هجوم الرياض.. حلقة إيرانية باستراتيجية ثلاثية لرفع العقوبات الأمريكية

السبت 30 يناير 2021 11:29 ص

"يجب أن ينام (ولي العهد السعودي) محمد بن سلمان بعين مفتوحة من الآن فصاعدا".. بهذه الكلمات أعلنت جماعة تسمي نفسها "ألوية الوعد الحق" في العراق مسؤوليتها عن استهداف العاصمة السعودية بطائرات مسيرة انتحارية انتقاما لضحايا التفجير الذي وقع مؤخرا في سوق وسط بغداد، مخلفا أكثر من 30 قتيلا.

وبينما أعلن التحالف العربي، الذي تقوده السعودية باليمن، السبت الماضي، اعتراض وتدمير "هدف جوي معاد كان متجها صوب الرياض"، من دون توضيح طبيعة الهدف على غير العادة، قالت "ألوية الوعد الحق" إنها من نفذت الهجوم عبر طائرات من دون طيار من نوع "kamikaze"، وكان يستهدف "قصر اليمامة"، مقر الحكم في المملكة. 

وزعمت الجماعة، في رسالتها التي بثتها باللغة الإنجليزية عبر إحدى قنوات التواصل الاجتماعي التي تبث أخبارًا عن المليشيات التابعة لقوات الحشد الشعبي، المعروفة بولائها لإيران، أن السعودية ترعى تنظيم "الدولة"، الذي أعلن مسؤوليته عن هجوم بغداد في 21 يناير/كانون الثاني.

وأثار ذلك التساؤلات حول تحول السعودية إلى "ملعب جديد" لهجمات الطائرات المسيرة والصواريخ في المنطقة خلال الفترة المقبلة، تزامنا مع تصاعد التوتر بين إيران والولايات المتحدة.

وفي سياق الإجابة، يرى "حمدي مالك"، الزميل المشارك في معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى، والمتخصص في شؤون الجماعات العسكرية بالعراق، أن المنطقة تشهد ظاهرة جديدة تتمثل في توظيف إيران لجماعات عراقية في حملة ضغط ضد السعودية بوصفها حليفة الولايات المتحدة الأهم في المنطقة، وفقا لما أورده موقع إذاعة "صوت ألمانيا" (DW).

وأوضح المحلل السياسي "مايكل نايتس"، في تقرير صدر في أكتوبر/تشرين الأول 2020 عن مركز مكافحة الإرهاب في الأكاديمية العسكرية الأمريكية (ويست بوينت)، أن هذه الظاهرة تتمثل في إنشاء مجموعات مزيفة والقيام بهجمات على السعودية تنسب لاحقا إلى تلك المجموعات؛ بما يخفي دور المليشيات المنخرطة في الهجمات.

ويؤكد "مالك"، في هذا الصدد، أن هجمات الطائرات المسيرة على دول أخرى "لا يمكن القيام بها دون إذن طهران (..) بسبب عواقبها الهائلة المحتملة على العراق وإيران".

ويلفت إلى أن الجماعات العراقية المسلحة بينها خلافات داخلية وتنافس على القيادة، ولديها أهداف سياسية مختلفة، ومع ذلك فقد احتفت جميعا بهجوم الرياض، وهو الإجماع الذي يشي بأن "هجمات الطائرات بدون طيار وافقت عليها إيران على الأرجح"، حسب قوله.

ويعتقد الخبير بمعهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى أن هجوم الرياض جاء جزء من حملة إيرانية ذات استراتيجية ثلاثية للضغط على إدارة الرئيس الأمريكي "جو بايدن" الجديدة لرفع العقوبات عن البلاد، والعودة إلى الاتفاق النووي الإيراني لعام 2015.

فإعلان الرئيس الأمريكي السابق "دونالد ترامب" انسحابا أحاديا من الاتفاق عام 2018 لصالح نظام عقوبات صارم ضد طهران، جعل إيران عرضة لضغوط اقتصادية هائلة، من المحتمل أن يكون لها تأثير على الانتخابات الرئاسية المزمع إجراؤها في يونيو/حزيران المقبل؛ ولذا فإن القيادة الإيرانية تريد المضي قدما في وعد "بايدن" بالعودة إلى الاتفاق النووي بأسرع وقت ممكن.

وفي هذا الإطار، تدور استراتيجية إيران في أفلاك ثلاثة، حسب تقدير "مالك"، تتمثل في العودة إلى تخصيب اليورانيوم بنسب تقترب من إمكانية الاستخدام لصنع أسلحة نووية، وإجراء تدريبات بالصواريخ والطائرات المسيرة في المنطقة، إضافة إلى ممارسة مزيد من الضغط على حلفاء الولايات المتحدة، خاصة السعودية، لكن بطريقة لا تؤدي بالضرورة إلى انتقام عسكري خطير.

ويوضح "جاستن برونك"، الباحث بالمعهد الملكي للخدمات المتحدة، وهو مركز أبحاث لسياسة الدفاع مقره لندن، أن إيران حريصة على عدم تجاوز أي خطوط حمراء "أمريكية" على وجه التحديد، وعلى رأسها مقتل مواطنين أمريكيين؛ إذ من شأن ذلك أن يجبر الولايات المتحدة على الرد العسكري، وهو أمر لا تريده طهران.

الطائرات المسيرة مثالية لتحقيق التصعيد الإيراني المحسوب؛ إذ أنها غير مكلفة نسبيا، ويمكن أن تحمل حوالي 30 كلجم من المتفجرات؛ ما يكفي لإحداث أضرار محدودة، حسبما يرى "برونك"، الذي علق على ذلك بقوله: "كل شيء محسوب بعناية".

 وأضاف أن هجمات الطائرات المسيرة، وفق هكذا ضوابط، يمكن اعتبارها "معنوية" لأي من المليشيات المعادية للسعودية أو للولايات المتحدة.

لكن ما مدى خطورة هذا التهديد على السعودية؟

يجيب "برونك" بأن مشكلة المملكة تتمثل في كونها بلدا ضخما للغاية من حيث المساحة، ولديها الكثير من البنى التحتية الحيوية، والكثير منها معرض للخطر لأنه يتعاطي مع مواد قابلة للاشتعال، لاسيما المنشآت النفطية.

ويشير الخبير في المعهد الملكي إلى أن استهداف هكذا منشآت في الوقت الحالي يمكّن إيران من الضغط على أهم حلفاء الولايات المتحدة في المنطقة دون إثارة رد عسكري أمريكي.

المصدر | الخليج الجديد + متابعات

  كلمات مفتاحية

السعودية

معهد أمريكي: حزب الله العراقي وراء هجوم الرياض.. وهذه رسالة إيران منه

ستراتفور: أمريكا تستعد لمحاورة إيران.. وإسرائيل تتجه لخيار عسكري