كيف يمكن لبايدن أن يوازن بين المصالح المتضاربة في الخليج؟

الثلاثاء 17 نوفمبر 2020 02:06 م

بالنظر إلى السنوات الأربع الماضية، من الواضح أن الرئيس "دونالد ترامب" شجع حكومتي السعودية والإمارات على أن تكونا أكثر تشددًا في جميع قضايا الشرق الأوسط.

منذ يناير/كانون الثاني 2017، نظرت هاتان الدولتان العربيتان إلى رئاسة "ترامب" كفرصة فريدة من نوعها لا تقدر بثمن لتحركات جريئة في المنطقة لتحقيق أهداف طويلة الأمد كان من الممكن أن تكون خطرة للغاية خلال جميع الإدارات الأمريكية قبل "ترامب"، الجمهورية والديمقراطية على حد سواء. والآن مع تولي الرئيس المنتخب" جوزيف بايدن"، يدور السؤال الكبير حول الخطوات التي ستتخذها إدارته لكبح طموحات السياسة الخارجية المتطرفة.

إلى جانب التدخلات العسكرية السعودية والإماراتية في اليمن وليبيا، يجب أن يكون الحصار المفروض على قطر منذ 3 سنوات ونصف العام قريبًا على أجندة "بايدن". من وجهة نظر "بايدن" وغيره ممن خدموا في إدارة "باراك أوباما"، كان حصار قطر وما نتج عنه من تفكك فعلي لمجلس التعاون الخليجي كمؤسسة إقليمية فرعية فعالة، تطورات مؤسفة لكنها متوقعة.

لقد أوضحت أزمة الخليج في 2014، عندما سحبت البحرين والسعودية والإمارات سفراءها من الدوحة احتجاجًا على تدخل قطر المزعوم في شؤونهم الداخلية، الخطورة المحتملة للتوترات داخل دول مجلس التعاون الخليجي. في الواقع، وفقًا لنائب مستشار الأمن القومي آنذاك "بن رودس"، عمل سلف "ترامب" بجد لمنع تصاعد الخلاف الخليجي حول قطر، والذي حدث بعد فترة وجيزة من زيارة "ترامب" الشهيرة إلى الرياض في رحلته الأولى إلى الخارج كرئيس في مايو/أيار 2017.

بالرغم من أن إدارة "ترامب"، حاولت بعد دعمها لفترة وجيزة للحصار، التوفيق بين الأطراف من أجل حشد جميع الدول الأعضاء في مجلس التعاون الخليجي الست ضد إيران، إلا أن هذه الجهود أثبتت فشلها. يعتقد بعض المحللين أن على واشنطن ممارسة مزيد من الضغط على السعودية والبحرين والإمارات ومصر لرفع الحصار، إلى حد إبطاء أو وقف مبيعات الأسلحة إلى أن تحل هذه الدول العربية خلافها مع قطر التي خدمت واشنطن عبر استضافة قاعدة العديد الجوية كقاعدة عمليات متقدمة للقيادة المركزية الأمريكية في المنطقة منذ عام 2003.

ووفقًا "لكريستوفر هنتر" من المجلس الأطلسي، فإن "واحدة من أولى التحركات في الشرق الأوسط التي يجب على إدارة بايدن القيام بها هي دعوة السعودية علنًا إلى إنهاء الحصار على الفور، مدعومة بنيّة عرض الأمر على مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة إذا لزم الأمر" وأضاف:. "يجب أن تكون هذه الخطوة جزءًا من استعادة عالمية أوسع لسيادة القانون والمبادئ الديمقراطية ورفض صريح للبيئة العالمية المتساهلة التي خلقها ترامب للحكام الخارجين عن القانون للعمل وفقًا لميولهم الشمولية دون خوف من العواقب".

وبالمثل، توقع "مايكل آيزنر" و"سارة ليا ويتسن" موقفًا أكثر حزما من "بايدن" في دعم الديمقراطية في العالم العربي. وأضافا: "لن تتحلى إدارة "بايدن" بالصبر نفسه على تصرفاتهم الغريبة، وقد تستخدم أدوات للضغط على السعودية والإمارات لإنهاء الحصار الذي لم يكن يفكر فيه الرئيس "ترامب".

في الوقت نفسه، قد تتصالح السعودية مع قطر من أجل تقديم بعض النوايا الحسنة أمام إدارة "بايدن". يشعر المسؤولون في الرياض بالقلق من كيفية قيام الرئيس الأمريكي السادس والأربعين بإعادة النظر في الشراكة الأمريكية السعودية ومعاقبة قيادة المملكة على مختلف الإجراءات التي اتخذتها خلال رئاسة "ترامب" مثل جريمة القتل المروعة "لجمال خاشقجي" في القنصلية السعودية في اسطنبول في أكتوبر/تشرين الأول 2018، فضلا عن تدخلها العسكري الكارثي منذ 5 سنوات في الحرب الأهلية اليمنية.

