استطلاع رأي

أي من هذه الدول تمارس الدور الأكثر إيجابية في حرب غزة؟

السعودية

مصر

قطر

إيران

تركيا

أهم الموضوعات

طبقات اليمين الإسرائيلي وبصيرة دا سيلفا

عن أوهام التفاؤل الأميركي

أزمة اقتصاد مصر وانتظار الفرج من الخارج

نحو وقف الحرب على غزة

سيناريو اليوم التالي للحرب

أوروبا تعزز اليورو وتبحث عن دور جديد

الاثنين 18 يناير 2021 10:58 ص

أوروبا تعزز اليورو وتبحث عن دور جديد

هل تتيح كورونا الفرصة لبروكسل لصعود المسرح العالمي بعملة مهيمنة واقتصاد مؤثر ومنافس للاقتصادين الأميركي والصيني؟

لدى اليورو فرصة لأن الصين رغم حجم اقتصادها الضخم وتجارتها الضاربة ليس لها عملة دولية فلم تتجاوز حصة اليوان في الاحتياطات الدولية 2%.

خطة تعزيز موقع اليورو وأوروبا في التجارة والاستثمار دوليا ضمن استراتيجية "أوروبا العظمى" كقوة ثالثة مستقلة ومنافسة لأميركا والصين لا تابعة لواشنطن.

*     *     *

وضعت مفوضية الاتحاد الأوروبي خطة متكاملة لتقليل اعتمادها على الدولار، وتعزيز مكانة العملة الأوروبية "اليورو" خلال الأعوام المقبلة.

وربما ستطرح هذه الخطة التي كشفت عنها صحيفة " فاينانشيال تايمز" البريطانية مساء السبت، خلال الأيام المقبلة على الدول الأعضاء لمناقشتها ضمن استراتيجية الاتحاد الأوروبي لبناء "الدولة الفيدرالية الواحدة" القادرة على اتخاذ مسار مستقل عن واشنطن في سياساتها المالية والنقدية والاقتصادية والدفاعية.

وتسعى دول الاتحاد الأوروبي منذ سنوات للتخلص من سيطرة واشنطن على قراراتها، وتقليص هيمنة الدولار على تسويات فواتيرها التجارية وأدوات أصولها المالية من السندات والأوراق المالية، وتعزيز مكانة اليورو ليصبح عملة دولية منافسة للورقة الخضراء التي هيمنت على النظام النقدي العالمي منذ أفول شمس الإمبراطورية البريطانية بعد الحرب العالمية الثانية.

وصعدت  الولايات المتحدة منذ ذلك الوقت لتصبح القوى العظمي القائدة لدول المعسكر الرأسمالي الليبرالي ورسم سياستها في مواجهة الإمبراطورية الشيوعية.

وقد ذاقت أوروبا خلال السنوات الأربع الماضية مرارات عديدة من سياسات الحظر التي نفذتها إدارة الرئيس ترامب بكثافة، وأدت إلى عرقلة تجارة دول الاتحاد الأوروبي مع العديد من دول العالم.

كما أن هيمنة الدولار على النظام النقدي العالمي الذي أصبح "عملة العالم" بعد اتفاقية "بريتون وودز" في عقد الخمسينيات من القرن الماضي، عرقلت مسار أوروبا المستقل، وأعاقت قدرتها على تبني سياسات مالية واقتصادية مستقلة عن واشنطن.

ويلاحظ أن هيمنة الدولار على النظام النقدي والتسويات المالية الدولية زادت أكثر بعد سقوط الاتحاد السوفييتي. لكن كتلة الاتحاد الأوروبي توسعت بعد  سقوط الشيوعية وتبعثر الإمبراطورية السوفيتية وأصبحت  تضم دول أوروبا الشرقية وتوسع حجم اقتصادها لينافس الاقتصاد الأميركي ، وبالتالي باتت تطلع إلى دور مستقل ككتلة ثالثة منافسة لواشنطن وبكين.

ورغم الرغبة الأوروبية الجامحة في تعزيز مكانة أوروبا كدولة مؤثرة وتعزيزموقع عملتها اليورو في النظام النقدي العالمي، ولكن العديد من الخبراء يرون أن الطريق لا يزال طويلاً أمام اليورو ليصبح منافساً للدولار، إذ إن نسبته من احتياطات البنوك المركزية العالمية من العملات الصعبة تتجاوز بقليل 20% مقارنة بالدولار الذي تبلغ نسبته أكثر من 60%.

كما أن السوق المالي الأميركي  الضخم الذي يقارب حجمه 100 تريليون دولار، لا يمكن مقارنته بالسوق المالي الأوربي المتشرزم. وبالتالي فإن منافسة اليورو للدولار لا تزال غير ممكنة رغم التراجع الأخير في سعر صرف الورقة الخضراء.

