بعد 6 أشهر من رئاسته للحكومة.. ماذا قدم مصطفى الكاظمي للعراق؟

الاثنين 16 نوفمبر 2020 01:46 ص

صعد رئيس الحكومة العراقية "مصطفى الكاظمي" إلى رئاسة الوزراء بعد أشهر من عدم الاستقرار السياسي.

وابتداء من أكتوبر/تشرين الأول 2019، اندلعت احتجاجات حاشدة مناهضة للحكومة وأطاحت بسلفه "عادل عبدالمهدي".

وجاء صعود "الكاظمي" بعد فشل اثنين آخرين من رؤساء الوزراء المعينين في تشكيل الحكومة.

ومرت الآن 6 أشهر منذ أن تولى "الكاظمي" منصبه، وهو حدث كان كثيرون يأملون أن يؤدي إلى تغيير إيجابي للعراق.

لكن هل فعل ذلك؟

ويعد الحفاظ على التوازن كقائد أعلى للبلاد أمرا بالغ الأهمية، خاصة أن العراق يواجه تحديات دولية ومحلية متعددة.

ووضع "الكاظمي" في برنامجه 9 أولويات لحكومته تشمل الانتخابات المبكرة وإصلاح قانون الانتخابات، ومكافحة "كوفيد -19"، والسيطرة على السلاح في الدولة، ومنع العنف ضد المتظاهرين.

وبينما يمكن تحقيق بعض هذه الأهداف من خلال سلطة رئيس الوزراء، مثل الأمن والشؤون الخارجية، يتطلب بعضها الآخر تعاون مجلس النواب، مثل الإصلاح الانتخابي والمالي.

وبالنظر إلى هذه الأهداف، دعونا نستعرض كيف كان أداء "الكاظمي".

استجابة لمطالب المحتجين، كان وعد "الكاظمي" الأول هو إجراء انتخابات مبكرة وإصلاح قانون الانتخابات.

وفي أغسطس/آب، اقترح موعدا للانتخابات في 6 يونيو/حزيران 2021.

ومع ذلك، لا يضمن الاقتراح إجراء انتخابات مبكرة، حيث يجب أن يصادق عليه مجلس النواب.

وتتطلب الانتخابات المبكرة تمويلا، ولم تضع حكومة "الكاظمي" ميزانية فيدرالية لعام 2021، بالرغم من كونها على قائمة أولوياته.

ومن شأن وضع ميزانية تتضمن تمويل الانتخابات الضغط على مجلس النواب للموافقة على هذا التاريخ.

وهي مهمة صعبة بالفعل، لأنها تتطلب من البرلمانيين التصويت لصالح إخراج أنفسهم من المجلس.

والأهم من تحديد موعد الانتخابات هو ضمان أن تكون الانتخابات المبكرة حرة ونزيهة.

ولطالما طالب المتظاهرون والمجتمع المدني بإصلاح قانون الانتخابات، وتحديدا جعل الدوائر الانتخابية أصغر من أجل ضمان تمثيل أفضل.

وفي الوقت الحالي، يتم ترسيم الدوائر الانتخابية في العراق إلى حد كبير على مستوى المحافظات، ما يعطي ميزة للأحزاب الأكبر حجما وذات الموارد الجيدة.

وفي أواخر الشهر الماضي، صوت مجلس النواب على دوائر انتخابية أصغر، بالرغم أن تطبيق ذلك عمليا لا يزال بعيدا بسبب حقيقة أن آخر إحصاء سكاني موثوق به في العراق كان في عام 1957.

ومنذ ذلك الحين، شهدت البلاد تغيرات ديموغرافية هائلة.

وكانت الأولوية الثانية للحكومة مكافحة جائحة "كوفيد-19"، بالرغم من المخاوف من رد الفعل العام العنيف الذي واجه الإجراءات الحكومة السابقة.

وفي البداية، فرضت الحكومة السابقة قيودا صارمة على السكان، ولكن بحلول أواخر أبريل/نيسان تم تخفيفها، وارتفعت الإصابات نتيجة لذلك.

وعندما تولت حكومة "الكاظمي" السلطة، استمرت في تخفيف القيود، بالرغم من تصاعد معدل الإصابة.

واليوم، يمتلك العراق ثاني أكبر عدد من الإصابات والوفيات المرتبطة بـ "كوفيد-19" في المنطقة، خلف إيران مباشرة وقبل تركيا، وكلاهما يبلغ عدد سكانه ضعف عدد سكان العراق.

