إسرائيل باللهجة العراقية.. لماذا تغازل دولة الاحتلال شعب الرافدين؟

الجمعة 29 يناير 2021 04:20 م

تساءلت صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية عما إذا يمكن أن تساعد الصفحة التابعة لوزارة الخارجية الإسرائيلية على "فيسبوك" "إسرائيل باللهجة العراقية" في تأمين اتفاق "غير محتمل" للتطبيع مع العراق.

وأطلقت وزارة الخارجية عام 2011 صفحة "إسرائيل تتكلم بالعربية"، وجمعت منذ ذلك الحين 422 ألف متابع على "تويتر"، و2.8 مليون متابع على "فيسبوك"، حسبما تقول "هآرتس".

وفي 2013 أطلقت صفحة "إسرائيل في الخليج"، والتي ركزت إلى حد كبير على المصالح المشتركة في المجالات الجيوسياسية والاقتصادية بين إسرائيل ودول الخليج مثل الإمارات والبحرين.

لكن الصفحة الجديدة التي أطلقتها الوزارة عام 2018، "إسرائيل باللهجة العراقية"، اتخذت نبرة مختلفة تماما.

وقالت مديرة الصفحة ومستشارة الإعلام الرقمي العربي في الوزارة "ليندا مينوهين"، المولودة في بغداد عام 1950، لصحيفة "هآرتس" إنها أطلقت هذه المبادرة بعد ردود فعل إيجابية من العراقيين على صفحة "إسرائيل تتكلم بالعربية".

وتقول إن العراقيين كانوا ثاني أكبر مجموعة تستخدم الصفحة، ولم يكونوا يكتبون التعليقات المتشككة والمسيئة كتلك التي يستخدمها مواطنو الدول العربية الأخرى. 

كما أشارت "مينوهين" إلى استطلاع أجرته الصفحة، بعد وقت قصير من إطلاقها، جاء فيه أن 43% من العراقيين يريدون الاعتراف بإسرائيل، وهي تعتقد أن هذا الرقم سيكون أعلى من ذلك اليوم.

ورغم استمرار العداء تجاه إسرائيل في صفحة "إسرائيل باللهجة العراقية"، تؤيد شبكة البارومتر العربي للبحوث، التي أجرت بعضا من أكبر استطلاعات الرأي العام في الشرق الأوسط، كلام "مينوهين".

وخلص استطلاع للشبكة في 2019 إلى أنه بينما كان 79% من اللبنانيين ينظرون إلى إسرائيل باعتبارها أكبر عدو لهم، كان 21% فقط من العراقيين يشاركونهم هذا الشعور، وهي واحدة من أدنى النسب في جميع الدول العربية.

التاريخ اليهودي

وترجع صحيفة "هآرتس" سبب ذلك إلى "التاريخ اليهودي الغني للعراق وما يمثله ذلك لشعب العراق". 

ويبدو أنّ الأصوات العراقية المنادية بالسلام مع إسرائيل بدأت تتعالى في البلاد، رغم سيطرة الميليشيات الإيرانية على محافظات عدّة، وكان آخرها موقف صادرة عن حزب سياسي جديد يحمل اسم "25 أكتوبر" ويعتزم الدخول في المعركة الانتخابية المقرر إجراؤها في 10 أكتوبر/تشرين الأول 2021.

وترى "مينوهين" أن الحنين إلى الجالية اليهودية يعكس رغبة العراقيين لاستقرار وازدهار العصر الذهبي لبلدهم في النصف الأول من القرن العشرين، على عكس الواقع الحديث لبلد يعاني من مشاكل جمة، وعقود من الحكم الوحشي لـ"صدام حسين" والتدخل الأمريكي، والحرب الأهلية، ثم تنظيم "الدولة الإسلامية".

وتقول "هآرتس": "على الرغم من مرور عقود على مغادرة الجالية اليهودية للعراق عقب تأسيس دولة إسرائيل عام 1948، لا تزال الذكريات اليهودية لبغداد حية".

وفي محاولة لجذب العراقيين، تعرض الصفحة على "فيسبوك"، تاريخ اليهود في بغداد أوائل القرن العشرين، وتقاليد مجتمعاتهم، والأحياء التي سكنوها.

وتضيف الصحيفة أنه رغم تطبيع العلاقات مع السودان والمغرب والإمارات والبحرين، فإن شعوب هذه الدول تبادل الإسرائيليين "قليلا من الحب" باستثناء الإمارات.

وقالت "مينوهين" لصحيفة "هآرتس": "الوضع مختلف بالنسبة للعراقيين، فالسلام الذي نحاول تحقيقه هو من القاعدة إلى القمة: هناك دفء حقيقي واتصال بين الشعبين"، وقد سرعت حملات وسائل التواصل الاجتماعي الإسرائيلية هذا الدفء، كما تقول.

وأدى ظهور وسائل التواصل الاجتماعي، وسقوط نظام "صدام حسين" عام 2003، إلى فتح قنوات اتصال جديدة بين الشعوب التي لا تزال دولها من الناحية الفنية في حالة حرب، مثل تلك بين إسرائيل وعدد من الدول العربية.

وأضافت الصحيفة: "في ظل غياب العلاقات الدبلوماسية، سعى البعض إلى إعادة الاتصال بأصدقائهم وجيرانهم القدامى".

وكمثال على هذا التواصل، أشارت "هآرتس" إلى مجموعة "الحفاظ على اللغة العراقية" على "فيسبوك" التي تضم 72 ألف شخص، وتركز على الهوية العراقية بين الإسرائيليين، وكذلك جمعية الصداقة العراقية اليهودية التي تضم 12 ألف عضو يتحدثون باللغة العربية، إلى جانب مجموعات "واتس آب" أخرى.

وتقول "مينوهين" إن هذا التحول "لم يكن ليتحقق بدون التكنولوجيا".

وأشارت "هآرتس" إلى أن إسرائيل سعت إلى الاستفادة من هذه الفرصة التكنولوجية، حتى أصبح ما يقرب من نصف مليون شخص يتابع صفحة "إسرائيل باللهجة العراقية" على "فيسبوك"، مضيفة أن معظم الفضل في ذلك يعود لـ"مينوهين".

وخلال 2020 طبعت كل من الإمارات والبحرين والسودان والمغرب علاقاتها مع إسرائيل، بعد الأردن (1994) ومصر (1979).

المصدر | الخليج الجديد + الحرة

  كلمات مفتاحية