حشد العتبات.. تهديد يقلق الفصائل الموالية لإيران بالعراق

الأحد 13 ديسمبر 2020 08:53 ص

قلق بالغ تشعر الميليشيات العراقية الموالية لإيران مع ظهور بوادر انقسام في تنظيم "الحشد الشعبي"، الذي تشكل بموجب فتوى المرجع الشيعي "علي السيستاني" عام 2014 لمقاتلة تنظيم الدولة الإسلامية.

فهناك فجوة متنامية داخل "هيئة الحشد الشعبي" بين جناح موال لإيران و4 فصائل مرتبطة بالمرجعية الشيعية في مدينتي كربلاء والنجف، هي فرقتا "الإمام علي القتالية" و"العباس القتالية" ولواءا "علي الأكبر" و"أنصار المرجعية"

وتتجمع تلك الفصائل تحت اسم "حشد العتبات" وتضم حوالي 20 ألف عنصر. وقد عقدت أول مؤتمر لها بين الأول والثالث من ديسمبر/كانون الثاني تحت شعار "حشد العتبات: حاضنة الفتوى وبناة الدولة" في مدينتي كربلاء والنجف الواقعتين جنوبي بغداد.

على امتداد 3 أيام، حاول المشاركون إبراز مصدرين لشرعية هذه الفصائل، وهما "عراقيتها" والتزامها الصارم بتوجيهات "السيستاني".

واعتبر المتحدث باسم المؤتمر "حازم صخر" أن "حشد العتبات هو أصل الحشد". وأضاف أنهم "ملتزمون بالقانون العراقي ووصايا المرجعية الدينية" ويعملون وفق "توجيهات الوكيلين الشرعيين في العتبتين الحسينية والعباسية، وفقا لما أوردته وكالة الأنباء الفرنسية.

وتحدث قائد أكبر هذه الفصائل فرقة العباس القتالية "ميثم الزيدي" بخطاب يظهر نزعة وطنية وإصلاحية. وقال إن "الأسباب الرئيسية لتشكيل حشد العتبات هي خدمة الوطن وتصحيح المسير والمسار"

أما آمر لواء علي الأكبر "علي الحمداني" فأشار إلى أن المؤتمر "معني فقط" بالفصائل التي "التزمت منذ صدور فتوى الجهاد الكفائي بتوصيات المرجع السيستاني"

وقدّر الباحث المتخصص بالتنظيمات المسلحة الشيعية "حمدي مالك" أن فصائل "حشد العتبات" تعمل حاليا على تسريع انفصالها عن "الحشد الشعبي" الأوسع، وأنها "تصعّد عبر هذا المؤتمر، وترغب في تسريع ذلك المسار".

قلق الميليشيات

وتجلى قلق الميليشيات الموالية لإيران في الهجوم الذي شنه زعيم ميلشيا العصائب "قيس الخزعلي" على فصائل حشد العتبات، إذ اتهمها خلال مقابلة تلفزيونية، بأنها من صناعة أمريكا وإسرائيل.

ويعتقد الباحث العراقي "رمضان البدران" بأن هجوم "الخزعلي" على حشد العتبات "ناجم عن خوف من أن تفقد الفصائل الولائية مكانها  لصالح فصائل العتبات التي تضع العراق أولا، وليس إيران" خصوصا في ظل التقارير التي تشير إلى سعي "السيستاني" لعزل ألوية الحشد عن الميليشيات الموالية لإيران، وفقا لما أورده موقع قناة "الحرة" الأمريكية.

"السيستاني ينتمي لمدرسة الأمة ويؤمن بشرعية الدولة العراقية وفقا لفلسفة المدرسة النجفية"، يتابع "البدران": "على عكس الميليشيات التابعة لإيران التي تؤمن بالدولة العقائدية، وأسست على مرجعية دولة الفقيه التي لا تعترف بشرعية الدولية العراقية".

ويرى "البدران" أن الميليشيات الموالية لإيران استغلت هيئة الحشد لتعزيز نفوذها في العراق "والحصول على شرعية من خلال خلط أوراقها بفتوى السيد السيستاني" لمواجهة تنظيم الدولة الإسلامية.

ويضيف: "الميليشيات أصبحت تشكل خطورة على العراق، لذلك سعى السيستاني للعزل بين الحشدين لسحب الغطاء الشرعي منها"

3 محاور اختلاف

وأدت دعوة "السيستاني" إلى توحد تنظيمات مسلحة قائمة مع أخرى حديثة التشكيل، كان من بينها فصائل "حشد العتبات". وقاتلت تلك الشبكة الواسعة من الفصائل المسلحة إلى جانب الجيش العراقي ضد تنظيم الدولة الإسلامية.

لكن بدأت منذ 2016 تظهر خلافات داخل "الحشد الشعبي"، أشار "مالك" إلى تركزها حول 3 محاور.

فقد تذمرت فصائل "حشد العتبات" من حرمانها من الإمكانيات وحملت مسؤولية ذلك إلى "أبو مهدي المهندس"، نائب رئيس "هيئة الحشد الشعبي" الذي قُتل في ضربة جوية أمريكية في يناير/كانون الثاني رفقة الجنرال الإيراني "قاسم سليماني" قرب مطار بغداد.

