قطع البازل تتقارب.. هل يفجر ترامب برميل البارود على إيران؟

الخميس 26 نوفمبر 2020 11:48 م

يأتي وزير الخارجية الأمريكي إلى الشرق الأوسط، بينما تلحقه قاذفات بي- 52 الاستراتيجية الثقيلة الأمريكية التي تعد أحد أبرز رموز القوة الفتاكة الجوية للولايات المتحدة لتحلق في سماء المنطقة، بعد غياب، في الوقت الذي تتناثر فيه تقارير عن لقاء عابر بين رئيس الوزراء الإسرائيلي "بنيامين نتنياهو" وولي العهد السعودي "محمد بن سلمان".

بعد ذلك تشير تقارير إلى صدور توجيهات إيرانية لميليشيات تابعة لها بالعراق بالتوقف عن استفزاز الأمريكيين خلال الفترة الحالية، ووسط هذا التطور تنشر "رويترز" تقريرا عن قرار إماراتي بوقف التأشيرات لمواطني إيران، ودول أخرى القاسم المشترك بين معظمها هو التقارب مع إيران أو عدم معاداتها.

قطع البازل السابقة إذا أعيد ترتيبها بأي وضع، ستشير بوضوح إلى وجود تحرك أمريكي قريب ضد إيران، متابعون يتحدثون عن حرب يريد الرئيس الأمريكي "دونالد ترامب" إشعالها قبل رحيله من البيت الأبيض، بينما يشير آخرون إلى ضربة عسكرية جراحية ذات أهداف محددة تكون بمثابة تحية وداع عنيفة من "ترامب" الذي استثمر في معاداة طهران طوال فترته الرئاسية بشكل طمأن دول الخليج ونال استحسان إسرائيل.

زيارة وزير الخارجية الأمريكي "مايك بومبيو" الشرق أوسطية الأخيرة عرفت في الإعلام الأمريكي باسم "أغنية البجعة"، وهي عبارة تطلق على أي عمل أخير قبل التقاعد أو الموت، حيث بدا أن أحد أكثر مساعدي "ترامب" ولاء له، مصمم على ترك بصمته على التاريخ من خلال زيارة أخيرة له لأكثر منطقة ملتهبة في العالم.

زيارة "بومبيو" أثارت القلق، خاصة أنها جاءت وسط تقارير نشرها الإعلام الأمريكي حول سؤال "ترامب" لمستشاريه عن خيارات لمهاجمة مواقع نووية إيرانية، أبرزها موقع "نطنز".

مر "بومبيو" على تركيا وإسرائيل ودول الخليج، وكان واضحا أن هناك شئ ما يلوح في الأفق.

ولم يكد غبار الزيارة ينجلي، حتى أعلن الجيش الأمريكي تحت قيادة وزير الدفاع بالوكالة "كريستوفر ميللر"، الموالي لـ"ترامب"، إرسال طائرة من طراز بي- 52 (ستراتوفورتريس) وهي قاذفة استراتيجية طويلة المدى تستخدم في القصف الجوي العنيف، في "رحلة طويلة" إلى الشرق الأوسط، لـ"ردع العدوان وطمأنة الحلفاء"، وكان هذا في الواقع هو أكثر تحرك اتسم بالوضوح والفجاجة.

بعدها بأيام، وفي أول زيارة خارجية له، توجه وزير الدفاع الأمريكي بالوكالة إلى قطر والبحرين، حيث اجتمع مع صمويل بابارو، قائد القيادة المركزية للبحرية الأمريكية والأسطول الخامس والقوات البحرية المشتركة، وكانت هذه أيضا إشارة فجة ومقلقة لتحضيرات قبالة الجبهة الإيرانية.

وعلى ذكر الفجاجة، فقد أشارت وسائل إعلام عبرية، قبل ساعات، إلى أن الجيش الإسرائيلي تلقى تعليمات بالاستعداد لسيناريو هجوم أمريكي على إيران، قبل انتهاء ولاية "ترامب"، وهي التعليمات التي رافقتها ضربات إسرائيلية تكررت على سوريا، خلال اليومين الماضيين، واستهدفت الوجود الإيراني هناك.

