الإمارات وإيران: سلام بارد أم تقارب حقيقي؟

الأحد 16 أغسطس 2020 10:20 ص

في 2 أغسطس/آب، تبادل وزير الخارجية الإماراتي "عبدالله بن زايد" ونظيره الإيراني "محمد جواد ظريف" التهاني بعيد الأضحى المبارك وشاركا في محادثات ثنائية نادرة. وفي تغريدة عقب لقائهما الافتراضي، قال "ظريف" إنه ناقش ملف "كورونا" والأوضاع الثنائية والإقليمية والعالمية مع نظيره الإماراتي وأكد أنهما اتفقا على "مواصلة الحوار الإيجابي".

بالرغم من عدم الكشف عن تفاصيل محادثات "ظريف" مع "بن زايد"، إلا أن حوارهما يأتي بعد سلسلة من التطورات الإيجابية في العلاقات الإماراتية الإيرانية على مدار الثمانية عشر شهرًا الماضية. فقد رفضت الإمارات إلقاء اللوم على إيران في هجمات مايو/أيار 2019 على ناقلات النفط في الفجيرة واشتركت مع المسؤولين الإيرانيين في حوار حول الأمن البحري في أغسطس/آب 2019. وتلا ذلك الشحنات الإماراتية المنتظمة من المساعدات الطبية المتعلقة بالوباء إلى إيران، كما أن سحب القوات من جنوب اليمن، وتعزيز العلاقات مع النظام السوري يوضحان أيضًا رغبتها في تخفيف المواجهة مع إيران.

يهدف الانخراط المتزايد بين الإمارات وإيران إلى التخفيف من مخاطر اندلاع حرب إقليمية أوسع ولا ينبغي النظر إليها على أنها تنذر بتحسن جذري في علاقة أبوظبي بطهران. فبالرغم أن الإمارات دعمت بحماس استراتيجية "أقصى ضغط" التي أعلنها الرئيس الأمريكي "دونالد ترامب" تجاه إيران، إلا أنها شعرت بالقلق من المخاطر الأمنية التي تشكلها سياسة حافة الهاوية في الخليج العربي.

دفعت التهديدات التي أطلقها الحوثيون في اليمن ضد المدن الإماراتية ومخاوف الإمارات من أن عدم الاستقرار في الخليج من شأنه أن يؤثر على تدفقات رأس المال، ولي عهد أبوظبي "محمد بن زايد" إلى تبني دعوة دبي لضبط النفس تجاه إيران. وقد جسدت دعوات وزير الدولة الإماراتي للشؤون الخارجية "أنور قرقاش" إلى "الحكمة والحلول السياسية للتغلب على المواجهة والتصعيد" بعد وفاة "قاسم سليماني" في يناير/كانون الثاني الماضي، دعم الإمارات لضبط النفس الاستراتيجي.

من خلال تكثيف التواصل مع الإمارات، يبدو أن إيران تعتزم تأجيج الاحتكاكات بين الرياض وأبوظبي، مما قد يمنع كلا البلدين الخليجيين من تشكيل جبهة عسكرية موحدة ضد طهران في المستقبل. ادعى الصحفي الإيراني "آرش خليل كانيه" أن حوار "عبد الله بن زايد" مع "ظريف" يعكس قلق الإمارات المتزايد من "السياسات التوسعية والاستبدادية" لولي العهد السعودي وإيمانها بضرورة تحدي السعودية لتجنب أن تصبح وكيلاً على غرار البحرين.

وبالمثل، رأى السفير الإيراني السابق في الأردن ولبنان "أحمد دستملشيان" أن حوار "بن زايد" مع "ظريف" يعكس استياء الإمارات الطويل من السياسة الخارجية السعودية. ومع استمرار الخلافات بين السعودية والإمارات في اليمن، قد تحتضن إيران أبوظبي وتستمر في مقاومة الرياض.

بالإضافة إلى رغبتهما في منع اندلاع الحرب في الخليج العربي، استخدمت كل من الإمارات وإيران سياسة خفض التصعيد لتسليط الضوء على اهتمامهما بتعزيز الاستقرار الإقليمي وإعادة توجيه انتباههما نحو المزيد من التهديدات العاجلة.

