استطلاع رأي

أي من هذه الدول تمارس الدور الأكثر إيجابية في حرب غزة؟

السعودية

مصر

قطر

إيران

تركيا

أهم الموضوعات

طبقات اليمين الإسرائيلي وبصيرة دا سيلفا

عن أوهام التفاؤل الأميركي

أزمة اقتصاد مصر وانتظار الفرج من الخارج

نحو وقف الحرب على غزة

سيناريو اليوم التالي للحرب

الدول العربية: مساحات مغلقة وحريات مفقودة

الخميس 22 أكتوبر 2020 08:39 ص

الدول العربية: مساحات مغلقة وحريات مفقودة

هل ننتظر ثورات جديدة على شاكلة 2011 قبل أن يصحو النظام العربي من سباته السلطوي؟

أم سنتعايش مع استمرار كابوس مضاد للإنسان والحقوق والحريات حتى تسقط البلاد بيد القوى الخارجية كما في سوريا وغيرها؟

متى ستكون مساحات التعبير الحرة العربية وسيلة أساسية لحماية المجتمع والفرد والجمهور والسياسيين والمفكرين من سوء استخدام السلطة؟

إن أهم مقاومة عربية هي مقاومة سلمية تقودنا نحو تعبير حر وحقوق أساسية مقاومة حتمية لبناء المساءلة والسير نحو تداول السلطة بمعنى الكلمة.

بغياب نموذج عربي لتعبير مفتوح وضمانات حقوقية يسود نموذج العنف والإقصاء وإخفاء السجناء وتصفيتهم بالسجون لدى أنظمة عربية كثيرة.

*     *     *

إن الحالة العربية الراهنة مع الحريات هي واحدة من الأسوأ في العالم. وهذا وضع قد يدوم لبعض الوقت، لكن وصوله في 2020 لمرحلة متقدمة قد يكون الأساس الممهد لصراع قادم حول فتح مساحات الحرية العربية.

إن الكبت الفكري والسياسي لا يمكن إدامته بلا تهديد للاستقرار وتعميق للشروخ. إن الحريات ضرورة للمساءلة وللتعامل مع أنواع الظلم المختلفة ومع الاقتصاد المريض والفساد المنتشر المؤدي للتبعية للخارج. والحريات ضرورة لضمان فرص للاستقرار والتعديل والإصلاح.

إن الموقف الرافض للحريات بعبر عن نخب مسيطرة ومالكة لوسائل القوة والسلطة، هذه النخب تؤمن بالقدرة على فعل كل شيء، وتؤمن بملكيتها للدولة والمجتمع والناس والأفراد والاقتصاد.

هذه النظرة للإنسان عرفها التاريخ ولم يكن رحيما معها، شاه إيران نموذج لما نقصد، لكن تشاوتشيسكو في تشيكوسلوفاكيا نموذج آخر. في ظل أنظمة كهذه ستقع اهتزازات مفاجئة. لهذا فالنموذج العربي الراهن سيختبر الكثير من الاهترازات المفاجئة.

إن جانبا رئيسيا إذن من الضعف العربي الراهن مرتبط بموقع الحريات السلبي وبالتالي مكانة المثقفين العرب في أوطانهم المختلفة. وهناك فريق من المثقفين العرب ممن يشعرون بمسؤولية التعبير عن الرأي حتى لو خالف الرأي السائد والسلطات المهيمنة.

إن هذا النمط من المثقفين والسياسيين المهمشين يجدون أنفسهم في حالة استنزاف غير متكافئة مع أصحاب القوة والنفوذ ممن يحملون رؤى ضيقة حول مكانة الحريات والإنسان والمشاركة.

ونجد بنفس الوقت أن واحدة من القضايا الايجابية التي وقعت مؤخرا هو قيام المحكمة في الكويت في 4 أكتوبر 2020 بتبرئة د. عبدالله النفيسي المفكر العربي والكويتي من تهمة الإساءة لدولة الإمارات. هذا الحكم من الصعب أن يقع في عالمنا العربي مما دفع د. عبدالله النفيسي للإشادة بحكم البراءة وبالقضاء الكويتي.

لكن من جهة اخرى حفظ القضية التي رفعت ضد كتابي الأخير «النكبة ونشوء الشتات الفلسطيني في الكويت» الصادر عن المركز العربي للأبحاث في بيروت والدوحة انعكاس لذات الاتجاه في القضاء الكويتي.

لقد جاء مع حفظ القضية في 2019 من قبل النائب العام الكويتي المستشار الاستاذ ضرار العسعوسي شرح يصل إلى41 صفحة توضح أن الكتاب عمل أكاديمي ويعتمد الأسلوب العلمي، وأنه لهذا لا يقاضى ولا يحاكم. هذا الحكم، حول حرية البحث الأكاديمي هو الأول من نوعه في الكويت.

