إعادة تعريف النظام العالمي

الأربعاء 1 يوليو 2020 10:40 ص

إعادة تعريف النظام العالمي

وضع الوباء الاقتصاد الأمريكي في وحدة العناية المركزة حتى بات حاله أسوأ من منطقة اليورو أو الصين.

بما أن الاقتصاد الجيولوجي سيتداخل باستمرار مع الجغرافيا السياسية فستشتد المنافسة بين الصين والولايات المتحدة.

اختبره فيروس «كورونا» الثقة في قدرة أميركا واستعدادها لاستجابة موحدة لأي أزمة عالمية وكانت النتيجة مخالفة للتوقعات.

صناع السياسة الأميركية يواجهون تحديات اقتصادية وجيوسياسية حادة ويفكرون في فصل الاقتصادين الصيني والأميركي بعد انقضاء الوباء.

سيقع العبء الأكبر على عاتق الصين التي يُتوَقع أن تلعب دوراً أكبر في الساحة الدولية وتتحمل مسؤوليات أكثر في أوقات عدم اليقين والأزمات.

*     *     *

تنبأ نقاد غربيون قبل 10 سنوات بتحول كامل في النظام الاقتصادي العالمي تجاه محورهم، وإلى الجانب الآخر من الأطلسي، ولكن في الواقع لم يتغير شيء مهم.

ورغم عدم قدرتنا على معرفة المستقبل فإننا نكاد نجزم بأن وضع الصين بعد الوباء سيكون مختلفاً تماماً.

لقد وضع الوباء الاقتصاد الأمريكي في وحدة العناية المركزة، حتى بات حاله أسوأ من منطقة اليورو أو الصين. ومما لا شك فيه، أن الدور الذي لعبته الولايات المتحدة كزعيم عالمي على مدى العقود السبعة الماضية، كان قائماً على قوتها الاقتصادية والعسكرية.

وهناك عامل آخر، ربما له نفس الأهمية، هو الثقة في قدرة الولايات المتحدة واستعدادها لاستجابة موحدة لأي أزمة عالمية، وهذا بالضبط ما اختبره فيروس «كورونا» خلال الأشهر الماضية، وكانت النتيجة مخالفة للتوقعات.

تزامن هذا الأمر مع اندلاع احتجاجات مناهضة للعنصرية بالصدفة في البلاد، وبات ذلك يمثل قلقاً آخر للإدارة الأمريكية، ووجه ضربة قوية لصورتها العالمية، خاصة في ضوء المرونة الاقتصادية للصين وقوتها الاستراتيجية المتنامية.

وهناك سبب للاعتقاد بأنه في المدى المتوسط إلى الطويل، سيعود الاقتصاد الصيني إلى مسار النمو القوي.

خلال الأزمة الحالية أطلقت الصين حملات دبلوماسية، وعقدت اجتماعات افتراضية متعددة الأطراف، وتبادلت مع البلدان والمنظمات الدولية تجاربها في مكافحة الفيروس، وساعدت بلداناً أخرى على احتواء الوباء.

لذلك فإن صناع السياسة في الولايات المتحدة يواجهون، بشكل أكثر حدة من قبل، تحديات اقتصادية وجيوسياسية، ويفكرون في فصل الاقتصادين بعد انقضاء فترة الوباء.

لكن فصل الاقتصادين يمكن أن يؤدي إلى عودة ظهور الكتل التنافسية، كما كان الحال خلال الحرب الباردة، في حين تعمل الصين على تكثيف مجالات اهتماماتها الهادفة إلى تقريب الاقتصادات عبر آسيا وإفريقيا، وأجزاء من أوروبا.

كما أثبتت بعض الشركات الصينية الرائدة مثل «هواوي» أنها أكثر قدرة على التأقلم مع الفصل المحتمل بين الاقتصادين الأمريكي والصيني، ولكن بما أن الاقتصاد الجيولوجي سيتداخل باستمرار مع الجغرافيا السياسية، فإن المنافسة بين الصين والولايات المتحدة ستشتد.

وفي حين أن المشكلة الأساسية بين الولايات المتحدة والصين هي افتقاد الثقة المتبادلة؛ الأمر الذي يبشر بسوء للتوافق السلمي، فإن المواجهة الاقتصادية بين الجانبين ليست «حتمية استراتيجية».

وعلى الرغم من أن اقتصاداتهم مرتبطة بقوة، بالاقتصاد الصيني، فقد يطلب الرئيس الأمريكي من حلفائه الأوروبيين وكندا واليابان وكوريا وأستراليا، أن يختاروا بين بكين وواشنطن. وقد تعيد الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي التفكير في علاقاتها الشاملة مع بكين ومعايرتها من جديد.

إن العبء الأكبر يقع على عاتق الصين الآن، التي من المتوقع أن تلعب دوراً أكبر في الساحة الدولية، وسيتعين عليها تحمل مزيد من المسؤوليات في أوقات عدم اليقين والأزمات.

المصدر | صحيفة "تشاينا ديلي"

  كلمات مفتاحية

بلينكن: بعض التصرفات الأمريكية قوضت النظام العالمي