استطلاع رأي

أي من هذه الدول تمارس الدور الأكثر إيجابية في حرب غزة؟

السعودية

مصر

قطر

إيران

تركيا

أهم الموضوعات

طبقات اليمين الإسرائيلي وبصيرة دا سيلفا

عن أوهام التفاؤل الأميركي

أزمة اقتصاد مصر وانتظار الفرج من الخارج

نحو وقف الحرب على غزة

سيناريو اليوم التالي للحرب

اللقاح بين المعلومات والمجهولات

الثلاثاء 22 ديسمبر 2020 11:37 ص

اللقاح بين المعلومات والمجهولات

خطورة نظريات المؤمرة أنها لا تبنى على علم ولا نقاش للحقائق لكن أثرها السلبي المباشر محسوس ومعلوم!

تجنب اللقاح فد لا يضرك فقد يحميك الله من العدوى لكن نجاح الحملة العالمية للتطعيم ضد المرض فرع من انتشار اللقاح ليشكل مناعة القطيع.

هناك كثير من المجهول حول اللقاح يرتبط بآثار طويلة الأمد وآثار جانبية لم تظهر في التجارب لكنهم كذلك يؤكدون أنه لا أضرار مباشرة تم رصدها تستدعي إيقافه.

*     *     *

كلما أطلت بوجهها قضية تشغل الرأي العام انبرى صناع نظريات المؤامرة وأصحاب التفسيرات غير المبنية على الحقائق ليحيكوا حولها الروايات والحكايات، هؤلاء في الغالب يتجنبون عالم المعلومات والحقائق، ولا يعترفون بأن ما هو مجهول هو مجهول فعلاً.

فهم يسبحون عكس التيار في بحر يقع بين المعلوم والمجهول، في مساحة تسمح لهم باقتباس بعض من الحقائق المبعثرة وترقيعها ببعض المجهولات التي يمكن تفسيرها وإعادة تفسيرها حسب الهوى وشيء من التفكيك والربط المعتل وثم نثر الناتج في ساحات الجدل ليقنعوا من سهل إقناعه ويثيروا سخط الباحثين عن الحقيقة والملتزمين بحدودها.

في إطار جائحة كوفيد-19 ونظراً لتأثيرها المباشر علينا جميعاً وغياب الحقائق العلمية المباشرة بسبب حداثة المرض راج سوق التفسيرات المؤامراتية والمعلومات المغلوطة حتى أنك لا تكاد تجري بحثاً حول أي من تفاصيل الجائحة وتطوراتها إلا وواجهتك العجائب!

فتارة حديث عن أن واشنطن صنعت هذا الفيروس ليقضي على الصينيين، وتارة أخرى أن الصين بثته في العالم حتى يسهل عليها السيطرة عليه!

وثم تأتيك قصص حول أطباء يؤكدون حقائق لا أصل لها ومقاطع مسموعة ومرئية لخبراء في الفيروسات يحدثونك عن المؤامرة الكونية لإخفاء المعلومات الحقيقية عن الفيروس وانتشاره، فمنهم من يقول إنه غير مؤذ وإن كل ما يجري هو تمثيلية عالمية ذات أهداف اقتصادية.

ومنهم من يقول إنه مؤامرة تهدف للتخلص من كبار السن، وكل هؤلاء الخبراء والأطباء لو بحثت عنهم لا تجد لهم أثراً، وبعد أن انتهت فترة الإعجاب بهذه النظريات وانصرف اهتمام الناس عنها تعود الآن نظريات جديدة للظهور حول اللقاح الذي طال انتظاره.

خلال السنوات الماضية خرجت علينا حركة مناوئة لتطعيم الأطفال والتي بدأت في الولايات المتحدة وانتشرت عبر العالم تحذر الآباء من تطعيم أبنائهم، تسببت هذه الأفكار في عودة أمراض كانت اندثرت في مواطن كثيرة مثل شلل الأطفال وغيرها.

واليوم يحذر العديد من الذين يتبنون هذه الرؤية وغيرهم من أخذ اللقاح الجديد، المعلوم عنه هو أن ما أجري عليه من أبحاث تفي بالغرض العلمي أثبتت نجاعة اللقاح، وبلا شك وكما قال الأطباء مراراً وتكراراً:

إن هناك الكثير من المجهول حوله يرتبط بالآثار طويلة الأمد وبعض الآثار الجانبية التي لم تظهر في التجارب المخبرية، ولكنهم كذلك يؤكدون على أنه لا أضرار مباشرة تم رصدها تستدعي إيقاف اللقاح أو الحد من توزيعه.

ولا شك أن الشركات التي أنتجته تبحث عن الربح، ولكن لا يمكن لكل هذه الشركات والحكومات ومراكز الأبحاث والجامعات أن تتواطأ جميعاً دون أن ينشق عن مؤامراتها طرف لنشر لقاح ضار، التواتر في المعلومات كفيل بتأكيدها، ولكن من يريد أن يصدق نظرية المؤامرة لن يقنعه أي شيء من هذا.

الخطورة في هذه النظريات التي تثار هنا وهناك أنها لا تبنى لا على علم ولا على نقاش للحقائق ولكن أثرها السلبي المباشر محسوس ومعلوم، تجنب أخذ اللقاح ربما لن يضرك فقد يحميك الله من العدوى، ولكن نجاح الحملة العالمية للتطعيم ضد هذا المرض هي فرع من انتشار اللقاح ليشكل مناعة القطيع.

وإذا أردت السلامة فأمامك آلاف المصادر الموثوقة من المعلومات الطبية والعلمية التي يمكنك متابعتها، والعشرات من المختصين الذين يتكلمون ليل نهار بإمكانك الاستماع إليهم وتأكد أن انتشار المعلومة اليوم لم يعد حكراً على جهة أو مصدر يستطيع حجب ما يريد.

إذا عطس مريض في اليابان بعد أخذه اللقاح في الغالب ستشاهد المقطع والأخبار حوله وتداعياته على هاتفك الذكي خلال دقائق، بعد أن ابتلينا بهذا الوباء أنعم الله علينا بالدواء، فلا تحرم نفسك ولا من حولك هذه النعمة، ونسأل الله السلامة للجميع.

* د. ماجد محمد الأنصاري أستاذ الاجتماع السياسي المساعد بجامعة قطر.

المصدر | الشرق

  كلمات مفتاحية

كورونا، كوفيد-19، لقاح، التطعيم، نظريات المؤامرات، مناعة القطيع، الصين،