بعد التطبيع مع الإمارات.. هل تدعم إسرائيل المجلس الانتقالي الجنوبي في اليمن؟

الأربعاء 2 سبتمبر 2020 04:41 م

واجهت الإمارات ووكيلها في اليمن، المجلس الانتقالي الجنوبي الانفصالي، عقبات في طموحهما لتدمير وحدة اليمن وسيادته الهشة من خلال إعادة إنشاء "جنوب اليمن" المستقل الذي من شأنه أن يصبح دولة تابعة تخدم المصالح الإماراتية أولا وقبل كل شيء.

وفي حين تناور أبوظبي بعناية في التعامل مع حليفتها الأقرب، السعودية، فإن افتقار الطموحات الانفصالية للدعم الدولي أجبر المجلس الانتقالي الجنوبي على التخلي عن إعلان "الحكم الذاتي"، الذي أعلنه في 29 يوليو/تموز. لكنه سرعان ما انسحب من اتفاق تقاسم السلطة مع الحكومة الذي ترعاه السعودية في وقت لاحق في 26 أغسطس/آب.

وتظهر المحاولات الفاشلة للوحدة مع الحكومة اليمنية أيضا إصرار المجلس الانتقالي الجنوبي على طموحاته المعلنة.

وقد يكون هناك انعكاسات على هذه القضية، بعد اتفاق التطبيع بين الإمارات و(إسرائيل) في 13 أغسطس/آب، والذي نص على العمل على تطوير تعاونهما الجيوسياسي.

وبينما تكهن المحللون ببعض مجالات التعاون في المحيط الإقليمي، بما في ذلك مواجهة تركيا وإيران، فمن المحتمل أن يصبح اليمن نقطة اهتمام مشتركة لكل من الإمارات و(إسرائيل).

وجاء مؤشر يدل على ذلك من "هاني بن بريك"، نائب رئيس المجلس الانتقالي الجنوبي، الذي أدلى بعدة تعليقات إيجابية بشأن الاتفاقية بينما أظهر تقبلا تجاه (إسرائيل).

وكتب "بن بريك" على "تويتر": "سأزور يهود الجنوب (اليمنيين) في منازلهم، وسأذهب معهم إلى القدس لأصلي في المسجد الأقصى".

كما استنكر "بن بريك" رفض القيادة الفلسطينية الخطوة الإماراتية. وهذه علامات واضحة لا تدل على تأييد التطبيع مع (إسرائيل) فحسب، بل محاولة كسب دعمها أيضا.

بالإضافة إلى ذلك، زعمت صحيفة "إسرائيل اليوم"، في يونيو/حزيران، أن مسؤولين إسرائيليين أجروا "محادثات سرية" مع شخصيات في المجلس الانتقالي الجنوبي، ووصفتهم بأنهم "أصدقاء سريون".

وقال "أفييل شنايدر"، في مقال له نقلا عن مصادر سياسية مجهولة: "بشكل مفاجئ، أعرب المجلس الانتقالي الجنوبي في مؤتمر صحفي عقده مؤخرا عن موقف إيجابي تجاه إسرائيل، بالرغم من أن مسألة العلاقات الدبلوماسية الرسمية لم تتم مناقشتها بعد".

وفي حين أن مجهولية هذه المصادر تثير الشكوك، ولا تزال التفاصيل المحددة لهذا الاتصال المزعوم غير واضحة، فلن يكون من المستغرب أن يحدث هذا الدعم في النهاية.

تعاون أقوى بين الإمارات و(إسرائيل)

في إشارة مبكرة محتملة لتعاون إقليمي أقوى بين الإمارات و(إسرائيل)، وبعد فترة وجيزة من اتفاقية التطبيع، أعلنت وزارة الاستخبارات الإسرائيلية عن تعزيز التعاون مع أبوظبي في منطقة البحر الأحمر، المتاخمة لليمن.

وهنا، تسعى أبوظبي إلى تأمين طرق التجارة، حيث قامت ببناء موانئ وقواعد عسكرية في القرن الأفريقي عبر خليج عدن ومضيق باب المندب.

وفي الوقت نفسه، دعمت الإمارات المجلس الانتقالي الجنوبي منذ إنشائه في عام 2017 لتمثيل قضية استقلال الجنوب، التي كانت قائمة منذ 1994، بعد توحيد شمال اليمن وجنوبه عام 1990.

ومع ذلك، تهدف أبوظبي إلى استخدام الفصيل الجنوبي للسيطرة على الميناء في عدن، العاصمة التاريخية لجنوب اليمن، بالإضافة إلى موانئ أخرى مثل المكلا وسقطرى.

ومن شأن هذا أن يعزز نفوذ الإمارات على التجارة البحرية العالمية إلى حد كبير ويؤسس مجال نفوذ أوسع على طول البحر الأحمر والقرن الأفريقي.

وكانت أبوظبي الدولة الوحيدة التي تدعم انفصال الجنوب. وهناك أقوال حول أن روسيا قد تقدم الدعم للمجلس لإحياء العلاقات التاريخية للاتحاد السوفيتي مع جنوب اليمن المستقل، بالرغم من أن هذه مجرد تكهنات إلى حد كبير في الوقت الحالي.

وفي الوقت الحالي، سيكون كسب دعم (إسرائيل) دفعة كبيرة، وسيساعد أبوظبي في تأمين حليف ضروري لأهدافها في اليمن.

وبحسب ما ورد، نقلت الإمارات يهود اليمن المتبقين إلى أبوظبي بعد اتفاق التطبيع. وفي حين أنها قد تبدو لفتة إنسانية بحتة في ظاهرها، حيث عرّض المتمردون الحوثيون حياة اليهود اليمنيين للخطر لفترة طويلة، فإن هذا يساعد الإمارات أيضا على كسب المزيد من التأييد لدى (إسرائيل) بشأن سياستها في اليمن.

