هكذا يستفيد الحوثيون من التطبيع الإماراتي الإسرائيلي

الأربعاء 26 أغسطس 2020 01:10 م

تسببت صفقة التطبيع الأخيرة التي توسطت فيها الولايات المتحدة بين (إسرائيل) والإمارات في صدمة هائلة في جميع أنحاء المنطقة، فبينما رحب البعض بالصفقة فقد تعامل معها كثيرون باعتبارها "خيانة"

ويقول المؤيدون للإمارات إن اتفاق السلام مع (إسرائيل) سيوقف ضم الضفة الغربية، وهو ما يخدم القضية الفلسطينية.

في المقابل، يقول المناهضون للتطبيع إن الإمارات طعنت جميع المسلمين في ظهورهم لصالح مزيد من التقارب مع تل أبيب.

حتى الآن، أبدت بعض الحكومات العربية موافقتها رسميًا، فيما بقيت بعضها صامتة، ورفضت قلة منها الاتفاق علانية.

وعبّر اليمن بشكل قاطع عن رفضه، وقالت وزارة الخارجية في الحكومة المعترف بها من قبل الأمم المتحدة إن موقف اليمن من القضية الفلسطينية لم يتغير، كما ندد الحوثيون بالتطبيع مع (إسرائيل).

من المؤكد أن الحوثيين سيستفيدون من الصفقة باعتبارها دليلا قويا على أن السعودية والإمارات لا تقاتلان في اليمن بدون دعم (إسرائيل).

في السابق، اتهم الحوثيون (إسرائيل) بالانخراط في حرب اليمن، وستجعل الصفقة الأخيرة تصريحاتهم أكثر مصداقية بين مؤيديهم من أي وقت مضى.

وبناءً على ذلك، فإن هذا التطور سيساعد الحوثيين في نشر أيديولوجياتهم المعادية للصهيونية في المناطق الخاضعة لسيطرتهم، وسوف يستغلون غضب الناس لجذب المزيد من المقاتلين للانضمام إلى الخطوط الأمامية في الحرب.

وقال المتحدث باسم الحوثيين "محمد عبدالسلام"، في مقابلة تليفزيونية، إن "اتفاق التطبيع هو ضد العرب والأمة الإسلامية بأسرها. وهذا يثبت أن الدول التي تشن العدوان على اليمن وتشارك في معارك عدة في المنطقة، تخدم (إسرائيل)".

وأضاف "عبدالسلام" أن "الاتفاق دليل أيضا على الموقف المشرف للحوثيين من فلسطين"، وتابع: "هذا يثبت الموقف الذي نتخذه والمعركة النبيلة التي نخوضها، نعبر عن موقفنا من الكيان الصهيوني المحتل ونضحي بأرواحنا ثمنا في سبيل الله وهذه القضية".

يقدم الحوثيون أنفسهم كـ"مدافعين عن الإسلام" وداعمين أقوياء للقضية الفلسطينية. ويزعمون أن قتالهم ضد خصومهم في اليمن جزء من قتالهم ضد أمريكا و(إسرائيل).

ومنذ تأسيسها عام 1994، كانت حركة "الحوثي" تُظهر العداء لأمريكا و(إسرائيل)، وتميزت الحركة بشعارها: "الموت لأمريكا.. الموت لإسرائيل". وعلى مدى سنوات، قاتل الحوثيون في محافظة صعدة ضد نظام الرئيس السابق "علي عبدالله صالح"، وبالرغم من مهمة الحوثيين بعيدة المدى، فإن قتالهم  لم يكن يتجاوز صعدة.

في عام 2014، استولى الحوثيون على العاصمة ووسعوا وجودهم العسكري إلى عدة محافظات.

