ماذا وراء الاتفاق الاستراتيجي بين إيران والصين؟

الأربعاء 22 يوليو 2020 11:24 م

تسلط إيران والصين الضوء على محادثاتهما حول اتفاقية شراكة طويلة الأمد حتى قبل ظهور أي تفاصيل عنها بشكل رسمي.

وجاء الضوء الأخضر لهذه المفاوضات بعد فترة وجيزة من الانتهاء من الاتفاق النووي الإيراني في عام 2016، عندما زار الرئيس الصيني "شي جين بينج" إيران في زيارة تاريخية والتقى المرشد الأعلى "علي خامنئي".

وفي ذلك الوقت، أصدر البلدان بيان تحدث عن نوايا لمتابعة شراكة أكثر رسمية.

وبحسب مسؤولين إيرانيين، وافقت حكومة الرئيس الإيراني "حسن روحاني" على خارطة طريق للشراكة قبل بضعة أسابيع، تتبعها مفاوضات أخرى مع الصين.

وينطوي الاتفاق الأخير بين البلدين والذي تقول الأنباء أن مدته 25 عاما، على أبعاد سياسية واقتصادية وأمنية وجيوسياسية مهمة.

وقد يستغرق الإعلان عن تفاصيل الاتفاق شهورا. 

وفقا للأخبار المتداولة في وسائل الإعلام ومسودة مسربة، فقد تم تصميم الصفقة لتمهيد الطريق لاستثمارات صينية كبيرة في قطاعات إيران المهمة استراتيجيا، بما في ذلك النقل والطاقة والاتصالات والسياحة والرعاية الصحية.

ويشاع أن الاتفاق ينطوي على التعاون الأمني ​​وتبادل المعلومات الاستخباراتية.

ومن المرجح أن يكون أي تعاون عسكري وأمني إيراني-صيني بطيئا، لكن سينظر إليه الغرب على أنه خطوة استفزازية.

وعندما اتخذت إيران والصين وروسيا خطوة غير مسبوقة في 2019 لإجراء تدريبات بحرية مشتركة، أوضح خبير أمني صيني في مناقشات مع المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية أن الأمر كان يتعلق بإرسال رسالة إلى الولايات المتحدة أكثر بكثير من شهية بكين للمشاركة بشدة في العمليات الأمنية مع إيران.

وتتمتع طهران وبكين إلى حد كبير بعلاقة براجماتية ذات توجه تجاري وغير أيدولوجي مع بعضهما البعض.

وتتفهم إيران تماما تداعيات صعود الصين السريع كقوة عالمية. وفي ضوء التأثير واسع النطاق للعقوبات الأمريكية على التجارة الأوروبية مع إيران، ينظر القادة الإيرانيون الآن إلى الصين باعتبارها القوة العالمية الرئيسية الوحيدة التي يمكنها تحدي الهيمنة الاقتصادية الأمريكية، وبالتالي تزويد بلادهم بالحماية الاقتصادية والسياسية ضد الضغوط الأمريكية المتصاعدة.

وفي الوقت نفسه، تدرك الصين أن إيران قوة إقليمية رئيسية تقع على مفترق طرق الشرق الأوسط وآسيا الوسطى، وهي منطقة مهمة لمبادرة "الحزام والطريق".

وبينما تصنف طهران الصين كواحدة من أكبر شركائها التجاريين، لا يزال لدى إيران الكثير من الإمكانات غير المستغلة للاستثمار الأجنبي، وهو أمر يمكن لبكين الاستفادة منه.

وبعد زيارة "شي" عام 2016، كانت المحادثات حول اتفاقية الشراكة بطيئة. وأكد الخبراء الصينيون أن الحكومة الصينية والجهات التجارية الفاعلة شعرت بخيبة أمل من أنه بعد الاتفاق النووي، بدت إيران مصرة على جذب الشركات الأوروبية والأمريكية على حساب نظيراتها الصينية.

وانقلب الوضع ضد إيران عندما انسحبت إدارة "ترامب" في عام 2018 بشكل متهور من الاتفاق النووي وأعادت فرض العقوبات على إيران.

كما اتضح من المناقشات مع الخبراء والمسؤولين الصينيين أن بكين غير مستعدة حتى الآن أن تكون علاقاتها مع طهران مصدر تهديد لمحادثاتها التجارية الحساسة مع الولايات المتحدة.

ووفقا لمحاورين إيرانيين، بعد انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي، بدأت الصين في فرض عمولات كبيرة على الممثلين الإيرانيين مقابل الوصول إلى شبكاتها المالية.

وبحسب ما ورد، تراجعت بعض البنوك الحكومية الصينية عن معظم أعمالها مع إيران.

وفي أكتوبر/تشرين الأول، انسحبت الصين من مشروع كبير للغاز في إيران.

علاوة على ذلك، بعد أن حاولت الولايات المتحدة فرض حظر نفطي على إيران في مايو/أيار 2019، انخفضت مشتريات الصين من النفط الإيراني، بالرغم أن الصين لا تزال الوجهة الأولى لصادرات النفط الإيرانية.

ويبدو الآن أنه في العام الماضي، سارعت إيران والصين، وكلاهما كان في وضع غير مستقر مع إدارة "ترامب"، إلى تسريع محادثاتهما.

وبالنسبة لإيران، فإن إضفاء الصفة الرسمية على علاقاتها الثنائية مع الصين بطريقة أكثر واقعية يمكن أن يحقق فوائد اقتصادية ملموسة بالإضافة إلى خدمة أهدافها الجيوسياسية.

