استطلاع رأي

أي من هذه الدول تمارس الدور الأكثر إيجابية في حرب غزة؟

السعودية

مصر

قطر

إيران

تركيا

أهم الموضوعات

طبقات اليمين الإسرائيلي وبصيرة دا سيلفا

عن أوهام التفاؤل الأميركي

أزمة اقتصاد مصر وانتظار الفرج من الخارج

نحو وقف الحرب على غزة

سيناريو اليوم التالي للحرب

النزاع بين مرجعية النجف وسلطة البعث ما قبل الخميني

السبت 2 يناير 2021 05:15 م

النزاع بين مرجعية النجف وسلطة البعث ما قبل الخميني

لا يبدو دقيقا اختصار مشهد النزاع في العراق بين القوى الشيعية الإسلاموية وخصومها بأنه صراع مع قوى «ولائية لإيران».

الانقلاب الذي أطاح بعبد الكريم قاسم وأوصل عبد السلام عارف للسلطة، فتح بابا لم يغلق من الصدام مع المرجعية الشيعية حتى إعدام باقر الصدر عام 1979.

استمرت مصادمات المعارضة الشيعية وحكم القوميين والبعث استمرت كحالة داخلية عراقية من منتصف الستينيات قبل قيام نظام الخميني والحرب العراقية الايرانية.

*     *     *

على عكس ما ما تقوم به إيران اليوم، من تقديم دعم للقوى الشيعية في العراق ولبنان، فإن مراجع الشيعة في النجف ولبنان، هم من قدموا للخميني ولأنصاره الدعم في ستينيات القرن الماضي، عندما قمعه الشاه، وقدموا دعوة رسمية لعلماء الشيعة في إيران المطاردين من الشاه حينها؛ للهجرة للنجف.

ثم شكلت لجنة من ثلاثين عالما في النجف لدعم «القضية الإيرانية» كان من أعضائها المرجع الشيعي البارز محمد باقر الصدر، وخاله مرتضى آل ياسين، والسيستاني، الذي بات اليوم المرجع الأعلى للشيعة في العراق.

وبالطبع فقد قدم الخميني للعراق لاجئا في النجف لسنوات طويلة، وحظي برعاية حكومة صدام حسين، كونه معارضا للشاه، وأدت الحسابات الخاطئة لبغداد يومها، أن يتم طرده من البلاد، قبل شهور فقط من انتصار ثورته.

وعند انتصار ثورة الخميني عام 1979، أعلن معظم مراجع النجف تأييدهم، وأرسل حينها محمد باقر الصدر رسالته الشهيرة، التي اعتقل على أثرها للمرة الأولى، بعد تزايد مخاوف السلطات العراقية من أن يقوم الصدر بتأليب شيعة العراق لصالح نظام الدولة الجعفرية الاثني عشرية الوليدة.

وعند اعتقاله حاجح الصدر مدير الأمن العام العراقي فاضل البراك أن (حكومتكم أيضا هنأت الخميني) ولم يكد يطلق سراح الصدر، حتى احتشد أنصاره في النجف والمناطق الشيعية وتظاهروا، ليعتقل المئات من كوادر «حزب الدعوة» وأنصار الصدر ويعدم حينها 80 منهم، كثير منهم من وكلائه.

النظر للأحداث التي وقعت بين القوى الشيعية العراقية في النجف، وحكومة البعث، قبل وجود نظام الخميني، يشير بوضوح إلى أن هناك أزمة ثقة، ونزاعا عراقيا داخليا، قبل أن يكون هناك دور لنظام الخميني في إيران، بدعم الأحزاب الشيعية الموالية له، ولن يبدو دقيقا اختصار مشهد النزاع في العراق بين القوى الشيعية الإسلاموية وخصومها، بأنه صراع مع قوى «ولائية لإيران».