وسط هذه المعمعة كان من الصعب قراءة الزيارة الخاطفة التي أعلنتها وسائل إعلام عبرية ودولية لرئيس الوزراء الإسرائيلي "بنيامين نتنياهو" إلى السعودية ولقائه مع ولي العهد "محمد بن سلمان" على أنها مجرد تحضير لخطوة التطبيع السعودي.. لقد نظر إليها أيضا على أنها من ضمن التحضيرات للحرب، فرد الفعل الإيراني المحتمل سيكون ثقيلا على السعودية بشكل مباشر أو عبر ذراع الحوثيين، وهنا سيكون على الرياض أن تحاول استلهام التجربة الإسرائيلية في ردع طهران، عندما يصطدم الحديد بالحديد.

ردود فعل إيران، من ناحيتها، كانت واقعية، فقد بادرت إلى ترتيب سريع لأوضاعها في العراق باعتبار بغداد تمثل خط التماس المباشر مع واشنطن بالنسبة لطهران، حيث ذهب قائد الحرس الثوري "إسماعيل قآني" إلى بغداد للقاء رئيس وزرائها "مصطفى الكاظمي" وقادة الفصائل العراقية الشيعية، وقال أمامهم بوضوح إن "ترامب يريد جر المنطقة إلى حرب"، وبدا الأمر وكأنه يخلي مسؤولية طهران عما يمكن أن يحدث في العراق، كرد فعل.

وبدا "قآني" أكثر صراحة عندما قال أمام الجميع: "إذا اندلعت حرب بين إيران وأمريكا فلا يمكن احتواء تداعياتها، وستكون العراق وسوريا ولبنان واليمن والسعودية والكويت وإيران ساحة معركة للطرفين".

أحدث التطورات جاءت، الخميس، من إيران أيضا، حينما أعلنت قوات البحرية الإيرانية عن مناورات عسكرية في مياه الخليج العربي بمشاركة ألف قطعة، تحت عنوان "التعبئة البحرية".

وفيما يبدو تطور قلق وغامض، قالت "رويترز" إن وثيقة حكومية إماراتية أظهرت قرارا من أبوظبي بإيقاف منح التأشيرات لمواطني 13 دولة، أبرزها إيران العراق وتركيا وسوريا وباكستان ولبنان واليمن.

بقية الدول المشمولة بالقرار الإماراتي كان من الملاحظ أن معظمها يقيم علاقات مباشرة مع إيران أو، على الأقل، لا تشاطرها العداء حاليا.

وكان الدليل على أن التحرك الإماراتي كان مضطربا هو نفي بعض الدول أن تكون قد تلقت إفادات رسمية من السلطات الإماراتية حول هذه القرارات، ما يشير إلى أنه تم اتخاذها بكل سريع دون تنسيق.

هل يمكن أن نقول أن الحرب الأمريكية على إيران واقعة لا محالة قبل رحيل "ترامب"؟

لا أحد يستطيع الجزم، وفقا لديناميكيات التحرك الأمريكي داخليا، حيث إن أي تحرك لإشعال المنطقة من "ترامب" حاليا لن ينظر له بعين الرضا بين المؤسسات العسكرية والأمنية الأمريكية، ولن يقبل الرئيس المنتخب "جو بايدن" أن يسلمه "ترامب" الشرق الأوسط وهو قطعة من نار، لكن الأخير يعلم جيدا أنه ما لم يشعل المشهد بشكل يربك "بايدن"، فإن الرئيس الديمقراطي سيبدأ في هدم كل ما فعله الجمهوري بالمنطقة بمعوله سريعا.

ستكون هدية وداع شديدة العنف من "ترامب" لمنافسه الديمقراطي الذي يرى أنه اختطف منه مقعد البيت الأبيض عنوة.

المصدر | الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

الحرب على إيران العلاقات الأمريكية الإيرانية دونالد ترامب جو بايدن الشرق الأوسط

واشنطن بوست: ضربة ترامب لإيران ممكنة في ظل معركة الإرادات

أتلانتيك كاونسيل: بن سلمان ونتنياهو يراهنان على ترامب حتى الآن

تأهب للجيش الأمريكي بالشرق الأوسط للرد على هجوم إيراني محتمل