انهيار شركات الإمارات.. أرابتك ليست الأولى ولن تكون الأخيرة

السبت 3 أكتوبر 2020 09:43 م

يعاني الاقتصاد الإماراتي منذ فترة طويلة، من مجموعة من الأزمات المتراكمة لا سيما في ظل اعتماده على الاقتصاد الخدمي والسياحة والعقارات بصورة رئيسية، ولا يكاد يخرج من أزمة حتى يدخل في أزمة جديدة، وخاصة منذ الأزمة المالية العالمية عام 2008 والتي أعقبها أزمة كبرى في القطاع العقاري عام 2010 ما زالت تداعياتها سارية حتى الآن.

وتضاعفت هذه المعاناة مع تداعيات فيروس "كورونا" وهبوط أسعار النفط، مما زاد من حدة الأعباء الاقتصادية.

وأمام هذه المعاناة، لم تكن "أرابتك" أول شركة إماراتية كبرى تصل إلى مرحلة الإفلاس أو التصفية، بل يتوقع محللون ومستثمرون أنها لن تكون الأخيرة.

لكن التساؤلات التي تطرح نفسها: ما سر انهيار شركات الإمارات الكبرى واحدة تلو الأخرى؟، وما هي انعكاسات ذلك على الاقتصاد الإماراتي؟.

يشار إلى أنه في 2018، أعلن عن إفلاس شركة "أبراج كابيتال"، ومقرها دبي، وكانت أكبر شركة استثمار مباشر في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، وبعدها بعام، انهارت شركة "إن إم سي" للرعاية الصحية.

يأتي ذلك، في وقت توقع استطلاع للرأي أجرته غرفة تجارة دبي، في مايو/أيار الماضي، أن تغلق أكثر من 70% من شركات الإمارة أبوابها في غضون 6 أشهر، بسبب تداعيات تفشي وباء "كورونا"، التي أضعفت اقتصاد دبي بشكل كبير.

وبحسب الاستطلاع، فإن نحو 74% من شركات السياحة والسفر ستغلق أبوابها خلال 6 أشهر من تاريخ إجراء الاستطلاع، فيما رأت 30% من شركات النقل والاتصالات أنها ستلقى المصير ذاته.

ولكن يقول مراقبون، إن إفلاس "أرابتك" لم يكن بسبب تداعيات "كورونا" وحدها، مشيرين إلى أن أكبر شركة مقاولات في الإمارات، والتي تمتلك فروعا في 11 دولة، تحقق خسائر متواصلة منذ أكثر من 3 سنوات، وتراكمت إلى أن تجاوزت قيمة رأس مال الشركة.

ووفق المراقبين، فإنه لا يمكن نكران تداعيات تفشي وباء "كورونا" الكارثية على جميع اقتصاديات العالم، فضلا عن الآثار السلبية الناجمة عن هبوط أسعار النفط على الدول النفطية، لكن لا يجب استخدامه شماعة لعمليات الفساد على مدار سنوات عديدة.

وفي تعليقه على قرار إفلاس وتصفية أرابتك، قال مستثمر كبير في الإمارات رفض الكشف عن هويته: "كان مصيرا متوقعا، لأنها ماتت إكلينيكيا منذ انهيار سعر أسهم الشركة التي استقال على إثرها حسن اسميك العضو المنتدب والرئيس التنفيذي لمجموعة أرابتك القابضة في 2014".

وتوقع أن تلقى العديد من الشركات الأخرى نفس المصير خلال الفترة المقبلة.

وأردف: "أغلب الشركات بياناتها المالية غير دقيقة وغير مطمئنة، وهذا ما يقلق الكثير من المستثمرين، خاصة في ظل الضربة المزدوجة لانهيار أسعار النفط وتفشي وباء كورونا والتي ألقت بآثار وخيمة على السوق المحلية في الإمارات".

وخلال فترة ما قبل تفشي وباء "كورونا"، انهارت أكثر من شركة إماراتية كبرى، في إطار التداعيات السلبية الحادة المستمرة للأزمة المالية العالمية في 2008 على الاقتصاد الإماراتي، ومنها على سبيل المثال لا الحصر شركة "إن إم سي هِلث" لإدارة المستشفيات.

وفي أيار/مايو الماضي، أظهرت وثيقة نشرتها "روتيرز" أن شركة "فينيكس كوموديتيز بي في تي"، المتخصصة في تجارة المنتجات الزراعية ومكتبها الرئيسي دبي، تخضع للتصفية بعد تكبدها خسائر بأكثر من 400 مليون دولار.

ونشرت صحيفة غرفة تجارة وصناعة الفجيرة، تقريرا تحت عنوان: "صدمة جديدة لبنوك الإمارات بعد انكشاف جديد للبنوك على ديون شركة فينيكس كوموديتيز و6 بنوك محلية تنفي انكشافها".

وقالت الصحيفة التابعة لحكومة الفجيرة: "تعرضت بنوك الإمارات لصدمة جديدة بعد أسابيع قليلة من تعرضها لأكبر أزمة من شركة "إن إم سي هيلث" الإماراتية على يد رجل الأعمال الهندي "آر بي شيتي".

ووفقا للبيانات الرسمية لبورصتي دبي وأبوظبي، سجلت شركة "أرابتك القابضة"، خلال الأشهر الستة الأولى من 2020، خسائر بقيمة 794 مليون درهم (216.3 ملايين دولار) ليقفز إجمالي خسائرها المتراكمة إلى 1.45 مليار درهم (395 مليون دولار)، ما يشكل 97.2% من رأسمالها البالغ 1.5 مليار درهم (408 ملايين دولار).

