استطلاع رأي

أي من هذه الدول تمارس الدور الأكثر إيجابية في حرب غزة؟

السعودية

مصر

قطر

إيران

تركيا

أهم الموضوعات

طبقات اليمين الإسرائيلي وبصيرة دا سيلفا

عن أوهام التفاؤل الأميركي

أزمة اقتصاد مصر وانتظار الفرج من الخارج

نحو وقف الحرب على غزة

سيناريو اليوم التالي للحرب

دروس المحن في يوم الوطن

الأربعاء 16 ديسمبر 2020 08:39 ص

دروس المحن في يوم الوطن

خرجت بلادنا بمكتسبات كبرى من هذه المحن لتقف اليوم أقوى أمام تحديات المستقبل وأقدر على اقتناص فرصه.

نتلمس طريقاً نحو الاستدامة ونتعرف على أنجع طرق استغلال مواردنا لكن اتجاه التغيير ينبغي الحفاظ عليه لنتمكن من الحفاظ على رفاهية أجيال قادمة.

في أزمة الحصار أهم ما تحقق وبرز خلال الأزمة بمشاهدها المختلفة كان تعزيز اللحمة الوطنية بين القيادة والشعب بمختلف مكوناته.

مثّل التهديد الخارجي الوجودي نقطة التقاء ونداء وطنياً جامعاً التف خلاله المواطن والمقيم حول رموز الوطن فهو أسمى من أي انتماء أو مصالح.

*     *     *

خلال الأعوام الأخيرة مرت بلادنا بتحديات كبرى، بدءاً من الحصار الذي شكل نقطة تحول في تاريخ قطر، ومروراً بأزمة انخفاض أسعار النفط، وأخيراً جائحة كورونا التي أصابت العالم بأسره بالشلل، وأمام كل هذه التحديات صمدت قطر.

وبتوفيق من الله وحده، وثم جهود المخلصين خرجت بلادنا بمكتسبات كبرى من هذه المحن، لتقف اليوم أقوى أمام تحديات المستقبل وأقدر على اقتناص فرصه، ولذلك أحسن من اختار حمد الله شعاراً ليوم الوطن.

لعل هذه الفرصة أنسب من غيرها لاستذكار الدروس التي تعلمناها معاً في السياق الوطني خلال الأعوام الأخيرة، ولكل تحد مرت به الدولة والمجتمع درس تعلمناه ومكتسب تحقق بات لزاماً علينا العمل على الحفاظ عليه من أثر الدعة بعد الشدة.

إذا ما نظرنا إلى أزمة الحصار وما اعتراها نجد أن أهم ما تحقق وبرز خلال الأزمة بمشاهدها المختلفة كان تعزيز اللحمة الوطنية بين القيادة والشعب بمختلف مكوناته، جاء هذا التهديد الخارجي الوجودي ليمثل نقطة التقاء ونداءاً وطنياً جامعاً التف خلاله المواطن والمقيم حول الرموز الوطنية ليقولوا بصوت واحد إن الوطن أسمى من أي انتماء أو مصالح أو أعراف.

هذه اللحمة ستواجه بلا شك تحديات متجددة ولكن السلاح الأهم أمامها هو الحفاظ على الخطاب الوطني الجامع، فكل ظرف يؤدي إلى استقطاب اجتماعي هو زائل ولا يبقى في النهاية إلا الوطن بما يحمله من معان تتجاوز مصالح الفئات المختلفة.

مع انخفاض أسعار النفط والتوقعات الاقتصادية السلبية انتشر إحساس عام بالقلق في منطقة الخليج تحديدا، واضطرت جميع دول المنطقة لاتخاذ إجراءات للتعامل مع تراجع الناتج الوطني.

وكما قال سمو الأمير في خطاب حين ذاك أن التنويع الاقتصادي لم يعد رفاهية بل أصبح ضرورة، هذه الأزمة والإجراءات التي تلتها كانت رسالة هامة للدولة والمجتمع أن الاستدامة يجب أن تكون أساساً في كل خططنا الوطنية والمجتمعية والفردية.

خلال هذه الأزمة المستمرة بدأت تطرأ تغيرات في السلوك المؤسسي وربما الفردي، هناك رفاهية مؤسسية بدأت إعادة النظر في وجودها، خاصة تلك المتعلقة بالمصاريف الاستهلاكية والمشاريع التي ليس لها جدوى اقتصادية أو مجتمعية كبيرة.

اليوم هناك فرصة لأن يتحول هذا النمط في التفكير إلى نمط وطني في التعامل مع الموارد والإمكانيات، سواءً على مستوى الفرد أو المؤسسة، وصحيح أننا ما زلنا نتلمس طريقاً نحو الاستدامة ونحاول التعرف على أنجع الطرق لاستغلال مواردنا ولكن اتجاه التغيير هذا ينبغي الحفاظ عليه حتى نتمكن من الحفاظ على رفاهيتنا للأجيال القادمة.

وأخيراً جاءت هذه الجائحة التي لم تترك زاوية من زوايا العالم الواسع إلا ورسمت فيه أثراً جارحاً، خسرنا الكثير من الأحبة وابتعدنا عن بعضنا كثيراً، حتى المساجد خلت من المصلين لشهور طوال، وتعلمنا درساً قاسياً مفاده أن وهم الاستقرار يتلاشى أمام تحديات الواقع.

في أي لحظة قد نفقد رفاهياتنا وتتحول أبسط الأمور التي لا نفكر فيها إلى أحلام بعيدة، جربنا خلال هذه الفترة صعوبات لم نتوقع أن نتعرض لها، وكل ذلك محدود أمام الأزمات الكبرى التي واجهت مجتمعات قريبة منا.

فانعزالنا في بيوتنا مخافة العدوى لا يقارن بخوف العائلات من القصف الذي يهدم البيوت فوق رؤوسهم، والبعد عن الأحبة لا يوازي شعور ذوي المفقوين في مناطق الصراع، لعل الله أراد بنا خيراً بأن عشنا هذه الأزمة التي شارفت على الرحيل حتى نكون مستعدين لما هو قادم.

التاريخ الوطني هو سيل من التحديات والهزائم والانتصارات، والأوطان يقاس نجاحها بتعلمها من دروس التاريخ وتأقلمها مع ظروف الواقع، وهذه الدروس الكبرى التي عشناها معاً خير مدرسة يتخرج منها بناة الوطن وحماة نهضته.

* د. ماجد محمد الأنصاري أستاذ الاجتماع السياسي المساعد بجامعة قطر.

المصدر | الشرق القطرية

  كلمات مفتاحية

قطر، الحصار، التهديد الخارجي الوجودي، الاستدامة، الموارد، كورونا، المحن،