فهل تدعم (إسرائيل) المجلس الانتقالي الجنوبي؟

في الماضي، تدخلت (إسرائيل) في اليمن. وخلال الحرب الأهلية في شمال اليمن من عام 1962 إلى عام 1970، بعد أن أطاح الجمهوريون المدعومون من مصر بالإمامة الزيدية، قدمت (إسرائيل) الدعم للملكيين المخلوعين، الذين تلقوا أيضا دعما سعوديا وبريطانيا، من بين حلفاء إقليميين آخرين.

وكان ذلك يهدف إلى حد كبير إلى مواجهة مصر، التي كانت، في ظل حكم "جمال عبدالناصر"، خصما رئيسيا لـ(إسرائيل) في ذلك الوقت.

ومؤخرا، دعمت (إسرائيل) فصائل انفصالية في أماكن مختلفة. وكانت الدولة الوحيدة التي دعمت استفتاء الاستقلال الذي أجراه إقليم كردستان العراق في سبتمبر/أيلول 2017، متحدية بذلك حليفها الوثيق الولايات المتحدة، التي رفضت الاعتراف باستقلال الإقليم.

وهناك حالة أخرى ملحوظة وهي جنوب السودان، حيث عززت (إسرائيل) العلاقات مع حركة الاستقلال خلال حرب عام 1967 مع مصر والأردن وسوريا، بعد أن دعم السودان جهود الحرب المصرية.

كما ورد أنها أرسلت أسلحة ومعدات مراقبة وتدريبات لقادة جنوب السودان بعد استقلاله عام 2011، والتي تم استخدامها في الحرب الأهلية الوحشية التي شنتها الحكومة في 2013.

ويظهر هذا التوجه مساعي (إسرائيل) لكسب حلفاء ضد الحكومات المعادية من خلال دعم القضايا الانفصالية.

لذلك يمكن لـ(إسرائيل) بطبيعة الحال أن تتعاون مع أبوظبي في مساعدة المجلس الانتقالي الجنوبي، الذي أظهر أيضا دفئا تجاه (إسرائيل).

لكن القلق الأكبر لـ(إسرائيل) في اليمن، والذي قد يسبق أي دعم لاستقلال جنوب اليمن، هو المتمردون الحوثيون. وقد عبّر هذا الفصيل الشيعي عن عداء كبير لـ(إسرائيل)، في حين يعلن دائما شعاره الذي يقول: "الموت لأمريكا، الموت لـ(إسرائيل)، لعنة الله على اليهود، النصر للإسلام".

وفي عام 2018، هددت (إسرائيل) بإرسال قوات عسكرية إلى البحر الأحمر بعد أن هاجم الحوثيون سفينتين سعوديتين هناك. وقبل ذلك، هدد الحوثيون بإغلاق مضيق باب المندب عند مصب البحر الأحمر، الذي يمر عبره قدر كبير من التجارة العالمية.

وبالرغم أن (إسرائيل) أعربت عن مخاوفها من أن إيران، التي تدعم الحوثيين، قد تدفع بإغلاق باب المندب وتهدد الشحن الإسرائيلي، فإن مثل هذا الإجراء الصارم كان دائما غير مرجح.

وبالتالي، مع تنامي دعم إيران للحوثيين، قد تدخل (إسرائيل) في توترات مستقبلية مع إيران بشأن اليمن، إذا عززت طهران نفوذها بشكل أكبر.

وفي حين أقامت الإمارات علاقات أوثق مع إيران العام الماضي، وتتطلع بشكل عملي إلى تهدئة التوترات مع خصم تقليدي، لا تزال (إسرائيل) تنظر إلى الحوثيين على أنهم تهديد، مما قد يجعلها أكثر حذرا بشأن الانخراط في اليمن.

وفي نهاية المطاف، لا يزال الوضع في اليمن غير قابل للتنبؤ، مع تعثر اتفاق الرياض، المصمم لتوحيد المجلس الانتقالي الجنوبي الانفصالي مع حكومة "عبدربه منصور هادي".

وإذا تفوق المجلس الانتقالي الجنوبي في النهاية على حكومة "هادي"، مع إثبات قدرته على العمل كقوة موازنة لنفوذ الحوثيين، فقد يمهد هذا الطريق للدعم الإسرائيلي.

ومع ذلك، مثل حكومة إقليم كردستان العراق، التي انهار استفتاؤها بعد عدم تلقي دعم دولي أوسع، فلن يحقق المجلس الانتقالي الجنوبي نجاحا كاملا بدون دعم عالمي أكبر. ويعتمد ذلك جزئيا على موقف السعودية أيضا، حيث ستسعى (إسرائيل) إلى تجنب تعكير العلاقة مع دولة لديها معها علاقات سرية.

لكن حتى لو دعمت (إسرائيل) المجلس الانتقالي الجنوبي، فسيكون ذلك وحده كافيا لتعزيز الأهداف السياسية للفصيل، بالرغم أن تحقيق ذلك قد يندرج في إطار استراتيجية أبوظبي الأوسع لمغازلة روسيا أيضا.

وفقط هو الوقت الذي سيحدد مدى فعالية هذا التحالف المحتمل المؤيد للمجلس الانفصالي.

المصدر | جوناثان هارفي - إنسايد أرابيا - ترجمة وتحرير الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

المجلس الانتقالي الجنوبي اتفاق التطبيع الإماراتي الحوثيون

مهاجما السعودية والإمارات.. الحوثي: القتال لليمن والسلام لإسرائيل

وثيقتان سريتان: الإمارات تدفع اليمن للتطبيع مع إسرائيل منذ 16 عاما