استطلاع رأي

أي من هذه الدول تمارس الدور الأكثر إيجابية في حرب غزة؟

السعودية

مصر

قطر

إيران

تركيا

أهم الموضوعات

طبقات اليمين الإسرائيلي وبصيرة دا سيلفا

عن أوهام التفاؤل الأميركي

أزمة اقتصاد مصر وانتظار الفرج من الخارج

نحو وقف الحرب على غزة

سيناريو اليوم التالي للحرب

إسلاميو المغرب والتطبيع .. بين الوضوح والمناورة

الأحد 20 ديسمبر 2020 10:04 ص

إسلاميو المغرب والتطبيع .. بين الوضوح والمناورة

التطبيع لا يمكن أن يبرّر بأي حال على كافة المستويات شعبيا وفكريا وثقافيا.

هل قبل العدالة والتنمية بالتطبيع؟ لو قبل به لخان نفسه ومرجعيته ومبادئه وأعضاءه ومواطنيه الذين صوّتوا عليه!

تفويت الفرصة على أعدائه ديدن حزب العدالة والتنمية منذ وصوله إلى السلطة في أواخر 2011، متبعا بذلك سياسة براغماتية.

اختار حزب العدالة والتنمية التلميح لا التصريح، وترك لشبيبته التي يترأسها وزير في الحكومة إصدار بيانٍ تؤكد فيه موقفها المبدئي الرافض للتطبيع.

إن كانت للأنظمة إكراهاتها وحججها، فليس للمجتمع المدني وأنصار الحرية ومناهضي العنصرية والمثقفين والضمائر الحية أي سبب للخنوع والخضوع!

ما المفيد للمغرب ولأنصار العدالة والتنمية: وجوده بمربع الحكم ولو بهامش صغير يؤثر فيه ما استطاع؟ أم وجوده بالمعارضة لتسجيل مواقف قوية بانتظار التغيير المنشود؟

*     *     *

منذ الإعلان عن استئناف العلاقات المغربية الإسرائيلية على مستوى إعادة فتح مكاتب الاتصال، اختلفت ردود الفعل داخل المجتمع المغربي وخارجه بين مؤيد ومعارض لهذه الخطوة التي تأتي في إطار صفقة سياسية، اعترفت فيها أميركا دونالد ترامب بمغربية الصحراء الغربية في مقابل إعادة العلاقات بين المغرب ودولة الاحتلال الصهيوني.

وعلى الرغم من تأكيد جميع المسؤولين المغاربة أن الخطوة ليست مقايضة سياسية، إلا أن المتابع لا يمكن إلا أن يفهمها كذلك، بل إن الإصرار على هذا القول تفنّده معطياتٌ عديدة واضحة.

ويضعف موقف المغرب الرسمي الذي لا يريد أن يصرح أنه اضطر لاتخاذ مثل هذه الخطوة نصرةً لوحدته الترابية، خصوصا أنها جاءت بعد أحداث الكركرات التي جعلت المغرب متخوفا من أي إدانةٍ لتدخله المشروع لفك الحصار عن حدوده الجنوبية، وعن حرية التنقل بينه وبين منفذه البري الوحيد في اتجاه موريتانيا.

ولئن كانت أغلب الأحزاب السياسية المغربية، عدا فيدرالية اليسار، دعمت الموقف الرسمي، فإن الأضواء اتجهت صوب حزب العدالة والتنمية، ذي المرجعية الإسلامية، والذي يترأس الحكومة، لمعرفة ردة فعله تجاه هذا القرار المفاجئ.

وذلك بالنظر إلى مواقفه الثابتة والداعمة للقضية الفلسطينية، ورفضه القاطع لكل أنواع التطبيع، واعتبار ذلك خطا أحمر، لا يجوز تجاوزه، كما جاء على لسان رئيس الحكومة، سعد الدين العثماني، في وقت سابق.

وقبل الدخول في تفاصيل موقف حزب العدالة والتنمية الرسمي، والذي لا يتقاسمه معه بالضرورة كل أبنائه، ثمّة موقف جماعة العدل والإحسان، المعارضة للنظام، والتي نددت بالموقف المغربي الرسمي، واعتبرته خطوة غير محسوبة العواقب.

كذلك كان موقف حركة التوحيد والإصلاح التي اتخذت موقفا شديد اللهجة، مُصْدرة بيانا أكدت فيه موقفها الرافض والمستنكر لكل محاولات التطبيع والاختراق الصهيوني، واعتبار ما أقدم عليه المغرب تَطوراً مؤسفاً وخطوةً مرفوضةً.

وبعد يومين من الصمت، أصدر حزب العدالة والتنمية بيانا لم يوقعه الأمين العام للحزب ورئيس الحكومة، واكتفى بتوقيعه نائبه، وحاول أخذ العصا من الوسط، منوها بالانتصار الكبير الذي حققه المغرب في قضية الصحراء المغربية.

ومؤكدا تعبئة الحزب خلف الملك لترسيخ سيادة المغرب على أقاليمه الجنوبية، مذكّرا بمواقفه الثابتة من الاحتلال الصهيوني، وما يقترفه من جرائم، خاتما بيانه بجملةٍ يُستشَف منها تنديده بالتطبيع، تلميحا لا تصريحا، من خلال استنكاره محاولات الاحتلال الصهيوني تطبيع علاقاته واختراق المجتمعات الإسلامية.