يؤكد بعض المنتقدين أن توقيع اتفاق دبلوماسي مع إسرائيل هو خطوة يتعين على ولي العهد الأمير "محمد بن سلمان"، اتخاذها لمنع "انهيار" الشراكة بين الرياض وواشنطن في حقبة ما بعد "ترامب". ومع ذلك، فإن أي اتفاق مع تل أبيب سيأتي بمخاطر سياسية كبيرة لحكام آل سعود - على الصعيدين المحلي والإقليمي. مع تفضيل غالبية المواطنين السعوديين للتقارب مع قطر، فإن إنهاء تورط الرياض في الحصار سينطوي على مخاطر أقل بكثير "لمحمد بن سلمان" ومن حوله.

عندما يتعلق الأمر بدولة الإمارات، فإن الصورة مختلفة. من وجهة نظر واشنطن، لا يعد الإماراتيون متورطين في قضية "خاشقجي". ولم تعد الإمارات متورطة بشكل مباشر في اليمن، كما وقعت أبوظبي اتفاقات "إبراهام" مع (إسرائيل). وتعني هذه العوامل أنه، مقارنة بالسعودية، يجب على الإمارات أن تقلق بدرجة أقل بكثير فيما يتعلق بسمعتها في واشنطن، خاصة بين الديمقراطيين الذين سيسيطرون على البيت الأبيض وعلى غرفة في الكونجرس.

وبالتالي قد يكون لدى الإمارات حافز أقل لإصلاح علاقتها مع قطر من أجل إرضاء الإدارة القادمة والمشرعين الأمريكيين. ستكون التكاليف أعلى أيضًا بالنظر إلى مدى تأطير أبوظبي بشكل صارم لـ"التهديد" القطري من منظور أيديولوجي، مما يجعل من الصعب على القيادة التخلي عن حملتها لعزل الدوحة.

من المرجح أن يؤدي وصول "بايدن" إلى الرئاسة إلى إجبار الرياض وأبوظبي على التخلي عن الأمل في أن يتأرجح البيت الأبيض لصالحهم. ومع ذلك، فإن إحجام "محمد بن سلمان" عن الانفصال عن معلمه، ولي عهد أبوظبي، "محمد بن زايد"، سيجعل من الصعب على إدارة "بايدن" إبعاد السعوديين عن الموقف الإماراتي المتشدد. قد تقترح القيادة السعودية بدلاً من ذلك فك الارتباط العسكري عن اليمن كـ "لفتة" كافية لكسب الفضل في الإدارة الجديدة دون استعداء الإماراتيين.

على هذا النحو، سيرث أعضاء إدارة "بايدن" المكلفون بإدارة سياسة الشرق الأوسط نزاعًا نشأ في الأشهر الأولى من رئاسة "ترامب" والذي يبدو أنه من المرجح أن يدوم أكثر من ذلك. وبالتالي، فإن الصدع الخليجي يوضح العبء الذي ستلقيه إدارة "ترامب" على خليفتها، حيث توطدت الأزمات التي بدأت في عهد "ترامب" وتحولت إلى مآزق مستعصية.

المصدر | كريستيان كوتس أولريكسين وجورجيو كافيرو/ستيتكرافت – ترجمة وتحرير الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

العلاقات الأمريكية الخليجية جو بايدن حصار قطر

جيوبوليتيكال: فوز بايدن يدفع السعودية نحو إسرائيل.. والتعاون الخليجي ينهار

بي بي سي: فوز بايدن يفرض واقعا جديدا على قادة الخليج وعليهم الاستعداد

بعد فوز بايدن.. اتصالات كويتية جديدة لحلحلة الأزمة الخليجية

تباين أسواق الخليج بعد فوز بايدن برئاسة الولايات المتحدة

بين ترمب وبايدن: ماذا ينتظر الخليج بعد الانتخابات؟

أمين التعاون الخليجي يلتقي وزير خارجية قطر.. هل اقتربت المصالحة؟ 

9 من مستشاريه.. بايدن يختار كبار موظفي البيت الأبيض

آخر محاولة لحل الأزمة.. كوشنر يرأس وفدا لزيارة السعودية وقطر

تحديات جيوسياسية أمام دول الخليج مع الانتقال الصعب للسلطة في أمريكا

مستقبل مبيعات الأسلحة الأمريكية إلى دول الخليج في عهد بايدن