حدود القوة الإماراتية.. لماذا تبحث أبوظبي عن ضامنين جدد لأمنها؟

الأربعاء 2 سبتمبر 2020 12:40 م

حتى مع كل المشاكل الأخرى الأكبر بكثير التي تواجه الولايات المتحدة والعالم، فإن بعض صانعي السياسة والخبراء الأمريكيين يأخذون من وقتهم للتحذير من الخطر المفترض للقدرات العسكرية المتنامية لدولة الإمارات العربية المتحدة واستعدادها لاستخدامها.

على وجه الخصوص، أثارت التدخلات الإماراتية في الحرب الأهلية اليمنية والليبية انتقادات عديدة حول ما يفعلونه هناك ولماذا، ومن وجهة نظرنا، فإن وجود شريك يملك مثل تلك القدرات يمثل "مشكلة جيدة جدا".

هذا لأنه يعكس تغييرا كبيرا، وإيجابيا في الغالب، عن الماضي، ودرسا مهما للمستقبل، وفي الأعوام المقبلة، إذا كانت الولايات المتحدة ستحاول تخفيض تدخلها في الشرق الأوسط، فسيتعين عليها الاعتماد على حلفائها الإقليميين أكثر.

وينبغي النظر إلى "المشكلة" الجديدة، المتمثلة في البراعة العسكرية الإماراتية، على أنها حالة اختبار مهمة لكيفية تعامل الولايات المتحدة مع الديناميكيات الأمنية المتغيرة في المنطقة.

وسيتطلب هذا من الولايات المتحدة إعطاء الأولوية لمصالحها بشكل أكبر والاعتراف بأن الحلفاء مثل الإمارات يمكنهم التحرك بشكل مستقل في طريقهم في كثير من الأحيان.

ولقد رأينا في الأعوام الأخيرة كيف نمت قدرات الجيش الإماراتي، وما صاحب ذلك من رغبة لدى أبوظبي في استخدامها، كأصل محتمل حقيقي يمكنها الاستفادة منه، وليس كمسؤولية، كما فعل الآخرون.

نمو القوة العسكرية الإماراتية وحدودها

وعلى مدى العقدين الماضيين، وبفضل الطموح الإماراتي والمساعدات الأمريكية، طورت الإمارات قدرات عسكرية مثيرة للإعجاب، وفق المعايير المنخفضة نسبيا للعالم العربي.

وتعتبر قوات العمليات الخاصة الإماراتية الصغيرة من الدرجة الأولى، وهي قادرة على شن هجمات حركية ومهام تدريبية واستشارية أكثر تطورا.

وتعد قوة الطائرات المروحية الإماراتية متميزة، سواء في الدعم الناري أو في الرفع الجوي، بل وتفوقت بعض الوحدات على الوحدات الأمريكية المماثلة في التدريبات المطلوبة.

وبالمثل، تمتلك القوات الجوية الإماراتية كادرا صغيرا من الطائرات ذات المستوى العالمي والطيارين الأكفاء، مدعومين بوحدات تحكم جوية مشتركة مدربة وفقا لمعايير الناتو، والتي تمنحهم معا القدرة على القيام بمهمات هجومية مدروسة وديناميكية بدقة كبيرة.

وأظهرت حتى عناصر القوات البرية الإماراتية الأكبر حجما عدوانية وقدرة على دمج النيران والمناورة، والقدرة على استخدام الدبابات والمدفعية وأنظمة الأسلحة الإماراتية الأخرى ذات المستوى العالمي في فرق أسلحة مشتركة.

وكان التحسن في القدرات اللوجستية للإمارات أقل وضوحا، لكنه ربما يكون أكثر إثارة للإعجاب، وكانت قلة من الجيوش، وعددا أقل من الجيوش العربية، قادرة على نشر ودعم القوات على بعد مئات أو حتى آلاف الأميال من وطنهم، في القتال في ظروف صحراوية قاسية، ولقد أثبتت الإمارات الآن هذه القدرة في اليمن، وفي القرن الأفريقي، وحتى في ليبيا.

وبالرغم من أن أعدادا كبيرة من الضباط الأجانب الغربيين يوفرون التدريب والتخطيط والإشراف الاستراتيجي على هذه المهام، فإن معظم المهام الثقيلة يقوم بها الإماراتيون أنفسهم بشكل متزايد.