وحسب ما يرى استراتيجيون في السياسة النقدية، فإن أوروبا بحاجة إلى توحيد أسواقها المالية، وكذلك توحيد المعايير المالية والاندماج الحقيقي لجميع دولها في وحدة نقدية مثالية تشمل جميع دول الاتحاد الأوروبي، وليس فقط الدول الأعضاء في منطقة اليورو، إذا كان لها في المستقبل منافسة أميركا نقدياً ومالياً.

وعادة ما يحتاج حدوث تغيير في كبير في النظام النقدي العالمي إلى حدوث أزمة ضخمة أو حرب عالمية، مثل ما حدث في الحرب العالمية التي أصبحت بعدها أميركا زعيمة العالم الرأسمالي الليبرالي كبديل لبريطانيا.

وربما تكون بروكسل تفكر في أن تتيح كارثة كورونا الفرصة لصعودها إلى المسرح العالمي بعملة مهيمنة واقتصاد مؤثر ومنافس للاقتصادين الأميركي والصيني.

ولدى اليورو فرصة لأن الصين على الرغم من حجم اقتصادها الضخم وتجارتها الضاربة للدول الأخرى ليس لديها عملة دولية، إذ إن اليوان لم تتجاوز حصته في الاحتياطات الدولية أكثر من 2%.

وتأتي خطة تعزيز موقع عملة اليورو ومركز أوروبا الدولي في التجارة والاستثمار ضمن استراتيجية "أوروبا العظمى" كقوة ثالثة مستقلة ومتنافسة مع كل من الولايات المتحدة والصين وليس تابعة لواشنطن.

وحلم الاستقلال الأوروبي عن واشنطن ليس جديداً، فقد وضع رئيس المفوضية الأوروبية الأسبق جان كلود يونكر في خطاب حال الاتحاد الأوروبي في سبتمبر من العام 2017 رؤية أوروبية لبناء الدولة الأوروبية الواحدة، التي ستؤسس لبناء دولة فيدرالية واحدة تضم 30 دولة، بدلاً من الاتحاد المرن القائم الآن بين دول الكتلة الأوروبية.

في هذه الرؤية سيتحول البنك المركزي من بنك لمنطقة اليورو التي تضم 19 دولة فقط حالياً من دول الاتحاد الأوروبي الـ27 إلى بنك مركزي لكل الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي، كما تضع الرؤية تصورا لعملة اليورو لتصبح العملة الوحيدة لكل الدول الأعضاء وليس كما هو حادث الآن.

وبهذا التصور تتحول أوروبا من الاتحاد المرن إلى الاتحاد الفيدرالي المثالي وشبيه بالاتحاد القائم حالياً في الولايات المتحدة. وحسب "رؤية يونكر"، ستتحول الدول إلى ولاياتٍ، حيث بنى التصور الجديد على بناء دولة أوروبية واحدة ذات عملة واحدة، هي اليورو، ومعايير تجارية واحدة وجيش واحد وبنك مركزي واحد.

كما تشتمل الرؤية الجديدة، إضافة إلى العملة الموحدة والبنك المركزي الواحد، على توحيد معايير الضرائب ونظم الضمان الاجتماعي.

ويلاحظ أن أوروبا استبقت تنصيب الرئيس الأميركي المنتخب جو بايدن بتوقيع اتفاقية استثمار مع الصين، وهي اتفاقية ربما لا تروق للرئيس بايدن، ولكن ربما تتخذها أوروبا منصة للضغط على واشنطن، خاصة ألمانيا التي عانت من سياسات وضغوط الرئيس المنتهية ولاية ترامب.

وترغب حكومة برلين في القول للإدارة الجديدة، إنها ترغب في علاقة يسودها نوع من التكافؤ والندية والتنسيق ولن ترضى في المستقبل بالتبعية والتنازلللرغبات الأميركية.

وهنالك خلاف كبير بين واشنطن وبرلين، في العديد من القضايا الاستراتيجية والسياسات الاقتصادية وتضارب في المصالح. وتصاعد هذا الخلاف منذ انتخاب الرئيس دونالد ترامب للحكم في أميركا، وتبنيه لسياسات اقتصادية وتجارية انعزالية ومعادية للشراكة التجارية مع أوروبا.

وبالتالي فإن اتفاقية الاستثمار التي وقعتها أوروبا أخيرا مع الصين ربما ستعزز مكانة اليورو، وتشكل ضغطاً على الرئيس المنتخب بايدن للاستماع والتشاور مع دول الاتحاد الأوروبي، قبل الشروع في وضع أسس استراتيجيته الجديدة لمحاصرة التمدد الاقتصادي والتجاري الصيني.

* موسى مهدي كاتب صحفي اقتصادي،

المصدر | العربي الجديد

  كلمات مفتاحية

أوروبا، اليورو، ألمانيا، ترامب، جو بايدن، الصين، استثمار، الصين، الدولار، استراتيجية "أوروبا العظمى"،