منذ ذلك الحين، انتشر شعارهم "الموت لأمريكا.. الموت لإسرائيل" في المناطق التي تقع تحت سيطرتهم، وأصبحت أيديولوجيتهم راسخة بعمق في الحياة اليومية لمقاتلي "الحوثي"، وسوف يزداد إيمانهم بهذه المهمة ثباتًا مع اقتراب أعدائهم في دول الخليج من (إسرائيل).

في علم النفس العسكري، يحتاج القائد إلى التأكد من أن الجنود غاضبون من قضية معينة، لذلك يتصرفون بحزم للفوز في المعركة. كما ذكر "صن تزو" في "فن الحرب": "من أجل قتل العدو، يجب إثارة غضب رجالنا".

وهذا ينطبق على الحوثيين في اليمن، أثارت الصفقة الأخيرة بين (إسرائيل) والإمارات غضب الجماعة وحفزت مؤيديها، في الواقع، لن يؤذي هذا الغضب (إسرائيل) أو الإمارات بشكل مباشر، لكنه قد يؤذي اليمنيين الذين كانوا ضحايا حرب بالوكالة على مدى السنوات الخمس الماضية.

ينظر الحوثيون إلى خصومهم اليمنيين على أنهم مجرد دمى سعودية بينما يزعم الأخيرون أن الحوثيين هم اليد المدمرة لإيران في اليمن.

مع اتفاقية التطبيع الجديدة بين الإمارات و(إسرائيل)، ستفتخر قيادة الحوثيين بموقفها وتقدم نفسها لليمنيين، لا سيما في الشمال، كوطنيين حقيقيين وقادة ذوي بصيرة.

في أغسطس/آب 2019، كانت هناك تقارير تفيد بأن (إسرائيل) كانت تخطط لضرب أهداف للحوثيين في اليمن، وتحديداً مواقع في مضيق باب المندب، ومع استمرار الحرب، زاد اهتمام (إسرائيل) باليمن.

قال رئيس الوزراء الإسرائيلي "بنيامين نتنياهو" صراحة في أكتوبر/تشرين الأول 2019 إن إيران تسعى إلى إطلاق صواريخ دقيقة على (إسرائيل) من اليمن، تأمل إيران في استخدام إيران والعراق وسوريا ولبنان واليمن كقواعد لمهاجمة (إسرائيل) بصواريخ دقيقة، وقال "نتنياهو" "هذا خطر عظيم".

هدد الحوثيون علانية بضرب أهداف في تل أبيب براً وبحراً، قال وزير دفاع الحوثيين "محمد العطيفي" في ديسمبر/كانون الأول 2019 إنهم لن يترددوا في ضرب (إسرائيل) عندما تمنح قيادة الجماعة الضوء الأخضر.

من الواضح أنه مع وجود المزيد من الأدلة على المشاركة الإسرائيلية المحتملة في حرب اليمن، فإن منطق الحوثي سيصبح أقوى بين مؤيدي الجماعة ومقاتليها.

ويمكن لاتفاق السلام بين (إسرائيل) والإمارات أن يضيف زخما إلى الكراهية وانعدام الثقة بين الحوثيين وخصومهم السياسيين المحليين، المتحالفين مع السعودية والإمارات.

لم تنته حرب اليمن المدمرة بعد، والآن سوف يستغل الحوثيون غضب اليمنيين من صفقة التطبيع بين (إسرائيل) والإمارات، وسيحشدون المزيد من الموالين، وسيقنعون الفصائل الشعبية بالتزامهم تجاه فلسطين.

وقد يولد هذا وفرة من المقاتلين الموالين للحوثيين، ما يعني المزيد من العنف وسفك الدماء والمعاناة للشعب اليمني.

المصدر | إنسايد أرابيا – ترجمة وتحرير الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

التطبيع الإماراتي الإسرائيلي الحرب في اليمن الحوثيون

الحوثيون يتهمون إسرائيل بالبحث عن موطئ قدم في اليمن بمساعدة الإمارات

مخاطر جسيمة تنتظر اليمن بعد التطبيع الإماراتي مع إسرائيل