استطلاع رأي

أي من هذه الدول تمارس الدور الأكثر إيجابية في حرب غزة؟

السعودية

مصر

قطر

إيران

تركيا

أهم الموضوعات

طبقات اليمين الإسرائيلي وبصيرة دا سيلفا

عن أوهام التفاؤل الأميركي

أزمة اقتصاد مصر وانتظار الفرج من الخارج

نحو وقف الحرب على غزة

سيناريو اليوم التالي للحرب

العرب... حياة أم ممات؟

الجمعة 5 فبراير 2021 08:18 ص

العرب... حياة أم ممات؟

إسرائيل خلقت بلطةً في الخاصرة تفسد التحرّر والاستقلال وبعد حرب 1973، بدت إسرائيل دولة غير حصينة ولا منيعة.

بعد الربيع العربي بدأ بعض الزعماء يدركون أن إهمال الشعوب سيؤدي لإهمال الشعوب لهم بالمقابل وسقوطهم.

وإذا استمر الحال العربي على ما هو عليه بدون إصلاح وإعادة الكرامة للشعوب واستنهاض هممها فستتولى الشعوب الأمور بنفسها.

علينا أن نصلح ذات البين، وأن نعيد بناء دولٍ ذات أرصدة عالية مفيدة ونستعيد قدراتنا الإنتاجية، والتزويدية وكل هذا ممكن لو تصالحنا.

من الذي يعلق الجرس؟ الجواب عند الدول العربية الكبيرة أولاً، وكل الدول التي تمكنت من الحفاظ على هويتها وتماسكها وسط العواصف.

آن الوقت لكي ندرك أننا من أكثر الشعوب هشاشة وتعرّضاً للتهديد والبؤس لكننا أقواها إن قبلنا أن حياتنا أهم من خلافاتنا المدمرة على صغرها وتفاهتها.

*     *     *

خرج الوطن العربي من عام 2020 مثخن الجراح، مقروح الجسم، مشوّهاً من كثرة الهموم التي انتابته، والنوازل التي حلت بأرضه.

ولقد تراجعت موازنات الحكومات، حتى لم تبقَ موازنة عامة واحدة بدون عجز، وتقهقرت النواتج المحلية الإجمالية لكل الدول بنسبة عامة تبلغ حوالي 8%، بينما وصل بعضها إلى 26%.

وارتفعت البطالة لتتجاوز في مجموعها ربع القوى العاملة، ولترتفع مساحة الفقر والفقر المدقع، ولنشهد في معظم الدول تفكّكاً في المؤسسات والنظم حتى أضحت غير قابلة للاستمرار.

ولسنا هنا بصدد رسم لوحة تفصيلية للمآسي والمواجع، بدءاً بحال الأطفال، واللاجئين، والنساء، وارتفاع نسبة الجريمة، وزيادة حالات الطلاق، وتدهور مكانة الأقليات، حتى بات كثير من الناس يعتقدون أن الساعة قد أزفت، وأن الحياة باتت لا تستحق أن تُعاش.

ولذلك يصبح السؤال الذي يثيره كتاب ومؤلفون كثيرون مستحقاً للتحليل والتأمل والتفكر العميق. هل أمامنا فرصة للنهوض، ونفض التراب الذي علانا وغطى أبداننا، أم أننا أصبحنا في حكم الدول التي انتهى دورها، وحان اندثارها كما حصل لكثير من سالف الأمم؟

هل نقدر نحن العرب، في هذا الزمان الحرج القاتم، أن نعيد خلق أنفسنا، وأن نستنهض هممنا، أم أن الدمار السرطاني قد تغلغل في الأبدان، فلم يعد ينفع معه الكي وكاسات الهواء والعلاجات الكيماوية والحيوية؟

هل نصدّق أن عالمنا العربي، بما فيه من خيرات، أصبح رجل العالم المريض الذي تتكاثر الأمم الأخرى على قصعته، ولن يذره إلا وقد نُهِبت منه كل مقومات الحياة، أو إعادة الحياة؟

وأمامنا خيار الاستنهاض والسعي لكي نلملم ما تبقى لدينا من عَزْم ومُروّة، أو أن نستسلم للواقع ونخدّر أرواحنا المستهلكة ببريق الدَّعة، أو أن نرمي أنفسنا في أحضان الآخرين، قائلين لهم "هاكم كل ما تريدونه منا، ودعونا نحيا ما تبقى لدينا من العمر المنكود".

علمنا التاريخ أنها ليست الحالة الأولى التي تراجعنا وتدهورنا فيها إلى ما يشبه ما نحن عليه الآن. ولكننا عدنا، ويسّر الله لنا الفرج من مكانٍ ما كنّا نعتقد أن الفرج سيأتي منه. ولكنه أتى من كردستان وشمال سورية والعراق على وجه التحديد ممثلاً بصلاح الدين من ناحية، وبالمماليك من بعد ذلك بأكثر من نصف قرن في عين جَالُوت من ناحية أخرى.

