التي أطلقتها صفعة المواطن التونسي، محمد البوعزيزي، على يد مواطنته الشرطية، بعيدة.

جورج فلويد الذي اضطررت للتذكير بأصله الأفريقي، ولم أكتف بذكر جنسيته الأميركية، كما فعلت بالتذكير بلون بشرة قاتله، ولم أكتف بجنسيته الأميركية أيضاً، لأن لهما علاقة مباشرة لا تخفى على أحد أبداً، ممن تابع ويتابع الحدث المستمر في شوارع أميركا..

وآخر جملة قالها فلويد، قبل أن تزهق روحه خنقاً؛ "لا أستطيع أن أتنفس"، تستطيع أن تعيدنا إلى نقطة الصفر في تاريخنا البشري، لتذكرنا بأصل الصراع حول كل شيء بسبب العنصرية.

قال كثيرون إننا، نحن العرب، مثلا، ننتقد العنصرية في أميركا متجاهلين ما يحدث في بلداننا العربية من انتهاكات صارخة لحقوق الإنسان وللعنصرية بأشكال وألوان مختلفة، ليست بالضرورة عنصرية ألوان البشرة ومعانيها الحقيقية العميقة، ولكنها تتعداها في آثارها ضد الإنسان المختلف.

هذا صحيح، لكننا نفعل ذلك على الأقل لأنها أميركا، أرض الحلم الإنساني، ومضرب المثل في الديمقراطية. أميركا المتحكمة في مصائر حكومات ما وراء البحار. أميركا التي تحتكر لنفسها شرح مفاهيم حقوق الإنسان، والمعايير الأخلاقية وتفرضها على الآخرين بأساليب عديدة.

أميركا التي تحرّك أساطيلها الجوية والبحرية من أجل مواطن واحد من مواطنيها، عندما يتعرّض لخطر ما في بلد ما من بلداننا، وهو ذاته المواطن، أو هكذا يفترض، الذي يمكن أن يقضي نحبه مخنوقاً تحت وطأة شرطتها.. بلا قانون ولا محاكمة. أميركا التي تناقض نفسها بنفسها لتقنع العالم أنها سيدة العالم، على الرغم من كل شيء!

* سعدية مفرح كاتبة وشاعرة وصحفية كويتية

المصدر | العربي الجديد

  كلمات مفتاحية

دورتموند الألماني يدين مقتل جورج فلويد في أمريكا