ماذا تعني المصالحة الخليجية بالنسبة للأردن؟

الاثنين 25 يناير 2021 05:17 ص

في 5 يناير/كانون الثاني، وقعت دول الخليج اتفاقية خلال قمة مجلس التعاون في العلا السعودية لإنهاء الأزمة الخليجية. وجاءت هذه الخطوة بعد يوم من موافقة السعودية على إعادة فتح المنافذ البرية والبحرية والجوية مع قطر بعد 3 أعوام ونصف من الحصار.

وأثرت الأزمة الخليجية على العلاقات بين طرفي الأزمة على أكثر من صعيد. وبالتالي، من غير المرجح أن تعود العلاقات بين الكتلة التي تقودها السعودية وقطر إلى فترة ما قبل 2017 بين عشية وضحاها. لكن التقارب الأخير بلا شك يعد خطوة إيجابية في اتجاه حل الأزمة.

الحفاظ على نفس المسافة من الجميع

وفي غضون ذلك، سيستفيد الأردن من هذه المصالحة. وكانت عمّان قد خفضت علاقاتها بالدوحة في بداية الأزمة الخليجية بسبب ضغوط من الكتلة التي تقودها الرياض. كما ألغى الأردن ترخيص عمل قناة "الجزيرة" في البلاد.

ومع ذلك، كان السعوديون غاضبين من أن الأردن لم يقطع علاقاته مع قطر بشكل كامل، الأمر الذي ربما أخر الاستثمارات السعودية والمساعدات للمملكة الهاشمية في وقت كان الاقتصاد الأردني فيه في حالة اضطراب.

على سبيل المثال، في عام 2017، تم إنشاء صندوق الاستثمار السعودي الأردني من قبل صندوق الاستثمار العام في السعودية و16 بنكا تجاريا وإسلاميا أردنيا. ويقول الموقع الإلكتروني للصندوق: "يسعى الصندوق إلى الاستثمار في مشاريع قابلة للتطبيق على المدى الطويل، وإحداث تأثير اجتماعي واقتصادي واضح ومستدام في الأردن، ومواءمة أهدافه مع توجه الاستثمار الاستراتيجي السعودي في صندوق الاستثمار العام".

ومع ذلك، فقد تأخرت استثمارات سعودية بمليارات الدولارات منذ تشكيل الصندوق. كما ورد أن السعودية رفضت تجديد حزمة مساعدات كبيرة للأردن في نهاية عام 2017.

وفي عام 2018، أدت إجراءات التقشف المدعومة من صندوق النقد الدولي إلى احتجاجات واسعة النطاق في الأردن. وأسفرت التظاهرات عن استقالة رئيس الوزراء آنذاك "هاني الملقي". وعقدت السعودية والكويت والإمارات قمة في مكة وتعهدت بتقديم 2.5 مليار دولار للأردن. وشملت الحزمة وديعة في البنك المركزي الأردني، وضمانات للبنك الدولي، ودعم الميزانية السنوية لمدة 5 أعوام، فضلا عن مشاريع التنمية. وفي حين أودعت دول الخليج أكثر من مليار دولار في البنك المركزي الأردني، لم تتحقق سوى القليل من وعود القمة.

وفي المقابل، بعد أيام قليلة من قمة مكة، تعهدت قطر بتوفير 10 آلاف فرصة عمل للأردنيين في قطر، واستثمار 500 مليون دولار في المملكة الهاشمية.

وتواجه الحكومة الأردنية عجزا في الميزانية، وبطالة بين الشباب، ونموا اقتصاديا ضعيفا. وفي حين أن هذه العقبات ليست جديدة، فقد تفاقمت في الأعوام الأخيرة بسبب تدفق المزيد من اللاجئين من مناطق الحرب مثل سوريا. وتقدر الحكومة الأردنية أن ما يقرب من 1.4 ملايين سوري يعيشون في الأردن.

وبالرغم من حرص الأردن على الحفاظ على علاقاته الطويلة مع دول مجلس التعاون الخليجي الأخرى، إلا أن ذلك لم يمنعه من استعادة العلاقات مع قطر عام 2019. وأظهرت استعادة عمّان للعلاقات مع الدوحة رغبة الأردن في الحفاظ على نفس المسافة من جميع الأطراف المتنازعة. كما جاء ذلك تأكيدا على رغبة عمّان في الحفاظ على سياسة خارجية مستقلة.