ويمكن لاتفاقية الشراكة طويلة الأجل أن تثبت الالتزامات الصينية بطرق تساعد طهران على المطالبة بتعاون اقتصادي أكبر مع بكين، وتضمن أن التصريحات النبيلة حول أهمية إيران لمبادرة "الحزام والطريق" الصينية يمكن ترجمتها إلى مشاريع في إيران تخلق فرص عمل للإيرانيين.

كما أن للاتفاق الإيراني الصيني بعد سياسي كبير. وبالنسبة لطهران، فإن متابعة هذه الشراكة تتعلق ببكين بقدر ما تتعلق بواشنطن.

وتراهن إيران على اشتعال المنافسة بين الولايات المتحدة والصين على الهيمنة العالمية خلال الأعوام القادمة.

وتتيح المفاوضات بشأن الاتفاق الإيراني الصيني لإيران فرصة للفت انتباه الدول الغربية بينما تناقش علاقاتها الاقتصادية مع الصين.

ويمكن أن يوفر ذلك لإيران بعض أوراق المساومة المفيدة في المفاوضات المستقبلية مع أوروبا والولايات المتحدة بشأن تخفيف العقوبات؛ حيث يمكن لطهران أن تصور نفسها كقوة موازنة في علاقات العواصم الغربية مع بكين وموسكو.

وتتطلع إيران إلى كل من الصين وروسيا للحماية من الضغط الأمريكي على الأمم المتحدة، وسوف تضغط من أجل استجابة جريئة منهما إذا أقدمت إدارة "ترامب" على طلب تمديد عقوبات الأمم المتحدة بشأن تصدير الأسلحة إلى إيران.

وأصبحت الصين مدافعا أكثر صخبا عن إيران في الوكالة الدولية للطاقة الذرية، حتى أنها أحبطت الشهر الماضي قرارا بقيادة أوروبية لتوبيخ إيران.

وسعت إيران إلى استبدال عضوية "مراقب" التي تحظى بها في "منظمة شنجهاي للتعاون" بعضوية كاملة، وهي خطوة تتطلب موافقة الصين.

كما يلعب حماس إيران لاتفاقية الشراكة مع الصين دورا كبيرا في السياسة الداخلية.

ولطالما كان المرشد الأعلى مؤيدا لتشكيل تحالفات استراتيجية أكثر مع القوى غير الغربية، التي اعتبرها أكثر جدارة بالثقة من الولايات المتحدة أو أوروبا، وهو الشعور الذي أصبح أقوى بعد الانسحاب الأمريكي من الاتفاق النووي.

وبالرغم أن الرئيس "حسن روحاني" ضغط من أجل الانفتاح على الغرب، لكنه دعم أيضا تكاملا أكبر مع الاقتصادات الآسيوية مثل الصين واليابان وكوريا الجنوبية.

وكان معلمه، الرئيس السابق "أكبر هاشمي رفسنجاني"، من المدافعين الرئيسيين عن نمذجة الاقتصاد الإيراني على غرار اقتصاد "دنج شياو بينج"

ويحاول "روحاني" إحياء إرثه نظرا لدخوله العام الأخير من إدارته. وبعد المحاولة الفاشلة لإعادة فتح الاقتصاد الإيراني على الغرب بعد الاتفاق النووي، يتطلع الآن إلى تعزيز ترتيب عادل مع القوة العالمية الرئيسية الوحيدة التي يمكن أن يتناسب وزنها الاقتصادي مع الولايات المتحدة أو أوروبا.

وبعد أعوام من مهاجمته لانفتاحه على الغرب، فإن خصوم "روحاني" المحليين، الذين يتطلعون إلى الترشح للرئاسة عام 2021، يهاجمونه الآن لإجراء مفاوضات "سرية" مع الصين.

وسوف تتطلب مثل هذه الصفقة الكبرى موافقة البرلمان الإيراني الجديد المحافظ للغاية، وقد أعرب بعض أعضاؤه بالفعل عن معارضة شديدة لهذه الخطوة.

ويوجد أيضا نقاش عام مستقطب حول تعميق العلاقات مع الصين.

ومع ذلك، سيتم توقيع الموافقة النهائية بشأن مشاركة إيران في الصفقة من قبل المرشد الأعلى.

وستستفيد كل من إيران والصين من إطار رسمي طويل الأمد ينظم علاقاتهما الثنائية.

وفي حين أنه من شبه المؤكد أن الاتفاق الشامل سيجعل شراكتهما أقوى، إلا أنه من غير المرجح أن يتطور إلى تحالف استراتيجي كامل.

ومن الواضح أن مثل هذه الخطوة ستواجه مقاومة قوية من داخل إيران.

وستحتاج الصين، التي لم تعلق بشكل جوهري بعد على الصفقة، إلى الموازنة بعناية بين العلاقات المتعمقة مع إيران ومخاوف (إسرائيل) والسعودية والإمارات، وهي الدول التي أصبحت في الأعوام الأخيرة شركاء اقتصاديين مهمين في الشرق الأوسط.

ومن غير الواضح إلى أي مدى سيكون القطاعان التجاري والمصرفي في الصين على استعداد للتعامل مع إيران تحت تهديد العقوبات الأمريكية. علاوة على ذلك، فإن مدى تطوير بكين وطهران لهذه الشراكة مرتبط بمصير علاقاتهما مع واشنطن.

المصدر | إيلي جرانمايا/المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية - ترجمة وتحرير الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

الاتفاق الإيراني الصيني العلاقات الإيرانية الصينية العقوبات الأمريكية

كيف ساهم ترامب في تعزيز علاقات إيران والنظام السوري مع الصين؟

إيران تنفي بيع حقول نفط للصين: الوثيقة تم تحريفها

كيف توازن الصين بين علاقاتها مع إيران ودول الخليج؟