طوابير العاطلين.. المصير المنتظر للعمال المصريين العائدين من الخليج

الجمعة 12 يونيو 2020 04:41 م

تترقب مصر أزمة جديدة، مع عودة الآلاف من العمال المصريين في دول الخليج الذين تم إنهاء عقودهم بسبب أزمة كورونا، ما يهدد برفع معدلات البطالة في البلاد، ويزيد من طوابير العاطلين، التي باتت سمة لافتة في الشارع المصري.

وتحتل مصر مرتبة متقدمة في قائمة الدول المصدرة للعمالة لدول الخليج بنحو 6 ملايين عامل مصري، وفق بيانات رسمية.

وإلى جانب تفاقم أزمة البطالة في البلاد، ستعاني الخزانة المصرية من تراجع تحويلات المصريين، التي تشكل موردا مهما للنقد الأجنبي، وأحد مصادر الدخل القومي للبلاد.

وخلال العام الماضي، بلغت تحولات المصريين في الخارج 26.4 مليار دولار، بما يعادل يعادل 9% تقريبًا من إجمالي الناتج القومي المصري.

وتعادل تحويلات المصريين في الخارج خمس أضعاف عائدات قناة السويس (حوالي 5.8 مليار دولار)، وأكثر من ضعفي عائدات السياحة (13 مليار دولار سنويا).

خريطة العاملين

وتحتضن المملكة العربية السعودية وحدها نحو 3 ملايين عامل مصري، في تخصصات مختلفة، من أبرزها الطب والهندسة والصيدلة والتدريس والمقاولات ومهن حرفية عدة.

وتأتي الإمارات ثانيا بواقع 765 ألف مصري يعملون على أراضيها، بينما يعمل في دولة الكويت نحو 643 ألف مصري.

وفي سلطنة عمان هناك 560 ألف مصري، بينما في قطر يوجد نحو 230 ألف، وفي البحرين 210 آلاف مصري، بحسب بيانات الجهاز المركزي المصري للتعبئة العامة والإحصاء.

وبالنظر إلى تداعيات أزمة فيروس "كورونا"، وانهيار أسعار النفط، ستكون العمالة الوافدة، أيا كان جنسيتها الضحية الأولى لقرارات الترحيل والتسريح.

ووفق رؤية أستاذ التخطيط والإدارة في جامعة عين شمس (حكومية) "شريف سامي"، سيدفع الركود الاقتصادي في دول الخليج، إلى تسريح العمالة الأجنبية الأعلى أجرا، ومنها بالطبع العمالة المصرية، والإبقاء على العمالة الأرخص كالهندية والبنجالية.

بطالة متزايدة

تفيد دراسة حديثة صادرة عن معهد التخطيط القومي في مصر، بأن معدل البطالة خلال 2020 سيرتفع إلى 16% مقارنة بمعدل بلغ 8% في نهاية 2019.

وتتوقع الدراسة الحكومية، عودة أكثر من مليون مصري من الخارج، خاصة من دول الخليج، بعد فقدان وظائفهم.

وإلى جانب هؤلاء، هناك توقعات متشائمة بفقدان حوالي 1.2 إلى 2.9 مليون مصري في الداخل وظائفهم، جراء سياسات الإغلاق وحظر التجول ووقف أنشطة ترفيهية عدة وتقليص عدد ساعات العمل، بسبب تفشي "كورونا".

وقدرت وزيرة التخطيط المصرية "هالة السعيد"، الشهر الماضي، أن 4.4 ملايين شخص من العاملين بالقطاع الخاص الرسمي وغير الرسمي فقدوا وظائفهم بسبب "كورونا".

وتعني تلك المؤشرات، الدفع بحوالي 12.5 مليون مواطن تحت خط الفقر، تأثرا بتداعيات الوباء العالمي، خلال العام المالي 2020-2021، وفق الدراسة.

الترحيل والتوطين

إلى جانب أزمة "كورونا"، هناك أزمة أخرى تلاحق العمالة المصرية، وهي رغبة حكومات الخليج في معالجة الخلل في تركيباتها السكانية، ومعالجة أزمة البطالة عبر تسريع وتيرة سياسات التوطين.

وتتوقع منظمة العمل الدولية أن يكون رحيل الوافدين أكبر من موجات الرحيل التي تلت الأزمة المالية في عامي 2008 و2009 وتراجع أسعار النفط عامي 2014 و2015.