اختار إذن حزب العدالة والتنمية التلميح لا التصريح، وترك لشبيبته التي يترأسها وزير في الحكومة إصدار بيانٍ تؤكد فيه موقفها المبدئي الرافض للتطبيع، وكان هذا أضعف الإيمان، مخيّبا بموقفه هذا ظن أولئك الذين اعتقدوا أن الحزب قد يقوم بخطواتٍ احتجاجية تجاه القرار الملكي، من قبيل التنديد والاستنكار، بله بتقديم الاستقالة والخروج من الحكومة.

وقد تلهف كثيرون من غير رافضي التطبيع هذه الخطوة داخل المغرب وخارجه، لا لعيون فلسطين، ولكن إما نكاية في الحزب أو تشفّيا في المغرب، ومنهم الكيان الصهيوني الذي كان سينتشي مرتين، بإعادة فتح قنوات الاتصال مع المغرب، وإقصاء أكبر حزب سياسي يعارض التطبيع!

وقبل محاولة فهم موقف الحزب، يمكن أن نقول إن تموقعه هذا قطع الطريق على هؤلاء وهؤلاء. أما أعداء الخارج فهم لا ينحصرون في الكيان الصهيوني فحسب، بل يتعدونه إلى كل أنظمة الثورة المضادة للربيع العربي، مرورا بالقوى الغربية الاستعمارية المعادية، ليس للإسلام السياسي فقط، ولكن لكل دمقرطة لا تخدم مصالحها في مستعمراتها السابقة.

وفي الداخل، كم تمنى مناصرو التطبيع موقفا مغايرا، فقد شحذوا سكاكينهم ومعاولهم يمينا، وأخرجوا مطارقهم ومناجلهم يسارا. لكن أسقط في أيديهم، فتهمة خيانة القضية الوطنية كانت جاهزة، والادعاء بالتشويش على مصلحة المغرب العليا كانت مهيأة، غرضهم إسقاط آخر حكومة في العالم العربي، يرأسها حزب ذو مرجعية إسلامية، ويصنف في تيار الإسلام السياسي.

تفويت الفرصة على أعدائه هو ديدن حزب العدالة والتنمية منذ وصوله إلى السلطة في أواخر العام 2011، متبعا بذلك سياسة براغماتية، تجيب عن السؤال:

ما المفيد للمغرب ولأنصار الحزب داخل المغرب أو خارجه وجوده في مربع الحكم، ولو في هامش صغير يؤثر فيه ما استطاع أم وجوده في المعارضة للتنديد وتسجيل المواقف القوية في انتظار التغيير المنشود؟

يعلم المتتبع لسياسة الحزب أنه اختار طريق الإصلاح في إطار استقرار البلد واحترام ثوابته الوطنية. ويعلم الحزب أن رصيده الانتخابي، مثل رصيد كل الأحزاب الإسلامية المنتمية لهذا التيار في العالم العربي، لا يتعدى الثلث، لكنه يجعله في الصدارة.

ولولا دستور المملكة الذي يعطي الأحقية للمتصدّر بتشكيل الحكومة لكان أمر آخر، وكم هي الديمقراطيات، حتى الغربية منها، التي تعطي حق تسيير الشأن العام لمن يستطيع جمع الأغلبية حوله. ومع هذا كله، هل قبل الحزب بالتطبيع؟ لو قبل به لخان نفسه ومرجعيته ومبادئه وأعضاءه ومواطنيه الذين صوّتوا عليه.

مؤكّد أن "العدالة والتنمية" سيقف ضد كل محاولات التطبيع، وهو يعلم أن غرض إسرائيل من التطبيع ثلاثي الأبعاد:

- سياسي لا يملكه الحزب دستوريا، لكنه قادر على التأثير فيه إذا بقي في الحكومة.

- اقتصادي يستطيع أن يواجهه من خلال تسييره عدة قطاعات حكومية، وترؤسه جهات وبلديات مدن مغربية كبرى.

- اجتماعي يواجَه بعدة طرق، منها الممانعة الشعبية والتحصين ضد الاختراق الصهيوني. وللحزب باع طويل في قضايا عديدة.

أخيرا، يمكن القول إنه لولا التشرذم العربي، ولولا الفرقة بين دول الجوار، ولولا الاختلاف الذي ضرب كل الأحزاب المنتمية للتيار نفسه، بما فيها التيار الإسلامي، ولولا الحياد السلبي لحركات وأحزاب إسلامية عديدة في موضوع الصحراء المغربية، ولولا موقف الجارة الجزائر من هذه القضية، ولولا موقف حركة مجتمع السلم (حمس) الجزائرية الذي كان زعيمها الراحل الشيخ محفوظ نحناح يقول إنه يكفي إضافة الميم للصحراء الغربية كي نحل المشكل، ولولا اعتبار الجزائر المغرب عدوها الأول، ولولا رفضها التطبيع مع المغرب، وفرض حصار بري عليه منذ خمسة عقود، ما جعل المغرب شبه جزيرة معزولة، لما التُمِسَت الأعذار، ولكان للانتقاد صدى أكبر.

التطبيع لا يمكن أن يبرّر بأي حال، على المستويات، الشعبي والفكري والثقافي. ولئن كانت لبعض الأنظمة إكراهاتها وحججها، فليس للمجتمع المدني ولمناصري الحرية ومناهضي العنصرية وللمثقفين وللضمائر الحية أي سبب للخنوع والخضوع.

* عمر المرابط كاتب وباحث مغربي

المصدر | العربي الجديد

  كلمات مفتاحية

المغرب، التطبيع، الصحراء الغربية، حركة العدل والإحسان، سعد الدين العثماني، حزب العدالة والتنمية، حركة مجتمع السلم، إسرائيل،

طيران العال الإسرائيلية تعلن موعد تسيير أول رحلة للمغرب