وكان هذا صحيحا بشكل خاص في اليمن وليبيا، حيث قام الإماراتيون بمعظم القتال، والجزء الأكبر من التخطيط التكتيكي والقيادة، والجزء الأكبر من الدعم اللوجستي.

وفي الحقيقة، لا يوجد العديد من دول الناتو التي يمكنها أن تفعل ما فعلته الإمارات لما يقرب من 5 أعوام في اليمن.

وبالطبع، لا تزال هناك قيود جدية على القدرات الإماراتية، وتحديات يجب على الإمارات التغلب عليها إذا أرادت لقواتها المسلحة الاستمرار في التحسن.

وفي الوقت الحالي، وصل عدد قليل فقط من الأفراد والتشكيلات الإماراتية إلى أعلى مستويات الفعالية، ومن الصعب معرفة ذلك على وجه اليقين، ولكن ربما لا يزيد عدد أفراد القوات البرية عن 3 إلى 4 ألوية، و100 إلى 150 طيارا في سلاح الجو الإماراتي المقاتل.

وما تبقى من القوة أكثر تفاوتا، وبعضها لا يزال بحاجة إلى مزيد من الاستثمار، والبحرية الإماراتية مثال جيد على ذلك، بالرغم من أنه تم نشرها منذ أعوام لتقديم الدعم في خليج عمان والبحر الأحمر للقوات الإماراتية على البر.

ومع ذلك، لم تتمكن من منع الدعم الإيراني للمتمردين الحوثيين في اليمن بشكل كبير، والهجمات على صادرات النفط الإماراتية في الخليج، بالرغم من أن تلك المهمة، بصراحة، كانت لتكون صعبة على القوات البحرية الأكثر قدرة، بما في ذلك البحرية الأمريكية.

علاوة على ذلك، حفزت هذه التهديدات أبوظبي على البدء في الاستثمار بشكل أكبر في قواتها البحرية.

وهكذا، وبقدر ما يتمتع به الجيش الإماراتي من قدرات، فإن القوات المسلحة الإماراتية ليست مستعدة لمواصلة حملات الاستنزاف واسعة النطاق لأعوام عديدة كما فعلت الولايات المتحدة في العراق وأفغانستان.

ويمكنها إظهار دفاع هائل ضد العدوان الإيراني، خاصة أن إيران لديها قدرة قليلة على إبراز القوات التقليدية عبر الخليج بخلاف إطلاق الصواريخ وإرسال الطائرات بدون طيار.

لكن إذا انسحبت القوات الجوية والبحرية الأمريكية وتمكن الإيرانيون من وضع قوة برية كبيرة على الجانب الجنوبي من الخليج، فسيشكل ذلك تحديا كبيرا للقوات المسلحة الإماراتية.

ومع ذلك، يمكن للجيش الإماراتي أن يضرب ويدمر أهدافا على بعد آلاف الأميال من قواعده، ويمكن أن تنشر الإمارات تشكيلات صغيرة ولكنها قادرة على كل شيء، من هجمات القوات الخاصة السريعة إلى العمليات الآلية الأكبر إلى حد ما وإجراء مجموعة كاملة من الدعم الناري لمهام بهذا الحجم.

كن حذرا مما ترغب فيه

لقد فتحت هذه القدرات الجديدة الأبواب أمام الإمارات لتحقيق أهدافها الأمنية الوطنية، فبعد أن خدمت إلى جانب القوات الأمريكية في كوسوفو وأفغانستان وسوريا، بناء على طلب واشنطن، تدخلت أبوظبي منذ ذلك الحين ضد الرغبات الأمريكية، وإن كان ذلك بدعم من الولايات المتحدة، في اليمن إلى جانب السعوديين، وكذلك في القرن الأفريقي، والآن في ليبيا.

وحيث كانت الولايات المتحدة في يوم من الأيام ممتنة لمشاركة الإمارات في صراعات تخدم مصالحها، فإن واشنطن لديها الآن خلاف مع أبوظبي لأنهم تعلموا الكثير من القتال إلى جانب القوات الأمريكية ويستخدمون الآن قدرتهم على العمل دون مساعدة الولايات المتحدة.

