اغتيال فخري زاده.. حافة هاوية جديدة بحلبة مصارعة تستبعد الحرب

الاثنين 30 نوفمبر 2020 09:20 ص

"يتفوق الشرق الأوسط في التقلبات والتعصبات المتصاعدة والخطابات والأفعال المتفجرة، على أي جزء آخر من العالم. لكن الحروب تحتاج إلى كل الأطراف لكي تشتعل بشكل صحيح".. بهذه الخلاصة استبعد محرر شؤون الأمن الدولي بشبكة CNN "نك باتون والش" سيناريو وصول التوتر بين إيران من جانب والولايات المتحدة وإسرائيل من جانب آخر حد الحرب الفعلية.

وذكر "والش"، في تحليل نشرته الشبكة الأمريكية، أن أطراف الصراع بالمنطقة معنية بفعل كل شيء من شأنه حشر خصمه في الزاوية، لكن دون الانزلاق إلى الحرب، وهو هدف واضح "لأعداء إيران، وربما إيران نفسها، خلال الأيام المقبلة حتى تنصيب الرئيس الأمريكي جو بايدن"؛ حسب رأيه.

ويأتي مقتل العالم النووي الإيراني "محسن فخري زاده" في هذا الإطار، فحتى بعد عملية اغتياله في وضح النهار بضواحي طهران، وتوجيه الرئيس الإيراني "حسن روحاني" ومسؤولون كبار آخرون أصابع الاتهام إلى إسرائيل، إلا أنهم حريصون في الوقت ذاته على الوصول إلى شاطئ إبرام اتفاق نووي جديد مع إدارة الرئيس الأمريكي المنتخب "جو بايدن"، وهو ما لن يتأتى سوى عبر طاولة المفاوضات. 

ورغم ضوضاء صقور إيران، إلا أنها في وضع لا يمكنها من تحمل الحرب، فقد دمر فيروس كورونا مدنها واقتصادها، وخسرت أبرز شخصية عسكرية لديها في يناير/كانون الثاني الماضي، وهو "قاسم سليماني"، الذي قتلته طائرة أمريكية بدون طيار خارج مطار بغداد.

وفي ميزان طهران يبدو "سليماني" أكثر ثقلا من "زاده"، وبالتالي فإن عدم تبني طهران لفكرة الحرب الشاملة على مقتل الأول يعني أن اغتيال "زاده" لن يقودها إلى أي حرب على الأرجح.

وبإضافة قناعة إيران العسكرية بأنها ستخسر أي مواجهة شاملة مع الولايات المتحدة وإسرائيل والحلفاء المناهضين لها في المنطقة، يمكن الوصول إلى خلاصة مفادها أن "الحرب لا معنى لها بالنسبة لإيران على الإطلاق".

 ولذا يتوقع "والش" أن تشهد إيران مطالب ضخمة ومثيرة للثأر (لمقتل زاده)، لكن دون رد عملي يتطلب ردا من أعدائها.

وإزاء إدراك فريق الرئيس الأمريكي "دونالد ترامب" لهكذا معادلة، فإنه يبذل كل ما في وسعه لاستفزاز وإضعاف الإيرانيين، دون مستوى المواجهة الشاملة، التي لا تتماشى مع أجندة الولايات المتحدة طويلة المدى، والتي ترتبط بمغادرة أفغانستان والعراق بسرعة.

وتدرك إدارة "ترامب" أيضا أن الصراع الشامل مع إيران سيؤدي إلى اندلاع حريق آخر، مع وجود دبلوماسيين أمريكيين بالمنطقة وإسرائيل في خط النار أمام صواريخ حزب الله أو الصواريخ الإيرانية بعيدة المدى.

ولهذا السبب لم يصل تحرك إدارة "ترامب" إلى حد ضرب إيران نفسها، بل تكتفي بإثارة أكبر قدر ممكن من الكراهية لعرقلة التفاوض المتوقع بين إيران وإدارة "بايدن" أو جعله مستحيلا.

لكن "والش" يرى أن هذا المسلك قد يكون خطأ في تقدير الإدارة الأمريكية المنتهية ولايتها، وقد يفيد خليفتها في النهاية، إذ يريد "بايدن" إعادة إطلاق الاتفاق النووي لعام 2015، والذي يفترض أن يكون أوسع قليلاً في نطاقه وبشروط أكبر، إن أمكن، فيما ستضطر إيران على الأرجح لتحمل محاولات إحراجها.

ولن يعيق تقدم "بايدن" نحو التقارب مع إيران نوبة كبيرة من التوتر والبغضاء، كما هو الحال حاليا، إذ يمكنه إلقاء اللوم على "ترامب" بكل بساطة، حسبما يؤكد "والش".

أما إسرائيل فهي الخصم المفترض أنه يحاول دفع الجميع إلى القتال، ولها مصلحة في أن تظل القوة النووية الوحيدة في المنطقة، لكنها أيضا ليست في حالة الذروة الآن، خاصة في ظل آفاق سياسية تؤشر إلى احتمال خروج رئيس الوزراء "بنيامين نتنياهو" من المشهد.

يواجه "نتنياهو" انتخابات محتملة أخرى العام المقبل، في ظل خسارة حليفه الرئيسي "دونالد ترامب"، الذي بذل قصارى جهده لإرضاء اليمين الإسرائيلي، ولذا لن ترغب إسرائيل على الأرجح في المضي بمفردها ضد إيران، وتحمل صواريخ من شمالها وشرقها.

لماذا إذن أقدمت إسرائيل على اغتيال "زاده"؟ لاستعداء صقور إيران وإحراجهم من جانب، وتقليل احتمالية نجاح الدبلوماسية مع إدارة "بايدن" من جانب آخر، حسب تحليل محرر شؤون الأمن الدولي بشبكة CNN.

ويخلص تحليل "والش" إلى أن إيران والولايات المتحدة وإسرائيل ليس لديهم سبب ملح للصراع الآن. لذلك، "من المحتمل أن نرى المزيد من التحريضات الحربية غير الفعلية في الأشهر المقبلة".

المصدر | الخليج الجديد + متابعات

  كلمات مفتاحية

إيران بايدن الولايات المتحدة إسرائيل محسن فخري زاده