وعلى الصعيد العالمي، يحتل العراق المرتبة 19 في معدل الإصابة، وربما يستحق أن يكون في مكان أسوأ لولا قدرات العراق المنخفضة بالنسبة لإجراء الاختبارات، والتي بالكاد تحسنت في عهد "الكاظمي".

وتهتم اثنين من أولويات "الكاظمي" بالحد من العنف، سواء كان ذلك من خلال السعي لتحقيق العدالة للمتظاهرين الذين قُتلوا أو بتقييد الجماعات شبه العسكرية الأقل تعاونا.

ووعد "الكاظمي" مرارا وتكرارا بالسعي لتحقيق العدالة لمئات المتظاهرين الذين فقدوا حياتهم في العام الماضي، لكنه لم يفعل ذلك بعد.

ولم يشكل "الكاظمي" لجنة رسمية للتحقيق في تلك الجرائم إلا في أكتوبر/تشرين الأول، وأوضح في مقابلة تلفزيونية أنها مهمة صعبة وتستغرق وقتا طويلا وتتطلب الصبر.

وفي مقابلات خاصة، أعرب ناشطون عن شكوكهم في قدرة "الكاظمي" على تنفيذ إصلاحات حقيقية والسعي لتحقيق العدالة للمتظاهرين الذين قُتلوا.

كما عبروا عن قلقهم من عدم قدرته على وقف عمليات الاغتيال والخطف التي يتعرض لها نشطاء المجتمع المدني والتي لا تزال مستمرة تحت أعين "الكاظمي"، مثل مقتل الباحث الأمني "هشام الهاشمي" والناشطة المقيمة في البصرة "ريهام يعقوب".

وكواحد من أولى أعماله في منصبه، حاول "الكاظمي" مواجهة الجماعات شبه العسكرية، وتوجيه جهاز مكافحة الإرهاب للتحقيق في الهجمات الصاروخية على المنطقة الخضراء، التي تضم العديد من الوزارات والبعثات الخارجية، بما في ذلك السفارة الأمريكية.

وخلال هذه العملية، طُلب من جهاز مكافحة الإرهاب اعتقال عدد من مقاتلي "كتائب حزب الله"، لكن تم إطلاق سراحهم لاحقا باستثناء واحد.

علاوة على ذلك، كشفت مصادر مقربة من "الكاظمي" أنه في إطار اعتذاره لـ"كتائب حزب الله" ألقى باللوم على جهاز مكافحة الارهاب بدلا من دعم قراره.

ومن خلال مطالبة جهاز مكافحة الإرهاب بالقيام بعمل الشرطة الفيدرالية، أساء "الكاظمي" إدارة موارد الدولة، وأدى إلى تقويض سمعة جهاز مكافحة الإرهاب.

وبالمثل، طُلب من جهاز مكافحة الإرهاب مواجهة القبليين المسلحين في الناصرية بحثا عن ناشط مدني مختطف، ومن ثم تم الاعتذار مرة أخرى لتجنب غضب القبائل القوية.

وللقائد العام الحق في ملاحقة الجماعات المسلحة، لكن عليه أن يفعل ذلك بعزم ووفق استراتيجية.

ويضعف التراجع المستمر عن الأوامر والاعتذار للمجموعات المستهدفة جهاز مكافحة الإرهاب، ويضر بهيبة قائد البلاد والدولة العراقية ككل.

وبالرغم أن البعض قد يجادل بأن يديه مقيدتان كرئيس وزراء مؤقت، إلا أن "الكاظمي" مؤقت فيما يتعلق بالوقت في المنصب، وليس في أدواته التي يتمتع بها على رأس السلطة التنفيذية.

لذلك، يمكنه تحمل التكاليف السياسية لمواجهة وكشف الجهات الفاعلة النافذة، أكثر من أي رئيس وزراء يأتي مع طموحات وظيفية للبقاء طويلا.

وبينما يعتبر الكثيرون أن منصب رئيس الوزراء العراقي هو من أصعب الوظائف في العالم، وضع "الكاظمي" برنامجا طموحا وحظي بتغطية إعلامية كبيرة.

وقبل 6 أشهر، تم الإشادة بحكومة "الكاظمي" لما قدمه من نوايا للإصلاح، أما اليوم، فلا صوت يعلو فوق الحديث عن تقاعسه عن أداء عمله كما كان ينبغي.

المصدر | مارسين الشمري/بروكينجز - ترجمة وتحرير الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

مصطفى الكاظمي الحكومة العراقية الاقتصاد العراقي المليشيات المسلحة انتخابات مبكرة قانون الانتخابات