اتهامات التحرش الجنسي تلاحق الحقوقيين في مصر

الأحد 19 يوليو 2020 09:31 ص

تشهد مصر، حالة من الجدل بطلها التحرش الجنسي، ولكن هذه المرة مرتبط بقطاع الحقوقيين الذين تصاعدت خلال الأيام الماضية، القصص حول تورط بعضهم في تحرشات جنسية مر على بعضها سنوات.

وعلى خلفية هذا التصاعد، أعلنت مراكز حقوقية وقف وفصل عدد من أعضائها، وسط تساؤلات حول تأثير هذه الاتهامات على عملهم، في ظل التضييق الذي يتعرضون له.

وخلال الأيام القليلة الماضية، أثارت مواقع التواصل الاجتماعي قصصا عن التحرش الجنسي، فجرتها واقعة التحرش الشهيرة لطالب الجامعة الأمريكية "أحمد بسام زكي"، وككرة ثلج، شجعت الناجيات بعضهن بعضاً في سرد المخفي من وقائع التحرش الجنسي اللفظي أو الجسدي.

"ظللت أنكر ما حدث وأحاول أن أتناساه لكن الألم النفسي كان يلاحقني".. بهذه الكلمات بررت "بسنت عبدالوهاب"، حديثها مؤخرا عما جرى لها منذ عدة سنوات، لافتة إلى أن "الواقعة لم يندمل ألمها بعد.

وأضافت: "انتشار شهادات الفتيات أمامها وكشفهن عن حوادث تحرش داخل المجتمع الحقوقي، شجعها على المضي قدما لتغيير الوضع".

"بسنت"، حظيت بدعم أصدقائها وعائلتها، التي لم تعرف الأمر في البداية، لتنشر شهادتها بهدف تحذير الفتيات من المتحرش، لكنها فوجئت حسب قولها، بأخريات يتحدثن عن مضايقات من نفس الشخص، وصدمتها عندما علمت أنه يستغل عمله بالمجال الحقوقي في ممارسة هذا السلوك.

وجمعت "بسنت" شهادات لأخريات مشيرة إلى أن "بيننا شيء مشترك، وهو أن هذا الشخص يجذب البنات متخفيا وراء المبادئ الحقوقية، ويتحول إلى معتد لا يحترم حريتهن، وسنقدمها للجنة التحقيق".

وتابعت: "وجدت أنه استخدم نفس الطريقة مع الفتيات لجذبنا إليه مثل: أنا مناضل وحقوقي وتعرضت للحبس وأحترم حرية المرأة"، في المقابل تنظر إليه الفتاة على أنه سيوفر لها مساحة آمنة ويحترم قراراتها وكلمة (لا)، لكن "تفاجئنا بعقلية ذكورية متناقضة المبادئ".

وأمام ما ذكرته "بسنت"، أعلن "المركز الإقليمي للحقوق والحريات" وقف الموظف محل الاتهام عن العمل للتحقيق، وهو ما اعتبرته الفتاة العشرينية، "خطوة إيجابية للغاية، بعكس ما كان يحدث سابقا من تغاضي عن وقائع اعتداء وتحرش داخل مؤسسات حقوقية والضحايا لم يجدوا عدالة أو دعم حقيقي".

لم يقف الأمر عند هذه الواقعة، بل خرجت ناشطات وعاملات في المجتمع المدني، لتكشفن عن تعرضهن لانتهاكات جنسية مارسها عاملين بعدة مؤسسات، مثلما حدث مع مؤسسة "حرية الفكر والتعبير"، فصل مدير وحدة الأبحاث لديها، بعد اتهامات له بالتحرش.

واعتذرت المؤسسة بشدة عن "عدم وضع سياسة لمكافحة التحرش الجنسي والتمييز خلال السنوات السابقة".

 

كما أوقف مركز حقوقي ثالث، وهو مركز "بلادي للحقوق والحريات"، مدير إحدى برامجه، عن العمل بعد اتهامه أيضا بالتحرش.

 

كما ألقت قوات الأمن المصرية، القبض على الناشر المعروف "محمد هاشم"، صاحب دار "ميريت" للنشر، تنفيذاً لقرار ضبط وإحضار صادر بشأنه من النيابة العامة، بدعوى اتهامه بالتحرش ببعض الفتيات أثناء وجودهن في الدار.

