استطلاع رأي

أي من هذه الدول تمارس الدور الأكثر إيجابية في حرب غزة؟

السعودية

مصر

قطر

إيران

تركيا

أهم الموضوعات

طبقات اليمين الإسرائيلي وبصيرة دا سيلفا

عن أوهام التفاؤل الأميركي

أزمة اقتصاد مصر وانتظار الفرج من الخارج

نحو وقف الحرب على غزة

سيناريو اليوم التالي للحرب

تركيا وأوروبا.. لعبة القط والفار

السبت 12 ديسمبر 2020 09:15 ص

تركيا وأوروبا.. لعبة القط والفار

عوامل عديدة تجعل الاتحاد الأوروبي لا يذهب إلى فرض عقوبات في المجال الاقتصادي تحديداً على تركيا.

لا يمكن ألا تأخذ دول أوروبا بالاعتبار أن تركيا دولة لها وزن نسبي بشرق المتوسط سواء هي نفسها أو عبر قبرص التركية أو في البلقان.

استبعاد تركيا من مشاريع دول شرق المتوسط في الطاقة إنتاجاً وتوزيعاً ليس واقعياً ولا يؤدي سوى إلى تصعيد التوتر العسكري وربما الانفجار.

*     *     *

تصاعدت في الأشهر القليلة الماضية حدة التوتر بين تركيا ودول أعضاء في الاتحاد الأوروبي. فالتوتر ساد بين تركيا واليونان وقبرص اليونانية بسبب الخلاف على حدود المناطق الاقتصادية الحصرية في البحر المتوسط.

واتُهمت تركيا بأنها تنتهك سيادة المناطق التابعة لليونان وقبرص وارتفعت التهديدات العسكرية بين تلك الأطراف. ودخلت فرنسا على خط الصراع بالتضامن مع شركائها في الاتحاد الأوروبي فضلاً عن كونها طرفاً في الصراع على مناطق أخرى مثل ليبيا ولبنان وكاراباخ.

وارتفع منسوب التوتر مع وصف الرئيس التركي رجب طيب أردوغان نظيره الفرنسي ايمانويل ماكرون بأنه غير متزن عقلياً ويحتاج إلى علاج نفسي.

وبلغت ذروة التصعيد التركي مع فرنسا بدعوة أردوغان الناخبين الفرنسيين إلى التخلص من ماكرون في الانتخابات الرئاسية الفرنسية في العام المقبل وإلى أن يمنح مرسيليا للأرمن بدلاً من المطالبة باستقلال إقليم كاراباخ.

واتسع نطاق التصريحات المتبادلة بين تركيا ودول أخرى في الاتحاد ومنهم وزير خارجية ألمانيا.

ورغم كل تلك التوترات فإن العلاقات بين تركيا ودول الاتحاد الأوروبي لم تصل بعد إلى مرحلة الصدام العسكري ولا وهذا هو الأهم  إلى مرحلة العقوبات الاقتصادية الثقيلة.

 ولعل هذا العامل هو الذي يفسر تمادي تركيا في تحدّي الاتحاد وممارسة لعبة القط والفأر معه. إذ تارة تسحب سفن التنقيب ولا تلبث أن تعيدهم وتارة ترسل مواقف إيجابية ومن ثم تنقلب عليها.

 ورغم الأزمة الاقتصادية الثقيلة التي تقع تركيا تحت وطأتها فإن أنقرة تبدو مطمئنة إلى أن الاتحاد الأوروبي لن يذهب في اجتماع قمة زعماء دول الاتحاد الأوروبي في بروكسل إلى أية عقوبات ثقيلة أو خفيفة.

 والأسباب متعددة. منها أن استعداء تركيا في هذه المرحلة ليس لصالح الاتحاد. إذ إن أنقرة يمكن أن تذهب، من حيث المبدأ، إلى خيار عسكري فيما موازين القوى لا تسمح لليونان وقبرص اليونانية الدخول في أي مواجهة عسكرية مع تركيا. كما إن فرنسا لا تستطيع جغرافياً ولوجستياً وإمكانيةً، من الدخول في صدام عسكري مباشر أو غير مباشر مع تركيا.

 ومن تلك الأسباب أن دول الاتحاد نفسه منقسمة على نفسها في طريقة التعاطي مع تركيا. فألمانيا قد حسمتها منذ وقت طويل وهو عدم التوتير مع تركيا لثلاثة عوامل:

الأول وجود جالية مسلمة وتركية كبيرة في ألمانيا مؤثرة في الانتخابات النيابية وفي الاستقرار الاجتماعي في الداخل الألماني،

والثاني وجود علاقات تجارية واستثمارات واسعة بين البلدين، وخوف ألمانيا من ممارسة تركيا ابتزازات معهودة بشأن اللاجئين السوريين وفتح الباب أمامهم للتدفق إلى أوروبا وإلى ألمانيا تحديداً، حيث فرص العمل أكبر من نظيراتها في الاتحاد الأوروبي.

 أما السبب الثالث فهو أن العلاقات الاقتصادية بين تركيا والاتحاد الأوروبي ليست من طرف واحد. إذ إن حوالي نصف تجارة تركيا هي مع دول الاتحاد كما أن هناك توظيفات صناعية واستثمارات أوروبية واسعة في أوروبا.

وأية عقوبات اقتصادية أوروبية على تركيا ستلقي بأثرها السلبي كما على تركيا كذلك على دول الاتحاد في وقت تبحث هذه الدول عن منافع اقتصادية صرف في زمن انهيار الاقتصادات بسبب وباء كورونا.

لذلك وجدنا مثلاً كيف أن الرئيس الفرنسي ماكرون قد سارع بعد الدعوة إلى مقاطعة المنتجات الفرنسية في تركيا والعالم الإسلامي بسب أزمة الكاريكاتورات المسيئة للنبي محمد (صلى الله عليه وسلم) إلى التراجع نسبياً عن موقفه الحاد المؤيد لحرية التعبير في نشر الكاريكاتورات بعدما أدرك أن الخسارة ستصيب الاقتصاد الفرنسي.

 لا يمكن في هذا السياق ألا تأخذ الدول الأوروبية في الاعتبار أن تركيا دولة لها وزن نسبي في منطقة شرق المتوسط سواء هي نفسها أو عبر قبرص التركية أو في البلقان.

وبالتالي فإن استبعاد تركيا عن مشاريع دول شرق المتوسط في مجال الطاقة إنتاجاً وتوزيعاً أمر ليس واقعياً ولا يؤدي في النهاية سوى إلى تصعيد التوتر العسكري وربما الانفجار.

 لكل هذه العوامل وغيرها فإن الاتحاد الأوروبي لا يذهب إلى فرض عقوبات في المجال الاقتصادي تحديداً على تركيا. لكن يبقى أمام الاتحاد الأوروبي فرض عقوبات اقتصادية «خفيفة» كما إصدار التقارير المنددة لانتهاكات حقوق الإنسان والحريات الإعلامية والدينية في الداخل التركي وهي التي تضمنته تقاريره من أكثر من نصف قرن دون جدوى.

* محمد نور الدين كاتب لبناني في الشؤون التركية

المصدر | الخليج - الشارقة

  كلمات مفتاحية

الاتحاد الأوروبي، عقوبات، تركيا، شرق المتوسط، الطاقة، قبرص، اليونان،