كورونا وشهادة المناعة الرقمية.. هل تسمح القوانين العربية بإلزامية اللقاح؟

الأحد 7 فبراير 2021 03:45 م

مع انتشار الإصابة بفيروس كورونا المستجد حول العالم، بدأت فكرة استصدار شهادات مناعة رقمية أو "جواز السفر الصحي" تلقى رواجاً في بعض الدول الغربية، ما أثار تساؤلات حول أخلاقية جعل لقاح كورونا إلزاميا، ومدى سماح قوانين عديد الدول الغربية بذلك في ظل تشددها بضمان الحريات الفردية، والانحياز الوارد في ذلك بنصوص القوانين العربية.

كانت الدنمارك والسويد أول من أقر الشهادة الرقمية، وأعلنت كل منهما، في 4 فبراير/شباط الماضي، أنهما ستطوران "جوازات سفر إلكترونية" لتسهيل السفر إلى الخارج، على أن يكون إبراز الوثيقة الطبية شرطا للمشاركة في الأحداث الرياضية أو الثقافية، أو حتى المطاعم.

وفي المقابل، تتريث فرنسا وهولندا ألمانيا في دراسة مناقشة مشروع تقييد حركة الأشخاص الرافضين للقاح، وتشهد كل منها مناقشات حول علمية وأخلاقية وقانونية ذلك، إذ يرفض اتجاه واسع المساس بالحريات الفردية، ولو لضمان الحماية من الوباء.

وعلى المستوى العربي، أعلنت وزارات الصحة في غالبية الدول العربية أنّ لقاح كورونا سيكون إختيارياً ولن يكون إلزامياً على المواطنين والمقيمين، لكن نصوصها القانونية لا تضمن ذلك بالضرورة.

وفي هذا الإطار، أوضحت المحامية اللبنانية "دانا حمدان" أنّه "بالمبدأ القانوني لا يمكن القيام بأي عمل طبي على المريض إلا بعد الحصول على موافقته الشخصية أو من ممثليه الشرعيين، إلا بحالة واحدة وهي حالة الضرورة"، وفقا لما أورده موقع قناة "الحرة" الأمريكية.

وأضافت أنّ "حالة الضرورة هي تلك المتمثلة بانتشار الوباء عملاً بنص المادة 186 من قانون العقوبات (اللبناني)"، مشيرةً إلى أنّه "عندما يثبت اللقاح فعاليته على الحد من انتشار الفيروس، بعد فترة زمنية معقولة، سيصبح إلزامياً".

وأشارت إلى أنّ "قانون الأمراض المعدية في لبنان، يعرفها بأنّها تلك الأمراض التي تنتقل سواء من المريض أو من السليم الحامل الجراثيم إنسانا كان أو حيوانا إلى الأصحاء مباشرة أو بالواسطة والتي تتخذ أحيانا الشكل الوبائي"، لافتةً إلى أنّه "تم إدراج فيروس كورونا المستجد ضمن قائمة هذه الأمراض".

وأقر البرلمان اللبناني قانون الأمراض المعدية عام 1957، في ظل تفشي وباء إنفلونزا آسيا، وأعطى للسلطات قواعد تنظيمية لا تزال سارية المفعول، تجيز لها اتخاذ تدابير إلزامية من شأنها أن تحول دون انتشار الوباء.

وترى "دانا" أن "سلامة المريض وحرية الاختيار في كل ما يتعلق بجسده مصلحة يكفلها القانون، ولكن المصلحة العامة ترجح في هذه الحالة وهي سلامة المجتمع".

وفي الاتجاه ذاته، يؤيد الطبيب والناشط السياسي اللبناني "هادي مراد" جعل لقاح كورونا إلزاميا على الجميع، موضحا: "أخذ اللقاح من قبل 80% من العالم ينهي الوباء علمياً، ويرفع من إمكانية التحكم من انتشاره وتجديد نفسه بسلالات جديدة".

ومن الزاوية ذاتها، يؤكد المحامي العراقي "إحسان فاضل الحيالي" أنه "لا يجوز إكراه الشخص على تلقي العلاج كون  ذلك من الحرية الشخصية، ولكن عند تفعيل قاعدة الظروف الطارئة في القانون، فتكون إلزامية اللقاح ممكنة طالما ثبت الأخير فعاليته في المحافظة على الصحة العامة في البلاد وأمن المجتمع".