لكن التفاؤل في مكان وفي قرار او أكثر لا ينفي مدى عمق أزمة الحقوق والحريات في الأقطار العربية.. وهذا يعكس حالة استمرار لصدام قائم حول الحقوق والحريات. ففي بلدان عربية كثيرة لا يسمح للأستاذ الجامعي بتقديم بحث في مؤتمر علمي أو سياسي أكاديمي خارج بلاده إلا بعد ان يأخذ إذناً من وزارة تعليمه العالي ومن أعلى الجهات في الدولة، وكثيراً ما يصل الأمر الى دائرة الاستخبارات التي تأخذ القرار النهائي في أمر الذهاب من عدمه. إن الكثير من الدول تراقب كل ورقة ورأي دون تقدير للمعنى العلمي او الحر في تلك الورقة.

من جهة أخرى إن ما وقع مع رئيس حزب «مصر القوية» والمرشح الرئاسي السابق في مصر عبد المنعم أبو الفتوح وذلك بعد قيامه بتوجيه نقد في مقابلة أثناء حضوره لمـؤتمر يؤكد ما أرمي اليه. كان مصير عبد المنعم ابو الفتوح السجن في شباط/ فبراير 2018 وذلك عند عودته إلى القاهرة.

ولو قرأنا ما قاله: سنكتشف انه كان متزنا في طرحه ودعا لفتح المساحة والمصالحات. لازال عبد المنعم ابو الفتوح الإصلاحي في السجن رغم تقدم عمره وتردي صحته. وبنفس الوقت يعاني الوف السجناء من نفس المصير.

وفي ظل غياب نموذج للتعبير المفتوح والضمانات الحقوقية العربي، فإن نموذج العنف والإقصاء وإخفاء السجناء وفي حالات تصفيتهم في السجون هو السائد لدى الكثير من الأنظمة العربية. ولو قمنا بجردة عبر السجون العربية لوجدنا كم من أصحاب الرأي عشرات الألوف) يقضون أحكام بسبب رأي أو بسبب مقالة او موقف سياسي، أو حتى بسبب كتاب ومسرحية وقصيدة وأغنية.

لست متأكداً إن كان للأنظمة العربية اية مصلحة حقيقية في تعميم ثقافة العنف والإقصاء، فهكذا سلوك ممعن في ضيق الأفق سيلاحقها لسنوات وعقود قادمة وسيكون سببا في أزماتها ونهاية دورها. إن أساليب العنف الرسمي والإقصاء والاجتثاث تمددت بسبب غلق المساحة أمام الحقوق والحريات والمجتمع المدني واستقلاليته.

إن اجتثاث الرأي الآخر، والرأي الشعبي، والرأي المستنير النقدي قاتل للولاء وللمواطنة وللوحدة الوطنية. فالسعي لتصفية الرأي الآخر دليل عجز وضعف في النظام العربي، وهو بنفس الوقت يعمي صانع القرار المتحكم بالسلطة عن الحقيقة والاستماع والتواضع، مما يجعله ضحية مجموعة صغيرة من المتنفذين ممن يتحدثون باسمه.

في مجتمعات كهذه سيكون من الطبيعي أن تهاجر الحريات والحقوق والثقافة لخارج الأوطان كما تهاجر المعارضة لأماكن أخرى حيث الحماية. لكن مجتمعات تعاني من هذه الاشكاليات من الصعب أن تشهد استقرارا بعيد الأمد. الهزات ستقع، وهي قادمة.

يبقى التساؤل: متى ستكون مساحات التعبير الحرة في العالم العربي وسيلة أساسية لحماية المجتمع والفرد والجمهور والسياسيين والمفكرين من سوء استخدام السلطة؟

ثم هل ننتظر وقوع ثورات جديدة على شاكلة ما وقع في 2011 قبل أن يصحو النظام العربي من سباته السلطوي؟ أم أننا سنتعايش مع استمرار كابوس مضاد للإنسان والحقوق والحريات الى أن تسقط الأوطان بيد القوى الخارجية كما وقع في سوريا وغيرها؟

إن أهم مقاومة في العالم العربي هي المقاومة السلمية التي تقودنا نحو التعبير الحر والحقوق الأساسية، تلك المقاومة أساسية لبناء المساءلة، ثم للسير نحو التداول على السلطة بكل ما للكمية من معنى.

* د. شفيق ناظم الغبرا أستاذ العلوم السياسية بجامعة الكويت.

المصدر | القدس العربي

  كلمات مفتاحية

حرية التعبير، القمع، العالم العربي، ثورات، تصفية جسدية، معتقلات، عبد الله النفيسي، عبد المنعم أبوالفتوح،

العفو الدولية: الدول العربية استغلت كورونا للتضييق على الحريات