استطلاع رأي

أي من هذه الدول تمارس الدور الأكثر إيجابية في حرب غزة؟

السعودية

مصر

قطر

إيران

تركيا

أهم الموضوعات

طبقات اليمين الإسرائيلي وبصيرة دا سيلفا

عن أوهام التفاؤل الأميركي

أزمة اقتصاد مصر وانتظار الفرج من الخارج

نحو وقف الحرب على غزة

سيناريو اليوم التالي للحرب

جائحة الدينار العراقي

الأربعاء 30 ديسمبر 2020 04:08 م

جائحة الدينار العراقي

الانتهاكات مستمرة دون رادع أو حسيب ويستمر قصف المواقع وانفلات السلاح وهشاشة الوضع الأمني.

تفتّق خفض سعر الدينار مقابل الدولار عن اقتطاع رواتب الموظفين وأثار موجة عاصفة من ردود الفعل.

سبّب ارتفاع قيمة الدولار غلاء المواد الاستهلاكية وغالبيّتها مستوردة لأنّ الدولار العمود الفقري لتجارة العراق في ظل "الاقتصاد الحر" بعد الاحتلال.

حركة الاحتجاج ندّدت بالإجراءات وشدّدت على محاسبة الفاسدين ووضع حدٍّ للفساد ومساءلة المتّهمين بقتل أكثر من 600 عراقي وجرح 20 ألفاً آخرين.

انحدار الوضع الاقتصادي والمعاشي وتدهور الوضع الخدمي الصحّي والتعليمي وتآكل البُنية التحتيّة مع تساقط الأمطار ضاعف من معاناة الناس.

قرار خفض سعر الدينار يضيف عبئاً إضافيّاً على الاقتصاد العراقي المتهالك وسيسبّب موجات تضخّم اقتصادي جديدة بتراجع الدخل بنسبة 22.5 بالمئة.

*     *     *

بتفاقم جائحة «كورونا» التي شهدت أرقاماً قياسية كبيرة خلال الأسابيع الماضية، فقد داهمت العراق جائحة جديدة لا تقلّ خطراً عن جائحة «كورونا» ألا وهي جائحة الدينار؛ وهو ما أخذ يتندّر به العراقيّون، خصوصاً تأثيرها المباشر في الفقراء لأنها تتعلّق بقُوتهم اليومي.

فقد تمّ خفض سعر الدينار مقابل الدولار، حيث بدأ البنك المركزي في 20 ديسمبر الجاري تطبيق السعر المنخفض للدولار البالغ 1450 ديناراً عوضاً عن السعر السابق البالغ 1190 ديناراً عراقيّاً لكل دولار أمريكي.

وعمدت الحكومة العراقيّة إلى اتخاذ هذه الخطوة بعد عجزها لشهرين متتاليين عن دفع رواتب الموظفين، إضافة إلى استمرار الأزمة مع إقليم كردستان وتعقيداتها بشأن دفع الرواتب من جهة، وواردات النفط من جهة أخرى، تلك التي استمرّت بالتعتّق منذ سنوات.

ورغم أن الحكومة تقول إنّها اتخذت هذه «القرارات الصعبة» لكنّها من أجل تصحيح الأوضاع بتبرير أنّ التأسيس كان خاطئاً للنظام السياسي والاجتماعي المُهدّد بالانهيار بالكامل، فإمّا الفوضى العارمة وإمّا عمليّة قيصريّة للإصلاح، كما ورد على لسان رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي.

ويذهب وزير المالية علي علاوي أكثر من ذلك حين يعتبر «الورقة البيضاء» بمثابة «مانيفستو» الإصلاح، الذي يعني «حكم الضرورة»، إلّا أنّ «تجربته» تفتّقت عن اقتطاع رواتب الموظفين بخفض سعر الدينار الذي أثار موجة عاصفة من ردود الفعل.

 أمّا حركة الاحتجاج التشرينيّة فقد ندّدت بتلك الإجراءات وشدّدت على تحقيق مطالبها بمحاسبة الفاسدين ووضع حدٍّ للفساد ومساءلة المتّهمين بارتكاب جرائم أودت بحياة أكثر من 600 إنسان وجرح وإعاقة نحو 20 ألفاً آخرين.