واعتبر "الحيالي" أنّه "لغرض حماية المجتمع يطبق على من يمتنع عن أخذ  اللقاحات المجدية صحياً المواد القانونية الخاصة بمخالفة التعليمات والقرارات والامتناع عن تطبيقها وفقاً للمادة 240 من قانون العقوبات العراقي".

وتنصّ المادة 240 من قانون العقوبات العراقي على أنّه "يعاقب بالحبس مدة لا تزيد على 6 أشهر أو بغرامة لا تزيد على 100 دينار كل من خالف الأوامر الصادرة من موظف أو مكلف بخدمة عامة أو من مجالس البلدية أو هيئة رسمية أو شبه رسمية ضمن سلطاتهم القانونية أو لم يمتثل أوامر أية جهة من الجهات المذكورة الصادرة ضمن تلك السلطات وذلك دون الإخلال بأية عقوبة اشد ينص عليها القانون".

وفي مصر، شدد رئيس وحدة "الحق في الصحة" بالمبادرة المصرية للحقوق الشخصية، "علاء غنام" على أنّ إمكانية جعل لقاح كورونا إلزاميا من الناحية القانونية شريطة انسجام ذلك مع الدستور الذي ينص على "مجانية" اللقاح حال الإلزام به.

وأشار "غنام" إلى أنّ "وزارة الصحة المصرية أعلنت أن اللقاح سيكون مجانياً للأطقم الطبية فقط وللمسجلين في برنامجي تكافل وكرامة، وهو ما يخالف المادة 18 من الدستور المصري"، التي تنص على أنّه "يجرم الامتناع عن تقديم العلاج بأشكاله المختلفة لكل إنسان فى حالات الطوارئ أو الخطر على الحياة".

وأضاف أنّ "قانون التأمين الصحي الشامل الجديد ينص بوضوح على مجانية الخدمة فى الوباء فى المادة الثانية منه، التي تنص على أن خدمات الصحة العامة، والخدمات الوقائية، والخدمات الإسعافية، وخدمات تنظيم الأسرة، والخدمات الصحية الخاصة بتغطية الكوارث بجميع أنواعها، والأوبئة، وما يماثلها من خدمات تلتزم بتقديمها سائر أجهزة الدولة مجانا".

وفي المقابل، يرى الطبيب والمدافع عن حقوق الإنسان "طاهر مختار" أن "اللقاح مهم وضروري، ولكن لا يمكن السير بجعله إلزامياً على الإنسان، ويمكن استبدال ذلك بحملات توعية تشير إلى الأعراض الجانبية الخفيفة مقارنة بفوائد الجرعة للحد من تفشي الفيروس".

كما يرفض رئيس تحرير موقع العيادة لصحافة الصحة "أحمد عابدين"، "فرض واستخدام القانون لإجبار المصريين على أخذ اللقاح"، مضيفا: "الإلزام يعتبر تعسفاً في استخدام القانون، ويجب أن يتم بطريقة غير مباشرة تتمثل بحملات توعية للمواطنين لدرء الشائعات والأخبار الزائفة".

ولم تتطرق قوانين مكافحة الأمراض السارية في الإمارات وغيرها من دول الخليج إلى إلزامية اللقاحات، وتعتمد الممارسة العامة أن إلزام أي شخص بالحصول على دواء أو لقاح أمر مخالف لأخلاقيات مهنة الطب، وقد يتطلب تعديلاً قانونياً ينص على ذلك بشكل خاص.

وكان مصدر حكومة إماراتي قال لصحيفة "الرؤية" المحلية إن "الجهات الصحية بالدولة لا تفكر مطلقا في جعل لقاح كوفيد-19 إجبارياً".

كما رفض مصدر حقوقي سعودي التعليق على إلزامية اللقاح في المملكة، واكتفى بالقول: "الكلام النهائي بهذا الموضوع يعود للقرارات الملكية".

المصدر | الخليج الجديد + متابعات

  كلمات مفتاحية

لقاح كورونا