وفي فبراير/شباط 2020، زار أمير قطر "تميم بن حمد آل ثاني" الأردن والتقى بالعاهل الأردني الملك "عبدالله الثاني". وبحسب بيان للديوان الملكي، فقد بحث الزعيمان المجالات الاقتصادية والاستثمارية. كما تم التطرق إلى التطورات الإقليمية وخاصة القضية الفلسطينية. وأصدر أمير قطر توجيهات بتوفير 10 آلاف فرصة عمل للأردنيين في قطر، إضافة إلى 10 آلاف فرصة عمل كان قد تم الإعلان عنها في 2018.

ضغط أقل على عمّان

ورحب الأردن بنتائج قمة العلا. وقال نائب رئيس الوزراء ووزير الخارجية الأردني "أيمن الصفدي": إن "بيان العلا إنجاز كبير لرأب الصدع وإنهاء الأزمة الخليجية واستئناف العلاقات الأخوية وعودتها إلى طبيعتها ما يعزز التضامن الخليجي والاستقرار. وكذلك تساهم هذه الخطوة في تعزيز التضامن العربي ودعم الجهود في مواجهة التحديات المشتركة".

وقال "كيرتس رايان" أستاذ العلوم السياسية في جامعة "أبالاتشيان" الحكومية، ومؤلف كتاب "الأردن والانتفاضات العربية"، إن الأردن استقبل التقارب بين دول مجلس التعاون الخليجي بارتياح.

وأضاف: "حاول الأردن تجنب الانحياز لطرف، والحفاظ على توازن خاص بين السعودية وقطر، وستضع المصالحة الخليجية حدا للضغوط على الأردن للحفاظ على هذا التوازن. وقد اعتبر الأردن أن الأزمة إلهاء مؤسف منع جبهة عربية موحدة في مواجهة إجراءات ترامب وكوشنر المختلفة مثل نقل السفارة الأمريكية إلى القدس".

وقال "ريان": "بالنسبة للأردن، فإن العودة إلى العلاقات السعودية القطرية الوظيفية واستقرار مجلس التعاون الخليجي أمر مرحب به للغاية ويوفر فرصة لزيادة المساعدات والاستثمارات الخليجية لعمّان، فضلا عن تحسين فرص العمل للأردنيين في الخليج، في وقت يعاني فيه الاقتصاد الأردني بشدة".

وبالفعل، أعلنت وزارة النقل الأردنية في 12 يناير/كانون الثاني رفع القيود المفروضة على عبور الشاحنات الأردنية إلى السعودية. وقال وزير النقل "مروان خيطان"، في إفادة صحفية، إن الاتصالات جارية حاليا مع السلطات القطرية لمنح تأشيرات دخول للشاحنات والثلاجات الأردنية. وبالتالي، يبدو أن الفوائد التي عادت على الأردن سياسية واقتصادية.

وتجدر الإشارة إلى أن سفراء دول مجلس التعاون الخليجي في الأردن ناقشوا في 20 يناير/كانون الثاني تطوير العلاقات الأردنية الخليجية وتعزيز التنسيق والتعاون في مختلف المجالات. وقال السفير السعودي "نايف السديري"، إن مجلس التعاون بشكل عام والسعودية على وجه الخصوص، يعملون باستمرار على تعزيز العلاقات مع الأردن.

وتتزامن المصالحة الخليجية أيضا مع تنصيب الرئيس الأمريكي "جو بايدن"، الذي يبدو أن للملك "عبدالله الثاني" علاقات شخصية قوية معه، يمكن أن تفيد دور الأردن كلاعب إقليمي في الأعوام الأربعة المقبلة على الأقل.

المصدر | عبدالعزيز كيلاني - ريسبونسيبل ستيتكرافت - ترجمة وتحرير الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

المصالحة الخليجية العلاقات الأردنية الخليجية مجلس التعاون الخليجي الاقتصاد الأردني قطر عبدالله الثاني الأردن

العاهل الأردني يزور الإمارات للقاء محمد بن زايد