بعد التطبيع مع إسرائيل.. هل تحصل الإمارات على أسلحة أمريكية متطورة؟

السبت 22 أغسطس 2020 08:00 م

بدا الإعلان عن التطبيع بين (إسرائيل) والإمارات وكأنه انقلاب في السياسة الخارجية، كان كل من الرئيس الأمريكي "دونالد ترامب" ورئيس الوزراء الإسرائيلي "بنيامين نتنياهو" في أمس الحاجة إلى مثله.

ولكن منذ ذلك الحين، ظهرت المزيد من التفاصيل حول الاتفاقية، وخفتت التداعيات طويلة المدى لها، وربما حتى قابليتها للتنفيذ، بالنسبة للرئيسين المأزومين.

اتفاقية تمهد لبيع السلاح

فقد ظهر تقرير يوم الإثنين، يفيد بأن "نتنياهو" وافق على بيع أمريكي لطائرات مقاتلة من طراز "F-35" وأسلحة أخرى متطورة للغاية إلى الإمارات كجزء من الاتفاقية.

ورغم النفي الشديد من قبل "نتنياهو"، فإن المراسل الذي نشر القصة -"ناحوم برنيع" من "يديعوت أحرونوت"- والذي يعد أحد أكثر الصحفيين احتراماً في (إسرائيل)، أصر على تغطيته.

ورغم أن جميع الأطراف تدعي أن بيع الأسلحة ليس شرطا من شروط الاتفاقية الإماراتية الإسرائيلية، إلا أن البيانات اللاحقة تدعم رواية "برنيع".

ذكرت صحيفة "نيويورك تايمز" على سبيل المثال أن المسؤولين الأمريكيين "لا يجادلون في أن الزخم الجديد المتعلق ببيع الأسلحة، بعد سنوات من توقف طلبات الإمارات لشراء الطائرة المقاتلة، مرتبط بالمبادرة الدبلوماسية الأوسع".

وقال وزير الدولة للشؤون الخارجية الإماراتي "أنور قرقاش"، لمركز "أتلانتيك كونسل" يوم الخميس إنه في حين أن البيع لم يكن شرطًا للاتفاق، فإن الصفقة يجب أن تسهل على الإمارات شراء أسلحة متطورة لأن "فكرة الصراع أو الحرب مع إسرائيل لم تعد موجودة".

وهكذا، رأى كل من الإماراتيين والأمريكيين بيع الأسلحة على أنه دافع للاتفاق، حتى لو لم يكن شرطًا محددًا، وهذا لا يعني بالضرورة أن "نتنياهو" كان يعتقد الأمر نفسه، لكن حقيقة أن الإمارات كانت تسعى بجد لطائرة "F-35" لسنوات، أمر معروف.

حق الفيتو الإسرائيلي

لا تحتاج الولايات المتحدة نظريًا إلى موافقة (إسرائيل) على بيع طائرات مقاتلة إلى الإمارات. لكن من الناحية العملية، يمنح القانون الأمريكي والسياسة الأمريكية (إسرائيل) حق النقض بحكم الأمر الواقع على مثل هذه المبيعات.

ويرجع ذلك إلى متطلب قانوني بأن تحافظ الولايات المتحدة على التفوق العسكري النوعي لـ(إسرائيل)، والذي يشار إليه غالبًا باسم "QME".

تم تعريف هذا التفوق العسكري النوعي لـ(إسرائيل) "QME"، في قانون نقل السفن البحرية لعام 2008، على أنه "القدرة على مواجهة وهزيمة أي تهديد عسكري تقليدي من أي دولة أو تحالف محتمل للدول أو من جهات فاعلة غير حكومية، مع تحمل الحد الأدنى من الأضرار والخسائر".

يتطلب نفس القانون من الرئيس الأمريكي تقييم مبيعات الأسلحة إلى دول أخرى في المنطقة، سواء كانت صديقة أو عدوة لـ(إسرائيل)، على أساس التفوق العسكري النوعي لـ(إسرائيل)، وتم تعزيز كل هذا من خلال التشريعات التي تم إقرارها في عامي 2012 و2014.

لكن مستوى هذا التفوق متروك للتقييم الذاتي دون قواعد ثابتة، لذلك ففي حال ارتاحت الحكومة الإسرائيلية لعملية بيع لصالح دولة عربية، فمن المحتمل ألا يكون هناك تحدي في الكونجرس لهذا البيع.

أما من ناحية أخرى، فإذا كان هناك قلق إسرائيلي، فإن فرص موافقة الكونجرس على مثل هذه الصفقة ضئيلة للغاية، حتى لو تم بيع تلك الأسلحة إلى مصر أو الأردن أو الإمارات، وهي الدول التي لديها علاقات دبلوماسية كاملة وفي حالة سلام مع (إسرائيل).

ليس سراً أن "ترامب" ووزير خارجيته "مايك بومبيو" وصهره "جاريد كوشنر"، الذي يقود المناقشات مع دول الخليج بما في ذلك الإمارات، يرغبون بشدة في زيادة مبيعات الأسلحة إلى تلك المنطقة المضطربة.

