ماذا يعني انقسام البرلمان بالنسبة للمستقبل المالي للكويت؟

الجمعة 11 ديسمبر 2020 09:58 م

مع انطلاقه في 15 ديسمبر/كانون الأول، سيحاول البرلمان الكويتي الجديد تركيز اهتمام الحكومة على جهود مكافحة الفساد بدلاً من الإصلاحات المالية التي يريدها الأمير الجديد، مما يمهد الطريق لضغوط اقتصادية على المدى القريب والبعيد.

وقد أسفرت نتائج الانتخابات عن سيطرة أعضاء المعارضة والمستقلين على ما يقرب من نصف البرلمان. ويميل هؤلاء النواب إلى المحافظة على الصورة الشعبوية من خلال دعم برامج الرعاية الاجتماعية. وبالتالي، سيحاول البرلمان الحفاظ على الإنفاق على هذه البرامج، بالرغم من رغبة الأمير والمستشارين ووزراء الحكومة في تنفيذ بعض الإصلاحات الهيكلية التي من شأنها تحسين الأداء المالي للكويت على المدى الطويل.

وتعتبر الكويت من أغنى دول العالم بالنسبة لمتوسط دخل الفرد، ولكن بالمقارنة مع الدول الأخرى الغنية بالنفط في الخليج العربي، فإنها عادة ما تنفق أكثر على الإعانات والرواتب العامة والمزايا ذات الصلة. ولكن انخفاض عائدات النفط أدى إلى عدم قدرة الحكومة على دفع الرواتب وغيرها من الالتزاماتدون اللجوء إلى الاقتراض. 

حاول الأمير "نواف الأحمد الجابر الصباح"، الذي تولى السلطة في سبتمبر/أيلول، حل هذه المشكلة من خلال قانون مقترح من شأنه أن يسمح للحكومة بمزيد من الاقتراض. لكن الخلاف السياسي بين أعضاء البرلمان، وكذلك بين النواب والأمير والحكومة، عطّل إقرار هذا القانون الذي طال انتظاره في الأشهر الأخيرة. ويعكس ذلك عدم شعبية القرارات المتعلقة بزيادة الاقتراض، وكذلك المخاوف بشأن الشفافية، وهي معركة ستستمر في ظل البرلمان الجديد.

شهدت الأشهر الخمسة الأولى من السنة المالية الحالية انخفاضًا بنسبة 55% في الإيرادات الحكومية، وقد جاء هذا الانخفاض مدفوعا بانخفاض أسعار النفط التي تفاقمت بسبب فيروس "كورونا". وقد أجبر ذلك الحكومة الكويتية على النظر في الاقتراض وخفض الإنفاق من أجل موازنة ميزانيتها التي تعتمد على عائدات النفط.

وتتجه نحو 70% من ميزانية الكويت للبدلات والإعانات والمزايا ورواتب القطاع العام. وبالتالي، يعكس عجز الميزانية المتنامي عدم قدرة الحكومة على دفع تكلفة هذه البنود دون زيادة الإيرادات أو الاتجاه للاقتراض لتغطيتها. وسيمكن قانون الدين العام المقترح الكويت من استخدام الدين الخارجي لسد بعض عجز الميزانية المتوقع وصوله إلى 49 مليار دولار في 2020/2021.

وتركز الحكومة الكويتية على المدى الطويل أيضًا على المهمة الأصعب المتمثلة في خفض النفقات وتنفيذ بعض الإصلاحات الهيكلية من أجل منع الأزمات المالية في المستقبل. وسيعكس صوت أعلى للمعارضة، في الوقت الذي تحاول فيه الحكومة الكويتية خفض الإنفاق العام وتنفيذ إصلاحات هيكلية أيضًا، استياء الجمهور من الوضع المالي للبلاد، فضلاً عن وجود معارضة شعبية للإصلاح.

ويشعر الكويتيون بالقلق بعد وفاة الأمير "صباح الأحمد الجابر الصباح" حيث أنهم غير متأكدين من كيفية تغيير خليفته لنظام المزايا الشامل، الذي يعتمدون عليه، لتحقيق الاستقرار الاقتصادي والاجتماعي.

ستكافح الكويت لسن إصلاحات مالية في الوقت المناسب، بالنظر إلى تركيز المعارضة الشديد على جهود مكافحة الفساد، التي يرون أنها ضرورية قبل تحمّل الديون الخارجية أو الانخراط في الإنفاق الرأسمالي.

وستؤدي المزيد من المناقشات الصاخبة، إلى جانب التحقيقات وجلسات الاستماع المتعلقة بمكافحة الفساد، إلى مزيد من التأخير في تمرير قانون الدين العام وكذلك الإصلاحات الاقتصادية الأخرى.

وبالنظر إلى أهمية مثل هذا التشريع للحكومة الحالية، هناك احتمال قوي بحل البرلمان مرة أخرى. وهذا من شأنه أن يؤدي إلى انتخابات جديدة، مما قد يسهم في المزيد من التأخير في الإصلاحات إذا لم يقرر الأمير تمريرها بمرسوم فور حل البرلمان.

يعمل ولي العهد تقليديًا كوسيط رئيسي بين البرلمان وبقية وزارات الحكومة الكويتية. وبالتالي، فإن عدد المرات التي يشارك فيها ولي العهد الكويتي في المناقشات البرلمانية سيكون مهمًا في قياس حالة العلاقات داخل الحكومة.

وسيحاول البرلمان الجديد التركيز على تحقيقات مكافحة الفساد وقضايا الكسب غير المشروع؛ لإيجاد طرق لزيادة الإيرادات بدلاً من تقليص الإنفاق الحكومي الذي يذهب إلى المواطنين الكويتيين، مما سيخلق توترات سياسية ونزاعات داخلية قد تؤدي إلى تآكل بعض شرعية الحكومة.

ومن ناحية أخرى، إذا استمر البرلمان الكويتي في عرقلة قانون الدين العام، فقد يكون هناك تأخير في دفع الرواتب والإعانات؛ مما قد يؤدي إلى اضطرابات اجتماعية غير عادية في الكويت وبالتالي إعادة الضغط على البرلمان.

المصدر | ستراتفور - ترجمة وتحرير الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

البرلمان الكويتي الإصلاحات الاقتصادية نواف الأحمد قضايا فساد

الكويت.. انخفاض فائض ميزان المدفوعات بنسبة 50.8%

إنفاق الكويتيين على السفر يتراجع في الربع الثاني من 2020