وشكلت حطين وعين جَالُوت علامتين فارقتين. ولا ننسى عام 1187 عندما انتصر أمير المرابطين يوسف بن تاشفين على القشتاليين في معركة الزلاقة.

وقبل أن يخسر العرب الأندلس عام 1492 بسقوط غرناطة للملك فيرداند وزوجته إيزابيلا، تمكّن السلطان محمد الثاني العثماني من إحقاق معجزة احتلال الأستانة (إسطنبول) بعد أكثر من ثمانية قرون من المحاولات لاحتلالها.

كان هنالك نصر كبير في الشرق عام 1452 وهزيمة نكراء عام 1492، ومع هذا استمر العثمانيون يهدّدون أوروبا، بعدما هددتنا ثلاثة قرون ونيف في بلاد الشام ومصر.

وفِي نهاية الحرب العالمية الأولى، سقطت الدولة العثمانية، وكوّن العرب ممالكهم، بعدما تقاسمتها قوى الاستعمار التي توغلت في جسد الأمة، كما تفعل أسنان قرش البحر في جسد ضحيتها، وظننا، بعد "سايكس بيكو" السرية، أن مستقبلنا قد طُوي، ولكن حركات التحرير، بعد الحرب العالمية الثانية، مكّنت دولاً عربية كثيرة من التحرّر.

ولكن إسرائيل خلقت لكي تكون بلطةً في الخاصرة، تفسد كل مباهج التحرّر والاستقلال. وبعد حرب عام 1973، بدت إسرائيل دولة غير حصينة ولا منيعة إلى ذلك الحد.

وبعد الربيع العربي، بدأ الزعماء يدركون (أو بعضهم) أن إهمال الشعوب سيؤدي إلى إهمال الشعوب لهم بالمقابل وسقوطهم. وإذا استمر الحال العربي على ما هو عليه بدون إصلاح، وإعادة الكرامة للشعوب، واستنهاض هممها، فإن الشعوب سوف تتولى الأمور بنفسها.

وهذا ما انطوت عليه أحداث الربيع العربي. وها نحن نشهد بوادر الململة والتحرّك في كثير من أقطار الوطن العربي. وعلينا، نحن معشر من نعتقد أننا المفكرون وقادة الرأي، أن ننبه إلى أننا يجب ألا نَغْتَرّ بما نراه من دموع، فإن نحت الضلوع داءً دويّاً.

العالم مقبل على مواجهات بين الدول العظمى، وعلينا أن نتوقع استلطافاً من القوى لكي يساندها في صراعها مع الدول الأخرى. هذه فرصة لاستعادة التوازن، فكيف نستثمرها جميعاً لكي نأخذ دورنا المُسْتَحَق بين الأمم؟

وعلى العالم العربي أن يستذكر أن السنوات المقبلة ستشهد اشتداداً في التنافس بين الصين والغرب، للهيمنة على العملات والتكنولوجيا والتجارة والموارد، وأن سباق الفضاء سيحصل، وأن الغلبة قد لا تكون لأحد.

وسواء أدّت هذه المنافسات الحامية إلى حربٍ عسكرية أم لم تؤدِّ، فإن الوطن العربي، بإمكاناته الهائلة، وموارده العظيمة، لن يكون في منأى عن هذه المنافسات.

عدد السكان في الوطن العربي يبلغ 5% من سكان العالم، ولكنه يحتوي على 40% من احتياطي النفط الأحفوري، وعلى مصادر الطاقة البديلة، والعناصر المشعة، والموقع الاستراتيجي، ويضم في أنحائه أهم الممرّات المائية في العالم.

ويطل على عدد من البحور، مثل المحيط الهندي، والأطلسي وبحور العرب والمتوسط والأحمر، ومضائق باب المندب، وتيران، وهرمز، وقناة السويس، ومضيق جبل طارق، ولديه القدرة على إنتاج الغذاء النباتي منه والحيواني.

لذلك علينا أن نصلح ذات البين، وأن نعيد بناء دولٍ ذات أرصدة عالية مفيدة، مثل الصومال، والسودان، واليمن، وسورية، وليبيا والعراق، وأن نستعيد قدراتنا الإنتاجية، والتزويدية، وكل هذا ممكن لو تصالحنا.

من الذي يعلق الجرس؟ الجواب عند الدول العربية الكبيرة أولاً، وكل الدول التي تمكنت من الحفاظ على هويتها وتماسكها وسط العواصف. آن الوقت لكي ندرك أننا من أكثر الشعوب تعرّضاً للتهديد. ولكننا أقواها إن قبلنا أن حياتنا أهم من خلافاتنا المدمرة على صغرها وتفاهتها.

* د. جواد العناني سياسي وخبير اقتصادي، نائب رئيس الوزراء رئيس الديوان الملكي الأردني الأسبق.

المصدر | العربي الجديد

  كلمات مفتاحية

كورونا، العرب، عجز الموازنة، البطالة، الدول العربية، تهديد، الغذاء، مضائق، الفقر، البطالة،