نزاع زعماء الشيعة الدينيين في العراق مع حكم القوميين والبعث، أزمة عراقية أقدم من قيام نظام الخميني. فبعد سقوط حكم عبد الكريم قاسم، ووصول القوميين العرب ومن ثم البعثيين، بنخبتهم السنية للحكم، ازدادت مخاوف مرجعية النجف من تهميش الشيعة، وبدأت حدة الصدامات والاعتقالات بالتصاعد بعد ثورة يوليو/تموز 1968 التي جاءت بالبكر وصدام حسين للسلطة.

ويبدو أن الانقلاب الذي أطاح بعبد الكريم قاسم، ووصول عبد السلام عارف للسلطة، فتح بابا لم يغلق من الصدام مع المرجعية الشيعية، حتى إعدام باقر الصدر عام 1979.

ولعل أحد الأمثلة، التي يمكن أن تعطينا مؤشرا على القلق المبكر لدى مراجع الشيعة من السلطة الجديدة بعد عام 1963، هو ما نقل عن المرجع الشيعي محسن الحكيم خلال لقائه برئيس حكومة عارف، طاهر يحيى عام 1964؛ إذ تحدث الحكيم عن تمييز حكومي بين تكريت وعانة، مقابل النجف والكوفة، وأن «معاملة عبد القادر تنفذ ومعاملة عبد الحسين لا تنفذ».

وظل محسن الحكيم وباقر الصدر يقودان المعارضة الشيعية، مقابل بارزاني كرديا، ضد حكومة البعث، قبل قدوم نظام الخميني، وتظهر علامات التقارب الشيعي الكردي المبكر، عندما أصدر محسن الحكيم فتوى لتلاميذه، بتحريم مشاركة الجنود الشيعة بقتال الأكراد عام 1970، ولاحقا حرّم الصدر الانتماء للبعث.

كما أسس حزب الدعوة 1959، وهذا كله قبل وجود خميني في السلطة، حينها كان الخميني ضيفا في العراق، بل إن الخميني كان يتعرض لانتقادات من باقر الصدر، لأنه يحاول مهادنة حكومة البعث، للحفاظ على وضعه كمعارض لحكومة الشاه داخل العراق، ومن المفارقات أن الخميني كان يقوم أحيانا بما هو أقرب للوساطات بين مسؤولي الحكومة العراقية ومعارضيها، من القوى الشيعية العراقية.

فمثلا تظهر الوثائق المنشورة، رسالة يقدمها الخميني لأحمد حسن البكر، مطالبا إياه بوقف تنفيذ أحكام الإعدام بحق ثمانية من الكوادر الشيعية، التي قادت مظاهرات ما يعرف في التراث الشيعي بـ«انتفاضة صفر» عام 1977، التي انطلقت خلال مسيرات لأربعينية الحسين، ذاك العام، لتتحول لمظاهرات معارضة للحكومة العراقية.

ورددت شعارات ضد صدام حسين والبكر، مثل (يا صدام شيل ايدك جيش وشعب ما يريدك) و(يا ركابي قول للبكر ذكر حسين ما يندثر) لتتعرض المظاهرات للقمع الأمني ويعتقل المئات، ويعدم منهم ثمانية، في محاكمات أمنية لاقت استياء داخل قيادة البعث نفسه.

فرفض اثنين من أعضاء المحكمة التوقيع على أحكام الإعدام، وهما عزة العاني وفليح التميمي، ليتم عزلهما من مواقعهما الحزبية في القيادة القطرية لحزب البعث، ولتنفذ الإعدامات لاحقا، وتستمر الاعتقالات بصفوف المعارضين الشيعية، ومعظمهم من عناصر حزب الدعوة، لحين إعدام مؤسس الدعوة نفسه محمد باقر الصدر عام 1979.

وهذه المصادمات بين المعارضة الشيعية وحكم القوميين وحزب البعث استمرت كحالة داخلية عراقية من منتصف الستينيات، أي قبل قيام نظام الخميني والحرب العراقية الايرانية.

* وائل عصام كاتب صحفي فلسطيني

المصدر | القدس العربي

  كلمات مفتاحية

العراق، إيران، الخميني، حزب البعث، محمد باقر الصدر، مرجعية النجف، الحرب العراقية الإيرانية،