وقد استخدمت الإمارات خفض التصعيد مع إيران لتسليط الضوء على دورها المحتمل في استقرار منطقة الخليج. ومع فشل الحوار بين الولايات المتحدة وإيران ورد أن الإمارات قد أولت اعتبارًا جادًا لمقترح الأمن الجماعي الروسي في الخليج. ويرى "عبد الخالق عبد الله"، أستاذ العلوم السياسية البارز المقيم في دبي، أن الإمارات يمكن أن تبرز كـ"وسيط موثوق لحوار جاد ومثمر بين إيران والخليج" وتعد الأساس للحوار بين الولايات المتحدة وإيران.

تدور شكوك كثيرة حول حقيقة النوايا الإماراتية مع مقاومتها لحل الأزمة الخليجية وسياساتها في اليمن، لذلك تستخدم أبوظبي تستخدم حوارها مع إيران لتقديم وجه إيجابي للمجتمع الدولي.

ونظرًا لأن الدعم العسكري الإماراتي للجنرال الليبي "خليفة حفتر" والتأثير الملحوظ على سياسات "ترامب" الأكثر عدوانية قد شوه صورت الإمارات داخل الحزب الديمقراطي في الولايات المتحدة، تأمل أبوظبي أن موقفها المعتدل تجاه إيران سيخفف الاحتكاكات مع إدارة "جو بايدن" المحتملة.

وبالمثل، استخدمت إيران انخراطها مع الإمارات لتصوير نفسها كصاحب مصلحة مسؤول في منطقة الخليج. 

في يونيو/حزيران 2020، صرح "يحيى صفوي"، مستشار المرشد الأعلى الإيراني للشؤون العسكرية، أن علاقة إيران مع الإمارات قد تحسنت ودعا إلى الحوار مع السعودية "دون شروط مسبقة". واعتبرت وكالة أنباء "انتخاب" الإيرانية لقاء "ظريف - بن زايد" خطوة إلى الأمام لمبادرة السلام الإيرانية والتي تدعو إلى إقامة علاقات ودية بين جميع الدول في منطقة مضيق هرمز. 

ويعكس السلام البارد بين الإمارات وإيران رغبة كلا البلدين في إعادة توجيه انتباههما نحو المزيد من التهديدات الفورية. فقد أدى الدعم التركي لحكومة الوفاق الوطني الليبية المدعومة من الأمم المتحدة إلى تعزيز العلاقات الثنائية بين الإمارات واليونان، ووصلت التوترات بين أبوظبي وأنقرة إلى مستويات جديدة حيث سعت الإمارات بنشاط إلى إعادة توجيه الاهتمام المحلي بعيدًا عن إيران للتركيز على تركيا، كما أقنعت السعودية بخطورة التهديد التركي.

ظهر التناقض بين تعامل الإمارات مع إيران والمواجهة مع تركيا في الأيام التي سبقت حوار "بن زايد" مع "ظريف". حيث أدان "قرقاش" "أوهام أنقرة الاستعمارية" في العالم العربي، وهي لازمة شائعة تستخدمها الإمارات لإدانة السياسة التركية.

ويشير دعم الإمارات لاتفاقية المنطقة الاقتصادية الخالصة لليونان مع مصر وانتشار التعليقات الإعلامية التركية الداعية إلى مقاومة السلوك الإماراتي العدواني إلى أن أبوظبي ستظل تركز على التهديد التركي على المدى القصير إلى المتوسط. وبناءً على ذلك، خففت الإمارات من التصعيد مع إيران لتجنب حرب بالوكالة على جبهتين في الشرق الأوسط، حتى لو كانت هذه السياسة تتعارض مع خطاب "التضامن العربي" الذي يبرر موقف أبوظبي في ليبيا.

بالرغم من وجود تفاؤل متزايد بشأن بزوغ فجر جديد في العلاقات الإماراتية الإيرانية، إلا أن الحوار المتزايد بين القوتين الإقليميتين مدفوع بالفوائد التكتيكية لخفض التصعيد، ورغبتهم في الظهور كصانعي سلام، ووجود تهديدات أكثر إلحاحًا.

وإذا أدى فوز "بايدن" إلى تجدد انخراط الولايات المتحدة مع إيران وتوتر العلاقات بين الولايات المتحدة والإمارات فقد يظل السلام البارد بين أبوظبي وطهران كما هو في المستقبل المنظور.

المصدر | صموئيل راماني - ريسبونسيبل ستيتكرافت- ترجمة وتحرير الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

العلاقات الإيرانية الإماراتية محمد جواد ظريف عبدالله بن زايد