وهذا ما نعتبره مشكلة جيدة، وهذا بالضبط نوع المشكلة التي طالما أرادت الولايات المتحدة أن تواجهها.

وعلى مدى عقود، كانت الولايات المتحدة تتحسر على الضعف العسكري لحلفائها في دول الخليج العربية، الأمر الذي تطلب من القوات العسكرية الأمريكية المساعدة في الدفاع عنهم ضد التهديدات الخارجية.

وبالرغم من أن الالتزام العسكري الأمريكي تجاه الخليج كان دائما أصغر وأرخص بكثير مما يدركه معظم الأمريكيين، فقد سعت إدارتان متتاليتان الآن إلى تقليص هذا الوجود أكثر فأكثر.

لكن فك الارتباط عن الشرق الأوسط يهدد بالسماح لإيران وجميع أنواع الجماعات المتطرفة العنيفة بملء الفراغ، إذا لم يكن شركاء الولايات المتحدة العرب أقوياء بما يكفي لشغل هذا الدور.

وهذا جزء من السبب الذي دفع الولايات المتحدة إلى مطالبة الإمارات والدول العربية الأخرى باستمرار ببناء قدراتها العسكرية ولماذا يجب أن تستمر في القيام بذلك في المستقبل.

خلافات في الرأي

وبالرغم من أنه سيكون من الجيد ألا يتخذ حلفاء الولايات المتحدة أي إجراء دون طلب الإذن أولا، لكن هذا ليس بالأمر الواقعي.

بل المفتاح هو إدراك ما يمكن أن يشكل مشكلة حقيقية للمصالح الأمريكية، على عكس ما يجب أن يُنظر إليه على أنه عبء سياسي تفوقه فوائد وجود شركاء عرب أخيرا يتمتعون ببعض القدرات العسكرية الكافية لتحمل بعض العبء، خاصة في الشرق الأوسط، حيث تريد الولايات المتحدة تخفيض تواجدها، وبالتالي بذل جهد أقل في الدفاع عن مصالح حلفائها، فمن المرجح أن يجد هؤلاء الحلفاء طرقا جديدة لحماية مصالحهم بأنفسهم.

ويكون اتباع الحلفاء في طرقهم الخاصة في بعض الأحيان أمر لا مفر منه، خاصة إذا استمرت الولايات المتحدة في محاولة تقليص دورها في المنطقة.

على سبيل المثال، بالرغم من أن العديد من خبراء الأمن القومي الأمريكيين يعتقدون أن التدخل السعودي الإماراتي في اليمن كان اقتراحا خاسرا وخطأ، فقد رأى السعوديون والإماراتيون في استيلاء الحوثيين على صنعاء وعدن تهديدا لمصالحهم الأمنية من ناحيتين.

فقد كانوا يخشون من قيام الحوثيين، وحلفائهم الإيرانيين، بمنع الشحن في البحر الأحمر وشن هجمات بالصواريخ والطائرات بدون طيار عبر الحدود دون عقاب، وهو ما فعلوه بالفعل منذ ذلك الحين.

علاوة على ذلك، كان التدخل جزئيا نتيجة عدم رغبة أمريكا في معالجة توسع العدوان الإيراني والحرب بالوكالة في جميع أنحاء المنطقة.

وإذا كانت الولايات المتحدة لن توقف طهران وحلفائها، فقد شعر حلفاء الولايات المتحدة أنه يتعين عليهم القيام بذلك بأنفسهم بقدراتهم العسكرية التي تدعمها الولايات المتحدة جزئيا.

وسواء أعجبنا ذلك أم لا، فمن المحتمل أن يتكرر هذا الموقف ويتضاعف في المستقبل، وبالتالي، من الأهمية بمكان أن تطور الولايات المتحدة نهجا أكثر براجماتية لمثل هذه الإجراءات من قبل حلفائها العرب، وطريقة أفضل لقياس كيفية تشكيل ردود فعلها.

المصدر | لوفير - ترجمة وتحرير الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

القوات المسلحة الإماراتية الجيش الإماراتي

ليبيا.. قوات الوفاق تدمر مدرعة إماراتية وتغنم آليات عسكرية من حفتر