ف. تايمز: 3 مفاتيح لقوة تركيا الناعمة.. وإثيوبيا والصومال بوابتها لأفريقيا

الخميس 21 يناير 2021 08:01 م

"داخل حانة بأحد فنادق العاصمة الإثيوبية أديس أبابا، كان عدد من الإثيوبيين يتصارعون على جهاز التحكم بالتلفاز لمتابعة نتائج الانتخابات الرئاسية الأمريكية على قناة CNN وتقارير الحرب على القنوات المحلية، والمسلسل التركي (السعادة)، وفي النهاية تم اختيار الدراما التركية".. هكذا روت صحيفة "فاينانشيال تايمز" البريطانية خلاصة ما وصل إليه نفوذ القوة الناعمة لتركيا في ثاني أكبر دولة أفريقية من حيث عدد السكان، مشيرة إلى أن الاستثمارات والمساعدات والدراما هي مفاتيح تلك القوة. 

وذكرت الصحيفة البريطانية أن نجاح عروض الدراما التركية في إثيوبيا يعتبر أمرا صغيرا، لكنه يمثل إشارة ذات مغزى لنفوذ أنقرة المتصاعد، الذي يواجه نفوذ المنافسين الخليجيين مثل السعودية والإمارات، بالإضافة إلى الولايات المتحدة وفرنسا والصين وروسيا.

وفي هذا الإطار، يشير خبير السياسة الخارجية التركية في جامعة "نافارا" الإسبانية "مايكل تانشوم"، إلى أن تركيا باتت تمتلك مزايا القوة الناعمة التي تستطيع استغلالها خلافا لواقع العقود التي أعقبت انهيار الإمبراطورية العثمانية، إذ تجاهلت تركيا أفريقيا إلى حد كبير، واختار حكامها التركيز على أوروبا.

وخلال الـ15 عاما الماضية، قاد الرئيس التركي "رجب طيب أردوغان" إحياء العلاقات التركية مع القارة السمراء، ومنذ عام 2009 رفعت أنقرة عدد سفاراتها الأفريقية من 12 إلى 42 سفارة، وأصبح "أردوغان" زائرا مستمرا برحلات إلى أكثر من 20 عاصمة أفريقية.

وقال "أردوغان"، في تصريحات أدلى بها في أكتوبر/تشرين الأول الماضي، إن "الأتراك والأفارقة مصيرهم أن يكونوا شركاء"، ووضع هدفا لمضاعفة حجم التجارة التركية مع أفريقيا إلى 50 مليار دولار سنويا، ما يمثل ثلث حجم تجارتها الحالية مع أوروبا.

وتركز تركيا على مشروعات البنية التحتية العملاقة، والعقود الكبيرة في أفريقيا، من حمام السباحة الأوليمبي في السنغال، إلى أكبر قاعدة عسكرية تركية في الخارج في الصومال، ومسجد كبير في جيبوتي، ما يبرز الأهمية الاقتصادية والجيوسياسية التي توليها تركيا للقارة السمراء.

وفي شمال أفريقيا، دعمت تركيا حكومة الوفاق الليبية المعترف بها من جانب الأمم المتحدة، وفاز "أردوغان" بجائزة رجل العام من جانب هيئة سنغالية نافذة وغير حكومية، وقام بزيارة إلى السنغال، المستعمرة الفرنسية السابقة.

ويشير "تانشوم"، في هذا الصدد، إلى أن "الدول الأفريقية التي كانت تحت الاستعمار الفرنسي تتطلع الآن إلى بدائل لفرنسا. لا تريد تلك الدول أن تتحول من مستعمرات تجارية تابعة لفرنسا إلى مستعمرات تجارية صينية. تمثل تركيا طريقا ثالثا".

وحسبما يرى خبير شؤون منطقة القرن الأفريقي "عبدالله حلاخي"، فإن "أردوغان" يعتقد أنه حان الوقت كي تتوسع تركيا في مشروعاتها خارج الحدود، وأنه لا توجد منطقة أفضل من القرن الأفريقي، حيث تنتشر المشروعات العقارية، مشيرا إلى أن "الأتراك يقومون بعمل أفضل من غيرهم بوضع الأموال في نصابها الصحيح".

وترتكز سياسة تركيا في أفريقيا على فكرة أن القارة لم تحصل على ما تستحقه من الاهتمام، وأن هناك فرصا عملاقة متاحة في أفريقيا من حيث الجهود التنموية والإنسانية، أولا، ثم الاتجاه إلى العلاقات الاقتصادية، وفقا لما قالته السفيرة التركية في أديس أبابا "يبراك ألب".

ووصفت السفيرة التركية إثيوبيا بأنها "بوابة القارة الأفريقية"، بعدما أصبحت بلادها، خلال العقدين الماضيين، ثالث أكبر مستثمر في أثيوبيا، بعد الصين والسعودية، وفقا لأرقام لجنة الاستثمار الإثيوبية.

المستثمرون الأتراك أصبحوا أكثر اهتماما بالنهضة الاقتصادية الإثيوبية، حيث يتراوح معدل النمو في حدود الـ10% منذ عام 2005، وذلك قبل الانتكاسات الاقتصادية والسياسية الأخيرة جراء الحرب الداخلية.

من بين استثمارات الشركات التركية في القارة الأفريقية، والتي تصل إلى 6.5 مليار دولار، تذهب 2.5 مليار دولار منها إلى إثيوبيا، وفقا لمسؤولين أتراك.

وتتواجد تركيا أيضا في الصومال، حيث قامت ببناء طرق ومعسكر كبير للتدريب العسكري، والعام الماضي وقّعت شركة تركية عقدا لمدة 14 عاما لتطوير وتشغيل ميناء مقديشو.

 وأصبحت تركيا مصدرا رئيسيا للمساعدات بالصومال، وضخت أكثر من مليار دولار منذ عام 2011، وفي نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، دفعت 2.4 مليون دولار كديون مستحقة على الصومال لصالح صندوق النقد الدولي.

هذا السخاء دفع بعض الصوماليين إلى إطلاق اسم "أردوغان" على أبنائهم، في الوقت الذي تقدم فيه وزير العدل الصومالي "عبدالقادر محمد نور" بخالص امتنانه إلى الرئيس التركي على دعمه المستمر الذي يقدمه للصومال.

ويشير الخبير المستقل في شؤون القرن الأفريقي "رشيد عبدي" إلى أن تركيا لاعب كبير في الصومال، ولاعب تجاري مهم للغاية بالنسبة لإثيوبيا، "التي تمثل فرصة عملاقة جدا بالنسبة لتركيا؛ لأنها سوق كبير واقتصاد نشط، وبالتالي فإنها جهة رئيسية لأردوغان، ومن الواضح أن الأتراك يستهدفون الفوز بإثيوبيا".

المصدر | الخليج الجديد + متابعات

  كلمات مفتاحية

تركيا أفريقيا

جاويش أوغلو: علاقة تركيا بإثيوبيا تمتد 125 عاما

تم بناؤها في مقدشيو.. تركيا تسلم الجيش الصومالي ثكنات عسكرية

مجلة إيطالية: تركيا تتوسع في أفريقيا وتهدد الوجود الفرنسي

السمك مقابل القات.. اتفاقية للتبادل بين الصومال وإثيوبيا

أردوغان يبحث مع نظيريه الجيبوتي والسنغالي العلاقات الثنائية

نيويورك تايمز: مسيرات تركيا وإيران والإمارات قلبت موازين الحرب بإثيوبيا