واتهم حشد العتبات "المهندس" بإعطاء الأولية في تقسيم الموارد التي تشمل معدات عسكرية ورواتب من الدولة، إلى الفصائل الموالية لطهران.

ويشير "مالك" إلى شرخ ثان أكثر عمقا، يتمثل في "انقسام أيديولوجي حقيقي" حول الروابط مع إيران المجاورة التي توفر دعما لعدد من التنظيمات حتى قبل تأسيس الحشد عام 2014.

ويطلق على تلك الفصائل وصف "الحشد الولائي" لارتباطاتها بطهران وتبجيلها على الولاء لبغداد.

ولذا حرص المشاركون في مؤتمر "حشد العتبات" على التعبير عن رفضهم الولاء للخارج.

وفي هذا الإطار، قال "حازم صخر" إن "التدخل الخارجي موضوع خطير (...) من يتبع إلى جهات خارجية أو جهات خارجة عن إطار الدولة بعيد عن توجهاتنا".

ولم يعلن "السيستاني" علنا دعمه للمؤتمر. لكن "مالك" أشار إلى أن عقد الفعالية لم يكن ممكنا دون ضوء أخضر منه.

أما محور الاختلاف الثالث فيتعلق بالانخراط في العمل السياسي. فقد أعربت الفصائل المرتبطة بالعتبات الشيعية المقدسة عن رفضها لانخراط "الحشد الشعبي" في العمل السياسي.

وأوضح "مالك" أن "السيستاني أعطى توجيهات واضحة بألا ينخرط أعضاء الحشد في السياسة. لكن الفصائل الموالية لإيران في الحشد أنشأت تحالف الفتح وشاركت في الانتخابات التشريعية عام 2018"

وشكّل "تحالف الفتح" ثاني أكبر كتلة في البرلمان وصار يتمتع بنفوذ واسع داخله وفي عدة وزارات.

مع اقتراب موعد الانتخابات المبكرة المقررة في يونيو/حزيران 2021، أعادت فصائل "حشد العتبات" التأكيد على عدم انخراطها في السياسة تنفيذا لتوصيات "السيستاني".

وقال رئيس قسم العلاقات والإعلام في "العتبة العباسية" في كربلاء "مشتاق عباس معن" إن عناصرهم ممنوعون من "الدخول في النشاط السياسيّ أو الارتباط الحزبيّ"، ويسمح لهم "بالاشتراك في العمليّة الانتخابيّة كناخبين حصراً وليس كمرشّحين".

انفصال مرجح

واستبعد "جياد" حصول نزاع عنيف بين جناحي الحشد، لكن من المرجح أن يفرز الانفصال بينهما تداعيات يُجهل حتى الآن حجمها.

ويفتقد "حشد العتبات" إلى إطار قانوني لإدارة قواته خارج قوانين "هيئة الحشد الشعبي"، كما يوجد تأخير في تنفيذ أمر حكومي يربطه برئاسة الوزراء.

ووجه "معن" دعوة إلى رئيس الوزراء العراقي "مصطفى الكاظمي" خلال المؤتمر من أجل "إتمام خطوات هذا الارتباط وبشكل عاجل"، وبالتالي إنهاء صلاتهم بـ"هيئة الحشد الشعبي".

لكن "مالك" أشار إلى وجود مخاوف من أنه في حال انسحاب فصائل "حشد العتبات"، يمكن للأخرى "الولائية" احتكار موازنة الهيئة وإمكاناتها العسكرية وثقلها السياسي.

وأثارت تحركات "حشد العتبات" قلق الفصائل المرتبطة بإيران، حيث صرح "قيس الخزعلي"، زعيم فصيل "عصائب أهل الحق"، لتلفزيون عراقي عام الشهر الماضي بأن انفصال التنظيمات المرتبطة بالمرجعية الدينية الشيعية يمكن أن يقود أيضا إلى انسحاب فصائل "الحشد العشائري" المشكل أساسا من مقاتلي عشائر سنية، ما سيؤدي إلى "نهاية الحشد".

ويرى "البدران" أن خطوة السيستاني "سيكون لها تأثير وبمثابة مقدمة لنسف مستقبل الميليشيات، وإن كانت صحوة متأخرة"

وأشار المحلل  العراقي "كاتو سعد" إلى أن تأثير  خطوة السيستاني على ميليشيات إيران"حتما سيكون كبيرا جدا".

وأشار إلى أن "كلمة السيستاني أعلى من البرلمان، ودون شك أن الخطوة التي أقدم عليها لعزل العتبات النجفية عن الحشد، سيكون لها أثر سلبي كبير على الميليشيات  الموالية لإيران".

لكن "بدران" يرى أن اقتلاع الميليشيات الموالية لإيران من العراق "صعب، لأن ذلك يحتاج إلى قرار من البرلمان، وهي تسيطر عليه بل تسعى لتعزيز هيمنتها بعد ميول التيار الصدري إليها مؤخرا" حسب قوله.

المصدر | الخليج الجديد + متابعات

  كلمات مفتاحية

حشد العتبات العراق السيستاني

مصادر متطابقة: بوادر انشقاق داخل الحشد الشعبي بالعراق

تقرير: حشد العتبات المقدسة.. معول السيستاني لضرب نفوذ إيران العسكري بالعراق