الصراع في إثيوبيا يوسع دائرة الأزمة في الشرق الأوسط الكبير

الأربعاء 2 ديسمبر 2020 02:18 م

ربما يؤدي القتال بين حكومة رئيس الوزراء الإثيوبي "آبي أحمد"، الحائز على جائزة نوبل للسلام، وقومية تيجراي في الشمال، إلى توسيع قوس الأزمات الذي يمتد من الصراع الأذربيجاني الأرمني في القوقاز، والحروب الأهلية في سوريا وليبيا، والتوتر المتصاعد في شرق البحر الأبيض المتوسط والقرن الأفريقي الاستراتيجي.

كما أنه يلقي بظلال طويلة على الآمال في أن تسمح اتفاقية السلام التي استمرت عامين مع إريتريا المجاورة لإثيوبيا بمعالجة مشاكلها الاقتصادية والانقسامات العرقية.

وأخيرا، من شأنه أن يثير شبح المجاعة المتجددة في بلد نجح "أحمد" في تقديمه كنموذج للتنمية الاقتصادية والنمو الأفريقي.

وتأتي التوترات المتصاعدة في الوقت الذي فشلت فيه إثيوبيا ومصر والسودان في الاتفاق على نهج تفاوضي جديد لحل النزاع المستمر منذ أعوام بشأن السد المثير للجدل الذي تبنيه إثيوبيا على نهر النيل الأزرق.

وحذر الرئيس الأمريكي "دونالد ترامب" مؤخرا من أن مصر قد ينتهي بها الأمر "بتفجير" المشروع، الذي وصفته القاهرة بأنه تهديد وجودي.

وتصاعدت المخاوف من مواجهة عنيفة طويلة بعد أن حشدت الحكومة مؤخرا قواتها المسلحة، وهي واحدة من أقوى الجيوش في المنطقة وأكثرها صرامة، لقمع انتفاضة مزعومة في إقليم تيجراي هددت بتقسيم إحدى وحداتها العسكرية الرئيسية المتمركزة على طول المنطقة الاستراتيجية الحدودية مع إريتريا.

وتصاعدت التوترات بين تيجراي والحكومة في العاصمة الإثيوبية أديس أبابا منذ أن قام "أحمد" في وقت سابق من هذا العام بتحويل المخصصات المالية التي تهدف إلى مكافحة وباء الجراد في الشمال لمواجهة جائحة فيروس "كورونا".

وزاد التوتر من خلال رفض تيجراي طلب الحكومة تأجيل الانتخابات الإقليمية بسبب الوباء وإعلان "أحمد" حالة الطوارئ لمدة 6 أشهر، ورأى أهالي تيجراي أن هذه الخطوات تبدد آمالهم في دور أكبر في الحكومة المركزية.

ويقول سكان تيجراي إن التقارير عن نشاط عسكري إثيوبي سابق على طول الحدود مع الصومال تشير إلى أن "أحمد" كان يخطط طوال الوقت لتقليص الأقلية التيجرية في البلاد بدلا من تمكينها.

وبالرغم من تشكيله 5% فقط من السكان، كان إقليم تيجراي بارزا في هيكل السلطة في إثيوبيا منذ زوال "منجيستو هايلي مريم" عام 1991، الذي حكم البلاد بقبضة من حديد، لكنهم يؤكدون أن "أحمد" أقال عددا من المديرين التنفيذيين من تيجراي وهمش رجال الأعمال من الإقليم في العامين الماضيين تحت غطاء من حملة "مزعومة" على الفساد.

ومثل الرئيس التركي "رجب طيب أردوغان" في القوقاز وشرق البحر الأبيض المتوسط ​​وشمال أفريقيا، قد يرى "أحمد" فرصة سانحة في الوقت الذي تركز فيه الولايات المتحدة على انتقالها الرئاسي المتقلب، ما يترك القيادة الأمريكية في أفريقيا بدون توجيه واضح من واشنطن حول كيفية التصرف حيال التوترات المتصاعدة في القرن الأفريقي.

ويمكن لتصاعد النزاع في تيجراي تهديد جهود ترسيخ عملية السلام الإثيوبية الإريترية؛ حيث قد يشي للزعيم الإريتري "أسياس أفورقي"، الذي لا يحب "تيجراي"، باستغلال الخلاف لتعزيز طموحاته الإقليمية وجذب قوى خارجية مثل تركيا والإمارات وقطر، الذين يتنافسون على النفوذ في القرن الأفريقي.

ويثير الصراع كذلك شبح التوتر العرقي في أماكن أخرى في إثيوبيا، وهي اتحاد فيدرالي لمناطق الحكم الذاتي المحددة عرقيا على خلفية المناوشات والاغتيالات التي شهدتها الأشهر الأخيرة بحق عرق الأمهرة، والعنف ضد تيجراي في أديس أبابا، والاشتباكات بين الصوماليين وعفار الذي نتج بحسب ما ورد عن جرح وقتل العشرات.

وقد يؤدي الصراع العسكري في تيجراي أيضا إلى تسريع تدفق المهاجرين الإريتريين إلى أوروبا، حيث يمثلون بالفعل جزءا كبيرا من الأفارقة الذين يبحثون عن آفاق أفضل في الاتحاد الأوروبي.

ويثير الصراع في إثيوبيا شبح مصير اليمن الذي مزقته الحرب بعد أن كان دولة موحدة، وهو ما من شأنه أن يزيل الدولة الواقعة في شرق أفريقيا باعتبارها العمود الفقري للشرق الأوسط ويخلق أرضا خصبة لعمليات الجماعات المسلحة.

وقال "ويليام دافيسون"، كبير المحللين في مجموعة الأزمات الدولية: "بالنظر إلى الموقف الأمني ​​القوي نسبيا لتيجراي، فقد يكون الصراع طويل الأمد وكارثيا".

وحذر من أن الحرب قد ترهق بشدة دولة إثيوبيا التي تعاني بالفعل من عدة تحديات سياسية خطيرة، ويمكنها إرسال موجات من الصدمة إلى منطقة القرن الأفريقي وما وراءها.

المصدر | جيمس دورسي | مركز بيجن-السادات للدراسات الاستراتيجية - ترجمة وتحرير الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

إقليم تيجراي شبح الحرب الأهلية آبي أحمد الشرق الأوسط الشرق الأوسط الكبير

معلنا احتجاز جنود إريتريين.. زعيم جبهة تحرير تيجراي يؤكد استمرار القتال