علماً بأنّ هذه الانتهاكات ما تزال مستمرة دون رادع أو حسيب، مثلما يستمر قصف مواقع الهيئات الدبلوماسية وانفلات السلاح وهشاشة الوضع الأمني، وما ضاعف من معاناة الناس هو انحدار الوضع الاقتصادي والمعاشي وتدهور الوضع الخدمي الصحّي والتعليمي وتآكل البُنية التحتيّة، خصوصاً في فترة الشتاء وتساقط الأمطار.

 إن قرار خفض سعر الدينار يضيف عبئاً إضافيّاً على الاقتصاد العراقي المتهالك أصلاً، إذْ سيسبّب موجات تضخّم اقتصادي جديدة، بتراجع مستوى الدخل في العراق بنسبة 22.5%!

ولأنّ الاقتصاد العراقي في مجمله هو اقتصاد استهلاكي يقوم على الاستيراد، فستكون نتائج خفض سعر العملة المحلية فادحة، وبالأساس على الطبقة الوسطى، التي سينحدر الكثير من أوساطها إلى الطبقات الفقيرة والمسحوقة.

بينما يبقى الأغنياء يزدادون غنىً، سواءً من القوى الحاكمة أو القريبة منها باستمرار الفساد المالي والإداري الذي بدّد الموارد الهائلة والتي تُقدّر بما يزيد على 700 مليار دولار خلال الفترة من العام 2005 إلى العام 2014.

إنّ تخفيض سعر الدينار يعود إلى أسباب تتعلّق بالسياسة النقدية للحكومة، فضلاً عن جانب موضوعي يتعلّق بالعقوبات المفروضة على سوريا وإيران، حيث يشكّل العراق المنفذ الأساسي لهذين البلدين للحصول على الدولار وإنعاش احتياطيّيهما النقديّين منه.

وإذا تركنا جانباً زيادة الطلب على الدولار وهو ما يؤدي إلى ارتفاع سعر الأخير، فإنّ أحد الأسباب المهمّة هو تهريب العملة الصعبة من خلال مبيعات البنك المركزي للدولار يوميّاً لأصحاب المصارف فيما يُسمى المزاد اليومي للدولار تحت عنوان «إنعاش السوق» بالدولار بزعم تثبيت سعر الدينار بحدود معيّنة، علماً بأنّ بعض التجار يقوم بشراء الدولار من البنك المركزي لحساب آخرين، جزء منهم يتبع للقوى السياسية المتنفّذة.

 لقد سبّب ارتفاع قيمة الدولار في رفع قيمة المواد الاستهلاكية وغالبيّتها الساحقة مستوردة، لأنّ الدولار يعتبر العمود الفقري للتجارة العراقيّة في ظل النظام الذي اتّبع ما بعد الاحتلال والذي أطلق عليه «الاقتصاد الحر».

ومع ارتفاع سعر الدولار أصبح كل شيء باهظ الثمن في السوق، لا سيّما لأصحاب الدخل المحدود، وبالفعل فقد تأثّر السوق بذلك على الفور وتقلّصت الحركة فيه على الرغم من الاستعداد لاستقبال عيد رأس السنة الميلادية، وغالباً ما ترتفع الحركة خلال هذه الفترة من السنة.

 لقد ازدادت معدّلات الفقر إلى مستويات مريعة، وتستمر التوقعات المتشائمة في ظل استمرار «جائحة كورونا»، وانخفاض أسعار النفط وانكماش الاقتصاد.

يضاف إلى ذلك استشراء الفساد المالي والإداري وغياب الخطط الاقتصاديّة العقلانيّة البعيدة النظر، ناهيك عن الترهّل الوظيفي في أجهزة الدولة مع وجود موظّفين وهميّين أو موظّفين يتسلمون أكثر من راتب، وعدم الشروع بتنمية القطاعات الإنتاجية المحليّة وارتفاع نسبة البطالة.

* د. عبدالحسين شعبان أكاديمي ومفكر عراقي، نائب رئيس جامعة اللاّعنف وحقوق الإنسان (أونور) في بيروت.

المصدر | الخليج

  كلمات مفتاحية

العراق، الاقتصاد العراقي، الدينار العراقي، الدولار، التضخم الاقتصادي، الفساد، الاحتجاجات، أسعار النفط،