الشيخ سعود المريبض رجل أعمال سعودي مرموق، لم يكن همه الأول والأخير تعظيم أرباح تجارته والتباهي بركوب السيارات الفاخرة في وطنه أو في غربته، كما يفعل الكثير من رجال الأعمال من أهل مجلس التعاون الخليجي.

لم يكن أبناؤه المتحلقون حوله في لندن مهووسين كغيرهم من أبناء الذوات ورجال الأعمال بركوب السيارات الغالية جدا وذات الرقم السعودي الصغير (آحاد أو عشرات) ملحق بكلمة السعودية كما هو الحال عند الآخرين من أهلنا في خليجنا العربي.

الشيخ سعود لم يؤت من التعليم الرسمي إلا قليلا لأن التعليم في عصر شبابه لم يكن منتشرا كيومنا هذا، لكنه موسوعة تاريخية في بلاده اهتم بتعليم بنيه وتثقيفهم، وهكذا كان مجلسه أينما كان في غربته وفي وطنه.

(2)

أسس الشيخ سعود منتدى ثقافيا في بيته في مدينة الرياض يستضيف شهريا رجلا من رجال الفكر العربي المشهود له بالموضوعية والحكمة والمعرفة في مجال تخصصه من أي قطر عربي، ويرتاد منتداه الكثير من المشتغلين بالعلم والمعرفة ومتابعة أحداث العالم وتطوراتها، رجال أعمال وإعلام، أساتذة جامعات، وضباط كبار، وحتى السلك الدبلوماسي العربي والأجنبي المعتمد في الرياض، وقد قدر للكاتب أن يكون أحد ضيوف ذلك المنتدى، وكنت شاهد عيان على ذلك الجمهور الكبير الذي حضر في المنتدى، حوارات ومناقشات تدور في ذلك المنتدى دون تحفظ لكن دون تجريح أو إسقاط هنا أو هناك، يقول الشيخ الكريم سعود المريبض لكل الحضور: قل رأيك بكل حرية من أجل بناء الوطن والمحافظة على أمنه واستقراره.

(3)

لقد أرسى الشيخ سعود سابقة لم يسبقه رجل أعمال من دول مجلس التعاون، تلك السابقة الحميدة أنه انتقل بمنتداه الثقافي إلى بريطانيا، وعقد المنتدى في رحاب جامعة (دي مونت فورت في مدينة لستر المشهورة) ولم يعقدها في فندق، أي أنه ذهب إلى الطلاب في رحاب الجامعة، وكان ذلك بحضور ثلة من أهل القلم من كل دول مجلس التعاون الخليجي.

كان هدف الشيخ، بارك الله له فيما أعطاه، جمع طلاب الخليج دون تمييز المبتعثين في بريطانيا، وحضر في تقدير الكاتب أكثر من مئة طالب وطالبة مبتعثين من حكوماتهم لطلب العلم، تحمل مصاريف تنقلاتهم وإقامتهم ليتمكنوا من الحضور.

كان من أهدافه تقوية الروابط بين طلاب مجلس التعاون في غربتهم من أجل تقوية مجلس التعاون عند عودتهم وتسلم مراكز قيادية، وكان من بين أهدافه أيضاً أن يتيح الفرصة لالتقاء هؤلاء الطلاب مع نخبة من رجال القلم والفكر من أهل الخليج العربي، ليستفيدوا من تجاربهم عندما كانوا طلابا في الغربة إلى جانب أن يسمعوا ما يحاك ضد دولهم وأمتهم العربية والإسلامية.

إنه أراد تحصين هؤلاء الشباب من الوقوع في براثن الشائعات المغرضة عن بلدانهم وحكوماتهم كما أكد في كلماته لهم. لقد خاطب الطلاب مخاطبة الأب لأبنائه بكلمات بسيطة لكنها ذات دلالات كبيرة، قال: اهتموا بالتعلم والاستفادة من كل ما ترونه يصلح لبلادكم وانقلوه معكم لتبنوا وطنكم، ابتعدوا عن كل ما ينهاكم عنه دينكم، ابتعدوا عن الأفكار المضللة والمثبطة للعزائم.

وفي ختام الحفل قدم للطلاب المتفوقين جوائز مالية تشجيعية ودروعا تذكارية، وقام بجولة في المعرض الفني والثقافي والتراثي الذي أقامه الطلاب بمجهودات شخصية ودون عون من وزارات الثقافة المتعددة في دول مجلس التعاون وشجع وهنأ الجميع على جهودهم ووقف عند كل ركن من أركان المعرض الستة يشجع ويهنئ ويعانق هؤلاء الشباب على اتحادهم وتآخيهم وتوادهم.

(4)

هذه السنة الحميدة التي سنها الشيخ سعود المريبض هل يحاكيها رجال الأعمال الخليجيون الذين منَّ الله عليهم بسعة في المال ويعقد كل منهم مؤتمراً / ندوة لطلاب الخليج العربي في كل عاصمة أوروبية يتواجد فيها طلاب مبتعثون أو على نفقتهم الخاصة من أجل توحيد الصفوف لأبناء الخليج العربي وتحصينهم فكريا من أي أفكار تتعارض وثقافتنا وحضارتنا العربية انطلاقاً من غربتهم وابتعادهم عن الوطن.

هل يقوم رجل أعمال من دول مجلس التعاون بعقد ندوة فكرية اجتماعية سياسية في باريس وآخر يعقدها في إسبانيا وثالث في ألمانيا وهكذا لنتواصل مع طلابنا في غربتهم وتذكيرهم بأن على كل واحد منهم دوراً يجب أن يؤديه من أجل الارتقاء بمكانة أمتنا العربية والإسلامية، نتوسل في الذين حباهم الله بالمال الوفير أن يخصصوا جزءا مما رزقهم ربهم من أجل التواصل مع أبنائنا الذي يطلبون العلم خارج الحدود.

آخر القول: شكراً للشيخ سعود المريبض على مبادرته ونناشد رجال أعمالنا في كل دول مجلس التعاون أن يتبعوا سنته الحميدة في التواصل مع طلابنا في الخارج.