وخلال الأشهر الستة الأولى من 2020، بلغت خسائر شركة "الاتحاد العقارية" 160.4 ملايين درهم (43.7 ملايين دولار)، مقارنة بخسائر قدرها 82.3 ملايين درهم (22.4 ملايين دولار)، بزيادة بلغت نسبتها 95%، مقارنة بنفس الفترة من 2019.

فيما بلغت خسائر شركة "منازل العقارية"، خسائر قدرها 98.9 ملايين درهم (27 مليون دولار)، كما هبط صافي أرباح "إعمار العقارية"، إلى نحو ملياري درهم، مقابل 3.1 مليار درهم (844 مليون دولار) بنسبة تراجع بلغت 35%، وتحولت شركة "داماك العقارية" للخسائر بقيمة بلغت 386.7 ملايين درهم (105 ملايين دولار).

وفي سياق خسائر الشركات الإماراتية أيضا، سجلت شركة "الإسمنت الوطنية" خسائر قدرها 25.2 مليون درهم (6.9 ملايين دولار) بنهاية النصف الأول من العام الجاري.

كما بلغت خسائر شركة "صناعات أسمنت الفجيرة"، 28.2 مليون درهم (7.7 ملايين دولار)، بنهاية يونيو/حزيران الماضي.

من جانبه، أقر عضو المجلس الوطني الاتحادي بالإمارات "عبيد الغول السلامي"، بالخسائر المتواصلة لعدد من الشركات الإماراتية، خلال النصف الأول من العام الجاري، وخاصة في قطاع المقاولات والعقارات.

وقال في مقال نشرته صحيفة "الإمارات اليوم": "هذه الشركات كانت تعلن عن خسائر متتالية حتى في سنوات الرخاء، فما بالك بعام كورونا؟، وماذا لو استمرت هذه الخسائر بعد زوال الوباء، وعودة الحياة الاقتصادية إلى سابق عهدها؟".

وأشار إلى أن نحو 99 شركة من أصل 131 شركة مدرجة في أسواق المال الإماراتية حققت خسائر كبيرة في نهاية 2019 (قبل انتشار كورونا)، لافتا إلى أن معظم هذه الخسائر مزمنة، وهو الأمر الذي أثر ولا زال يؤثر سلبا في حجم تداولات الأسهم بأسواق الإمارات المحلية، مقارنة بحجم القاعدة النقدية لاقتصاد الدولة.

وأضاف: "هذه الشركات لا تزال تسير في الطريق نفسه حتى وصلت بعض الخسائر إلى 5 أضعاف رأسمال الشركة (...) هناك عدد من الشركات تسير باتجاه سلبي، وبعضها سلبي جدا، وأخرى تضعف، بل بدأت بالترنح. ومن الواضح أنها ستلحق بركب الشركات ذات الخسائر المتراكمة".

وتساءل عضو المجلس الوطني الاتحادي، قائلا: "كيف تدار هذه الشركات؟، وهل تعاد دراسة خسائرها؟، وإلى متى ستستمر سلسلة خسائرها المزمنة؟ (...) أم أن هناك منافع خفية تجبر مجالس الإدارات والإدارات التنفيذية على المكابرة والإصرار على مواصلة الفشل، والاستمتاع بتكرار النتائج السلبية وبقاء أسهم هذه الشركات ضمن المؤشر الأحمر؟".

فيما قال الخبير الاقتصادي "أحمد ذكر الله"، إن إفلاس "أرابتك" ضربة مؤلمة للاقتصاد الإماراتي، وهو مشهد طبيعي قد يتكرر خلال الفترة المقبلة، بسبب معاناة القطاع العقاري خلال الفترة الماضية.

وأضاف: "حتى قبل فترة كورونا كانت أرابتك تعاني من أزمة مالية، حيث وصلت خسائرها قرابة الـ750 مليون درهم () خلال النصف الأول من العام الماضي، وخسائرها المتراكمة هي التي أدت بها للاتجاه نحو الإفلاس والتصفية".

وأوضح أن تضخم القطاع العقاري في الإمارات إضافة إلى ما يعانيه اقتصاد الإمارات وخاصة اقتصاد دبي أثر سلبا على مجمل الشركات وأدى في النهاية إلى إفلاس "أرابتك"، والذي لن يكون الأخير في ظل الصعوبات والتحديات التي يواجهها اقتصاد الإمارات ككل ومناخ الاستثمار بصفة رئيسية.

وتابع: "معظم شركات القطاع العقاري في الإمارات مرشحة لنفس مصير أرابتك".

وختم "ذكر الله"، حديثه بالإشارة إلى أن المناخ التفاؤلي الذي كان يسيطر على الإمارات خلال العشر سنوات الماضية، آخذ الآن في التضاؤل أو الانغلاق.

المصدر | الخليج الجديد + متابعات

  كلمات مفتاحية

أرابتك الإماراتية شركة أرابتك اقتصاد الإمارات سوق العقارات سوق العقارات في دبي

داماك الإماراتية تسجل أول خسائر سنوية منذ طرحها للتداول

أرابتك.. أكبر شركة عقارات بالإمارات اختفت من على وجه الأرض

الإمارات تستعد لإطلاق 50 مبادرة اقتصادية جديدة