استطلاع رأي

أي من هذه الدول تمارس الدور الأكثر إيجابية في حرب غزة؟

السعودية

مصر

قطر

إيران

تركيا

أهم الموضوعات

طبقات اليمين الإسرائيلي وبصيرة دا سيلفا

عن أوهام التفاؤل الأميركي

أزمة اقتصاد مصر وانتظار الفرج من الخارج

نحو وقف الحرب على غزة

سيناريو اليوم التالي للحرب

السياسة الأمريكية الجديدة

الثلاثاء 1 ديسمبر 2020 10:43 ص

السياسة الأمريكية الجديدة

توجيه خزينة الحكومة الفيدرالية نحو معالجة القضايا الداخلية يقتضي تقليص تكاليف الدفاع وسباق التسلح.

سينهي بايدن الابتزاز الاقتصادي والتلويح برفع غطاء الحماية عن أوروبا الغربية من احتمالات ضربة نووية روسية.

كل الوسائل مشروعة لدى إدارات أمريكا لتأمين الدفاع عن مصالحها وموقعها كقوة عالمية عظمى بما في ذلك القسر والإرهاب والحرب.

سيعمل بايدن لإعادة دور السياسة الأمريكية التقليدي كما ساد منذ نهاية الحرب العالمية الثانية وتجاوز عزلة ترامب مع الحلفاء الأوروبيين واليابان والصين.

*     *     *

إثر الإعلان عن فوز المرشح الديمقراطي جو بايدن بالمقعد الرئاسي، نشرنا مقالة، حملت عنوان أمريكا ما بعد ترامب، تناولت قراءة استشرافية، لما ستكون عليه السياسة الأمريكية، بعد تسلم الرئيس الجديد موقعه في البيت الأبيض.

والآن تكشفت أمور كثيرة، بعد تسمية بايدن الفريق الذي سيساعده في إدارة شؤون الحكم. وبات بالإمكان تحديد هذه السياسة بدقة أكثر.

ورغم التسليم بأن جوهر السياسة للإدارات الأمريكية المتعاقبة في العصر الحديث ثابت، يختزل في الدفاع عن المصالح الأمريكية، وموقع أمريكا، كقوة عالمية عظمى. وفي سبيل تأمين ذلك، فإن كل الوسائل مشروعة، من وجهة نظر هذه الإدارات، بما في ذلك القسر والإرهاب والحرب.

لكن الأداء والاستراتيجيات والتكتيكات التي يمارسها الرؤساء، مختلفة من رئيس لآخر، عاكسة موقف الحزبين الرئيسيين اللذين يتناوبان على الحكم في الولايات المتحدة، الديمقراطي والجمهوري.

فبالإضافة إلى الاختلاف الكبير، في المسألة الاقتصادية بين الحزبين، والتي تعبر عن اقتصاد موجّه عند الديمقراطيين، واقتصاد حر لدى الجمهوريين، بما يعني التناوب بين التضخم والانكماش، وبين حضور دولة الرفاه وغيابها، هناك أيضا فروق شاسعة في السياسة الخارجية، لا تعكسها سياسة الحزبين فقط، بل وأيضاً شخصية الرئيس، وطاقم العمل المحيط به.

السياسات الاقتصادية الداخلية، لها تأثير كبير، على السياسة الخارجية. فتوجيه خزينة الحكومة الفيدرالية، نحو معالجة القضايا الداخلية، يقتضي تقليص مصاريف الدفاع، وسباق التسلح.

وهو ما يعني السعي للاتفاق مع روسيا الاتحادية، من أجل تعضيد الاتفاقيات السابقة، لوقف سباق التسلح، وبشكل خاص في المجال النووي.

وسوف يعكس ذلك ذاته، على الموقف من الأزمات الدولية الأخرى المستعصية. وفي اعتماد الحروب بالوكالة بديلاً عن الحروب المباشرة.

لكن ذلك لا يعني غياب الاستثناءات، ذلك أن الدستور الأمريكي، ينيط بالرئيس مهمة حماية الأمن القومي لبلاده، وأن ذلك قد يقتضي شن حروب استباقية، إذا ما وجد تهديد ماثل للمصالح الأمريكية.

وفي هذا السياق، نشير إلى أن أطول حرب خاضتها أمريكا، هي حرب فيتنام، وقد اتسعت لتشمل كمبوديا ولاوس. وكانت بداياتها في عهد الرئيس الديمقراطي جون كنيدي، حيث أرسل قرابة خمسة آلاف عسكري لحكومة سايغون في فيتنام الجنوبية، لدعم الحكومة.

وتوسعت دائرة الحرب إثر اغتياله وتسلم نائبه ليندون جونسون الرئاسة، حيث تجاوز تعداد القوات الأمريكية 500 ألف مقاتل. وخسرت أمريكا في تلك الحرب أكثر من خمسين ألف جندي ومئات الآلاف من الجرحى. وانتهت الحرب بعد مفاوضات شاقة، في عهد الرئيس الجمهوري ريتشارد نيكسون.

لكنّ لكل قاعدة استثناءً، سيقدم بايدن على العودة إلى الاتفاقات والمعاهدات الدولية التي انسحب منها ترامب وخصوصاً معاهدة المناخ والعودة إلى منظمة الصحة العالمية.

أما بالنسبة للاتفاق النووي الإيراني فلا شيء محسوماً حتى الآن وهذا الأمر تعمل إسرائيل على إعاقته بكل السبل والوسائل، فيما تحلم إيران في التوصل إلى تسوية مع إدارة بايدن، من شأنها رفع الحصار الاقتصادي الصارم الذي تواصل طوال عهد الرئيس ترامب.

سيعمل بايدن على إعادة الدور التقليدي والألق للسياسة الأمريكية، كما كان سائداً منذ نهاية الحرب العالمية الثانية. كما سيعمل على طي صفحات العزلة التي مارسها الرئيس ترامب، وبشكل خاص مع الحلفاء في القارة الأوروبية، ومع اليابان والصين. وستنتهي سياسة الابتزاز الاقتصادي والتلويح المستمر، برفع غطاء الحماية لأوروبا الغربية، من احتمالات توجيه ضربة نووية، من قبل روسيا.

العلاقة مع الوطن العربي، ستكون محفوفة بالشكوك، خاصة حين نتذكر سجل إدارة باراك أوباما، التي كان بايدن شريكاً فيها، في رد فعلها على الربيع العربي، تحت مسمى نشر الديمقراطية وحماية حقوق الإنسان.

وهو أمر يجب أن نضعه في الحسبان، ونأخذه بجدية، لما له من تأثير مباشر على سلامة الأمن الوطني والقومي لأمتنا العربية.

وتبقى قضايا أخرى شائكة ومهمة في هذا الموضوع، بحاجة إلى المزيد من القراءة والتحليل.

* د. يوسف مكي كاتب وأكاديمي سعودي

المصدر | الخليج - الشارقة

  كلمات مفتاحية

السياسة الأمريكية، الوطن العربي، الديمقراطية، حقوق الإنسان، إيران، الصين، الحلفاء الأوروبيون، المعاهدات الدولية، الاتفاق النووي،