توجد أسباب للقلق لدى الكونجرس غير الاعتراضات الإسرائيلية، وهو ما تجلى عندما حاولوا وقف بيع أسلحة إلى السعودية والإمارات في مايو/أيار 2019، مما أجبر "بومبيو" على التذرع بفقرة نادرة الاستخدام ومثيرة للجدل في القانون للتحايل على موافقة الكونجرس ودفع عملية البيع، مما أدى إلى فيتو رئاسي لمنع الكونجرس من تقييد مبيعات الأسلحة.

ويعمل "ترامب" الآن على تقليل أو حتى إلغاء دور الكونجرس في الإشراف على مبيعات الأسلحة.

لكن حصول الإمارات على "F-35" والطائرات المسيرة المسلحة التي ستكون جزءًا من نفس عملية البيع، مختلف تمامًا بالنسبة لـ(إسرائيل)، مع إن هذه أحدث الأسلحة.

حصلت (إسرائيل) على طائرة "F-35" في عام 2017، ومن المتوقع أن تُستخدم لعقود قادمة، وترى (إسرائيل) أن المقاتلة قد تساعد بعض الشئ في مواجهة إيران، لكن سيكون هناك خطر في حال غيرت القيادة الإماراتية مواقفها أو حدث تغيير جذري.

وصرح السفير الأمريكي لدى (إسرائيل)؛ "ديفيد فريدمان" لصحيفة "جيروزاليم بوست" أن "بيع الولايات المتحدة الأسلحة إلى الإمارات أو أي لاعب إقليمي آخر سيظل خاضعًا لالتزامنا بالحفاظ على التفوق العسكري النوعي لـ(إسرائيل)، هذا هو القانون. تخلق هذه الصفقة مجموعة من الفرص الجديدة لـ(إسرائيل) وأمريكا -بما في ذلك في مجال الأمن- وأعتقد أن هناك العديد من الأشياء العظيمة التي ستأتي منها".

لم يؤكد "فريدمان" أو ينفي تقرير بيع "F-35"، لكنه قال: "في نهاية المطاف، فإن كلًا من الولايات المتحدة و(إسرائيل) ستستفيدان بشكل كبير من وجود حليف قوي يقع على مضيق هرمز قبالة إيران".

التصعيد يهدد الخليج

إذا تخلت (إسرائيل) عن اعتراضاتها وسمح الكونجرس ببيع مثل هذه الأسلحة المتطورة إلى الإمارات، فمن المنطقي أن المبيعات إلى السعودية لن تكون بعيدة المنال.

ستكون طائرات "F-35" والطائرات المسيرة "بريداتور" ترقيات عسكرية كبيرة للإمارات والسعودية، وستأتي وسط سياسات عدوانية متزايدة منهما ليس فقط ضد إيران، ولكن في اليمن وليبيا، ضمن النقاط الساخنة المحتملة الأخرى.

ستزداد احتمالية نشوب صراع في الخليج بشكل كبير إذا اقترنت ترقية الأسلحة هذه بولاية ثانية لـ"ترامب"، حيث إنه من المؤكد أن إيران ستشعر بضرورة إيجاد طرق لتحديث قدراتها.

ولكن هناك أسباب وجيهة للأمل في ألا تمضي عمليات البيع؛ فمعارضة "جو بايدن" لمزيد من تسليح السعودية مؤشر جيد على أنه سيوقف بيع مقاتلات "F-35" و"بريداتور"، في حال فوزه في الانتخابات الرئاسية المقبلة.

أجرى "نتنياهو" ترتيبات التطبيع مع الإمارات سرا، دون مشاركة أو حتى معرفة شركائه المفترضين، وزير الدفاع "بيني غانتس" ووزير الخارجية "غابي أشكنازي"، مما أثار غضب الرجلين.

كما إنهما ليسا الوحيدين في (إسرائيل) اللذين يخشيان من إجراء مثل هذه الترتيبات الهامة سراً، وقد يكون الضغط السياسي على "نتنياهو" كافياً لضمان عدم موافقة الكونجرس على مبيعات الأسلحة للإمارات.

سيظل خطر التصعيد كبيرًا مالم يتم القضاء على إمكانية إدخال مثل هذه الأسلحة المتطورة إلى دول الخليج، وأسوأ علامة على الخطر المنتظر، هو الرئيس الأمريكي الذي لا يرى في نفسه إلا تاجر أسلحة مشبوه.

المصدر | ميتشيل بليتنيك - ريسبونسيبل ستسكرافت - ترجمة وتحرير الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

دونالد ترامب بنيامين نتنياهو صفقات الأسلحة التطبيع الإماراتي الإسرائيلي

مشرعون أمريكيون يطالبون بكشف الصفقات الجانبية بمبيعات أسلحة ترامب للسعودية

لتشجيعها على التطبيع.. ‏كوشنر يترأس وفدا لزيارة دول خليجية في سبتمبر

بومبيو يزور أبوظبي وتل أبيب لتنسيق لقاء بين بن زايد ونتنياهو

التطبيع الإماراتي الإسرائيلي.. إذا لم تستطع إقناعهم فأربكهم

بتعاون إسرائيلي.. الإمارات تتحول إلى عاصمة عالمية لصناع الأسلحة

الإمارات تتطلع إلى شراء القبة الحديدية الإسرائيلية