ويقول خبير الهجرة إلى الدول العربية لدى منظمة العمل الدولية "ريشارد خولوفينسكي"، إن أعداد المغادرين من الإمارات والكويت وقطر "قد تكون كبيرة جدا"، وفق ما أوردته "رويترز".

وتتيح مادة "القوة القاهرة" في قانون العمل السعودي، للقطاع الخاص، تقليص رواتب العمال المحليين والمُغتربين بحد أقصى 40%، وإنهاء أي عقود عمل، حالة حدوث أزمات كبرى مثل جائحة "كورونا".

وفي الكويت، تتزايد دعوات ترحيل العمالة تحت شعار "الكويت للكويتيين"، وسط مطالبات بالحد من عمل الأجانب في البلاد، ووضع نسبة مئوية معينة لكل جالية قياسا بعدد سكان الكويت، على أن تكون حصة المصريين 10% فقط.

في هذا الصدد، يدرس مجلس الأمة الكويتي مشروع قانون؛ للاستغناء عن مليوني وافد لحل الأزمة الحالية، وخفض نسبة العمالة إلى 50% خلال 5 سنوات، وإصلاح التركيبة السكانية، وسد الفجوة بين المقيمين والمواطنين.

وتدرس الحكومة البحرينية منح العمالة السائبة مهلة لتصحيح أوضاعهم غير القانونية ومغادرة البحرين.

وفي سلطنة عمان، حظرت السلطات على شركات القطاع الخاص، تسريح الموظفين العمانيين جراء "كورونا"، بينما حثتهم على تسريح الموظفين غير العمانيين.

ومن الإمارات إلى قطر، تتوالى قرارات التسريح والاستغناء عن العمالة، وإنهاء التعاقدات، فضلا عن تأخر دفع الرواتب، ومنح أجازات دون راتب، بعد توقف النشاط الاقتصادي.

وتشن وسائل إعلام خليجية حملة شرسة ضد العمالة الوافدة، بشكل عام، ومنها المصرية، وتعتبرها سببا رئيسا لنقل عدوى فيروس "كورونا".

تصريحات دعائية

اللافت للنظر أنه في مواجهة المخاطر التي تهدد العمالة المصرية، يقوم النظام الحاكم بمواجهة الأزمة عبر تصريحات دعائية، لا تستند إلى برنامج عملي لتوفير فرص عمل للعائدين من الخارج.

وأعلنت وزارتا الهجرة والتخطيط، منتصف مايو/أيار الماضي، عن إعداد استبيان بيانات لتوزيعه على المصريين العائدين من الخارج، لتعظيم الاستفادة منهم، وبحث توفير فرص لدمجهم.

وقبل أسابيع، أعلنت وزيرة الهجرة وشؤون المغتربين "نبيلة مكرم"، أن المصريين العائدين إلى الوطن مطالبون بملء استمارة لتحديد مجال خبراتهم ومؤهلاتهم.

وأضافت "عبيد" أن الوزارة ستدرس كيفية الاستفادة من مهارات العائدين لتعود بالنفع على استراتيجية التنمية المستدامة (رؤية مصر 2030).

ومن المتوقع أن تشهد مصر موجة نزوح عكسية مع توالي فرض إجراءت التقشف في الخليج، وزيادة وتيرة سياسات التوطين، وفرض رسوم وضرائب على الوافدين، ما يعني أن أعداد العائدين ستفوق قدرة النظام المصري على توفير فرص عمل لاستيعاب العمالة العائدة.

ويزيد من هذا التحدي، انخفاض نسبة الطلب على العمالة المصرية في دول الخليج إلى 80%، بحسب رئيس شعبة شركات إلحاق العمالة بالخارج التابعة للغرفة التجارية في القاهرة "حمدي إمام".

من الواضح إذن أن "كورونا" سيكون سيفا مسلطا على رقاب العمالة المصرية، التي يبدو أنها أصبحت محصورة بين مطرقة فقدان العمل والترحيل، وسندان الوعود الحكومية البراقة التي تبشر بانضمام آلاف المصريين الجدد إلى طوابير البطالة.

المصدر | الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

رسوم العمالة نزوح العمالة عاطلين تسريح وافدين تسريح عمالة

هل تستغل حكومات الخليج كورونا للتخلص من العمالة الزائدة؟