مخاض الجزائر بين آلام القديم وآمال الجديد

الثلاثاء 22 سبتمبر 2020 07:01 ص

مخاض الجزائر بين آلام القديم وآمال الجديد

أكد تبون حول أن فلسطين «قضية مقدسة» و«أم القضايا» وأن الجزائر لن تبارك أو تشارك في «الهرولة نحو التطبيع».

نقطة إيجابية تُسجل للرئيس الجزائري وتأتي في سياق مخاض متعدد الميادين تشهده البلاد بين آلام القديم وآمال الجديد.

إقرار تبون بأن أي استثمار حقيقي بالجزائر لا بد أن يقترن باستقرار سياسي وتشريعي ومالي يناقض إصرار السلطة حول وجود «ثورة مضادة».

*     *     *

خلال لقائه الدوري مع وسائل الإعلام الوطنية أكد الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون أن البلاد مقبلة على انتخابات تشريعية سوف تعقب الاستفتاء على الدستور الجديد، والذي يُنتظر أن يجري مطلع تشرين الثاني/ نوفمبر المقبل.

والمجلس النيابي الحالي يعود إلى عام 2017، ومن المعروف أن الأغلبية في مجموعاته كانت تدين بالولاء للرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة الذي أجبره الحراك الشعبي على التنحي في نيسان/ أبريل من العام المنصرم.

ومن المعروف أن مؤيدي مشروع الدستور الجديد، وبينهم الرئيس تبون نفسه، يشيرون إلى الكثير من الإصلاحات التي سوف يُدخلها إلى النظام الراهن السائد في الجزائر، بينها الحدّ من صلاحيات رئيس الجمهورية في المسائل التشريعية والقضائية وإعلان حالة الطوارئ والحرب، وتقييد الرئاسة في عهدتين متتاليتين أو منفصلتين.

كذلك يمنح سلطات أعلى للبرلمان في مساءلة الحكومة وحجب الثقة عنها، ويكرس صلاحيات مجلس المحاسبة، ويستحدث سلطة عليا للشفافية ومكافحة الفساد، وسلطة مستقلة للانتخابات، إلى جانب تخويل رئيس الحكومة أو الوزير الأول ممارسة مهام يُعهد بها اليوم إلى رئيس الجمهورية حصرياً.

وفي المقابل يرى المعارضون لطرح هذا الدستور على الاستفتاء الشعبي، وبينهم العديد من ممثلي الحراك الشعبي الذي أطاح بسلطة بوتفليقة وعدد من كبار رجالات العهد السابق، أن المشروع تولت صياغته لجنة مؤدلجة ذات انتماءات سياسية وعقائدية ليست بعيدة عن السلطة الحالية أو أنها ما تزال تدين بمقادير من الولاء للنظام السابق.

وأن الوثيقة تلتف على روحية الحراك ومطالب الشعب، ولا ترقى إلى مصاف عقد اجتماعي وطني وثوري يؤسس لطور جديد. كذلك يساجل البعض بأن المشروع مصمم على مقاس الرئيس الحالي وبطانة السلطة و«الدولة العميقة» لا سيما وأن أي قوانين جديدة يتوجب أن تشمل تفعيل إجراءات العزل السياسي لمدة 10 سنوات على جميع قيادات الصف الأول للنظام السابق.

وكلا الطرفين يسوق جملة من الأسباب حول القبول أو الرفض لا تخلو من وجاهة ومنطق، خاصة في الظروف الراهنة التي تعيشها الجزائر لجهة المشكلات السياسية والاقتصادية والمالية والصحية، وفي ظلّ الاستناد على مخاطر تفشي وباء كوفيد–19 لحظر التظاهرات والاعتصامات التي كانت تعكس نبض الشارع الشعبي.

وكان إيجابياً إقرار تبون بأن أي استثمار حقيقي في الجزائر لا يمكن إلا أن يقترن باستقرار سياسي واستقرار تشريعي واستقرار مالي، وهذا صحيح بالطبع ولكنه يتناقض مع إصرار خطاب السلطة الرسمي على وجود «ثورة مضادة» ونظرية مؤامرة خلف انقطاع الكهرباء وسوء الوقاية من الجائحة وانحطاط خدمات الإنترنت ونقص السيولة المالية.

كذلك يتناقض مع إصرار تبون على أنّ قضية الصحافي الجزائري خالد درارني، الذي حُكم عليه بالسجن سنتين مع النفاذ، «لا علاقة لها بحرية التعبير» وذلك لمجرد وجود 180 جريدة يومية مرخصة تستفيد من الدعم على الورق، بالإضافة إلى 8500 صحافي يعملون في البلاد.

يبقى أن تصريحات تبون، حول القضية الفلسطينية وأنها «قضية مقدسة» و«أم القضايا» وأن الجزائر لن تبارك أو تشارك في «الهرولة نحو التطبيع» نقطة إيجابية أخرى تُسجل للرئيس الجزائري وتأتي في سياق مخاض متعدد الميادين تشهده البلاد بين آلام القديم وآمال الجديد.

المصدر | القدس العربي

  كلمات مفتاحية

الجزائر.. عملية انتقالية مضطربة ومشروع دستور مثير للجدل