تلك الوقائع ليست الأولى داخل المجتمع الحقوقي، فقد سبق وأتهم المحامي الحقوقي البارز والمرشح الرئاسي السابق "خالد علي" ومحام آخر بالتحرش الجنسي، واغتصاب موظفة بـ"المركز المصري للحقوق الاقتصادية والاجتماعية".

وبعد تحقيق داخلي تمت تبرئة ساحة "علي"، فيما أدين موظف المركز الآخر بارتكاب "سلوك مشين"، وهي الواقعة التي تسببت في استقالة "علي" من عضوية حزب "العيش والحرية"، وكذلك من عمله كمستشار للمركز في فبراير/شباط عام 2018.

من جانبها، قالت المحامية ورئيسة المركز المصري لحقوق المرأة "نهاد أبو القمصان": "الحقيقة ما حدث أمر مشين للغاية"، لافتة إلى أن الحقوقي ومبادئه يرفض ذلك السلوك، "بل إن دوره هو التوعية به".

وأضافت: "هذه "جريمة مركبة ومزدوجة على المستويين المهني والأخلاقي".

لكن البعض ربط تلك الوقائع بما أسماها التضييقات التي تمارسها السلطات على المراكز والجمعيات الحقوقية، وأنها تأتي في إطار حملة لتشويه لهذه المؤسسات.

فقال المحامي وعضو المجلس القومي لحقوق الإنسان (حكومي) "ناصر أمين"، إن "جريمة التحرش بالغة السوء وتعكس أزمة مجتمعية كبيرة للغاية ترتبط بأوضاع المرأة في مصر".

وأضاف: "لكن ربط التحرش بالمجتمع الحقوقي محاولة لتصفية الحسابات"، بهدف تشويهه حيث تتعرض المنظمات لتضييقات وملاحقات قضائية منذ سنوات.

وزاد "أمين": "التحرش يحدث في المؤسسات الحقوقية مثل كل المؤسسات العامة والخاصة، وبالتالي علينا أن نكون موضوعيين، (ويجب) أن تتعامل المؤسسات الحقوقية بشفافية إزاء هذا السلوك وتعلن الحالات التي لديها".

وذكر أن "المجتمع الحقوقي قادر على أن يتحمل هذا النوع من الاتهامات وأن يتصدى لهذا الحملات رغم قسوتها، وأن يكون قدوة في أن يضع قواعد لضبط هذا السلوك وحماية العاملين والعاملات أو هذا المجال".

الأمر ذاته، ذهبت إليه "نهاد"، حين قالت: إن السلطة استهدفت المجتمع الحقوقي بشتى الطرق والحملات العلنية، لكن ربط ذلك بقضية التحرش "خلط الأوراق ببعضها وهروب من الواقع".

ورأت أن منظمات المجتمع المدني مثل أي مؤسسة مصرية تحتاج لبناء سياسة لمكافحة التحرش، داعية في الوقت نفسه، إصدار قانون مجتمعي شامل بلائحة تنفيذية لمواجهة الظاهرة.

وحسب خبراء، تتعرض النساء في القاهرة للتحرش يوميا، خاصة في ظل تردي الأوضاع الاقتصادية، فنسب البطالة العالية تعني فرص أقل أمام النساء لكسب استقلالهن المادي، إضافة إلى أعداد كبيرة من الرجال المحبطين والعاطلين عن العمل لا سيما الشباب.

كما أن هذا الفقر الاقتصادي، يعني أيضا أن خدمات الصحة في البلاد قد ساء وضعها، وكلها أمور تزيد من هذه الظاهرة.

ويشدد ناشطو مواقع التواصل، على أهمية تغليظ العقوبة على المتحرشين وتطبيقها بحزم، لكنهم ينادون قبل ذلك بإصلاح المشكلة من جذورها، المتمثلة في غياب الثقافة.

ويقول الناشطون، إن الثقافة المنتشرة حاليا في الإعلام تغذي الغرائز، ويظهر ذلك في كلمات الأغاني والحوارات في الأفلام والمسلسلات.

المصدر | الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

حقوقيون مصريون ناشطون حقوقيون التحرش الجنسي في مصر التحرش في مصر

الإفتاء المصرية: التحرش من الكبائر وعقابه شديد

مصر تقر تعديلا قانونيا يضمن سرية بيانات ضحايا الجرائم الجنسية

مصر.. وائل عباس يرد على اتهامات التحرش الجنسي ووالدته تدافع عنه