استطلاع رأي

أي من هذه الدول تمارس الدور الأكثر إيجابية في حرب غزة؟

السعودية

مصر

قطر

إيران

تركيا

أهم الموضوعات

طبقات اليمين الإسرائيلي وبصيرة دا سيلفا

عن أوهام التفاؤل الأميركي

أزمة اقتصاد مصر وانتظار الفرج من الخارج

نحو وقف الحرب على غزة

سيناريو اليوم التالي للحرب

القرآن الكريم ومنهج العقل المقنن

الاثنين 8 فبراير 2021 10:13 ص

القرآن الكريم ومنهج العقل المقنن

كان إبراهيم (ع) في توجهه ومنهجه العقلي حنيفا وهو ما جعله "أمة" وهو ما جعل الله يجتبيه ويهديه ويؤتيه الحسنة في الدنيا والآخرة.

القرآن فصله الله سبحانه ويسره للذكر والذكر آلية معرفة الله وطلب العلم الحق وفي القرآن أمر الله رسوله أن يتبع ملة إبراهيم (ع)؟

اتباع ملة إبراهيم أخذ بمنهجه العقلي في معرفة الله والإيمان به فقد جادل إبراهيم (ع) عبادة الكواكب والأصنام وهزمها باعتقاده أن الجدير بالعبادة فاطر السموات والأرض.

*     *     *

يقول الله تعالى: { قُل لَّئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنسُ وَالْجِنُّ عَلَىٰ أَن يَأْتُوا بِمِثْلِ هَٰذَا الْقُرْآنِ لَا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيرًا (88) وَلَقَدْ صَرَّفْنَا لِلنَّاسِ فِي هَٰذَا الْقُرْآنِ مِن كُلِّ مَثَلٍ فَأَبَىٰ أَكْثَرُ النَّاسِ إِلَّا كُفُورًا}.(الإسراء:88-89)

ودلل المفسرين بهذه الآية على إعجاز القرآن، لكن القضية ليست في إعجاز القرآن لأن الله فصله ويسره للذكر، والذكر آلية معرفة الله، وطلب العلم الحق، وفي القرآن أمر الله رسوله ﷺ أن يتبع ملة إبراهيم (ع)؟

بعد تقديم لسيرة إبراهيم (ع) بقوله تعالى: {إِنَّ إِبْرَاهِيمَ كَانَ أُمَّةً قَانِتًا لِّلَّهِ حَنِيفًا وَلَمْ يَكُ مِنَ الْمُشْرِكِينَ شَاكِرًا لِّأَنْعُمِهِ ۚ اجْتَبَاهُ وَهَدَاهُ إِلَىٰ صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ وَآتَيْنَاهُ فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً ۖ وَإِنَّهُ فِي الْآخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ ثُمَّ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ أَنِ اتَّبِعْ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا ۖ وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ}.(النحل:120-123)

إن اتباع ملة إبراهيم هي الأخذ بمنهجه العقلي في معرفة الله والإيمان به، فقد جادل إبراهيم عليه السلام عبدة الكواكب وعبدة الأصنام والنمرود صاحب القدرة، وهزمهم جميعا باعتقاده أن الجدير بالعبادة هو الذي فطر السموات والأرض، وهو في هذا التوجه حنيف، وهو ما جعله أمة، وهو ما جعل الله يجتبيه ويهديه ويؤتيه الحسنة في الدنيا والآخرة.

منهج إبراهيم العقلي كان سبب إيمانه العقلي، لكن ذلك لم يمنعه من أن يطلب مزيدا من المعرفة، فقال: ربي أرني كيف تحي الموتى، فقال له الله أو لم تؤمن؟ فكان رده: بلى ولكن ليطمئن قلبي. وجادل إبراهيم ربه في قوم لوط ومع ذلك مدحه الله بأنه أواه حليم. إعمال العقل في القرآن من أجل زيادة المعرفة وارتقاء العلم اتباع لملة إبراهيم كآلية للتقدم، وهو فريضة غائبة!

الدراسات الإسلامية المعاصرة ليست بدعة، بل هي أصيلة بأصالة منهج الله الذي وضع منهجها العلمي، وخطتها العلمية مدونة في كتاب لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، هدفها البحث عن الصراط المستقيم وغايتها تحقيق سعادة الدنيا والآخرة لكل الأجيال، لم تختص بعهد الرسول والتابعين، بل عهد التابعين إلى يوم الدين.

في هذه الدراسات خروج من أزمة الثقافة الدينية بين التشدد والتساهل وبين الحقيقة والرجم بالغيب والنقل من الآثار، وبين ممارسة الدين والاتجار به، أو الإرهاب تحت شعارات منحوتة من الدين. فلولا نفر من كل فرقة طائفة ليتفقهوا في الدين ولينذروا قومهم إذا رجعوا إليهم. دعوة عامة لكل الأمم وكل العصور من رب العالمين.

يقول الله تعالى: {المص كِتَابٌ أُنزِلَ إِلَيْكَ فَلَا يَكُن فِي صَدْرِكَ حَرَجٌ مِّنْهُ لِتُنذِرَ بِهِ وَذِكْرَىٰ لِلْمُؤْمِنِينَ اتَّبِعُوا مَا أُنزِلَ إِلَيْكُم مِّن رَّبِّكُمْ وَلَا تَتَّبِعُوا مِن دُونِهِ أَوْلِيَاءَ ۗ قَلِيلًا مَّا تَذَكَّرُونَ}(الأعراف:1-3).

لو أن أي مسئول، وخاصة علماء الدين،  قبل أن يشترك في مؤتمر صحفي، أو يخاطب جمعا من الناس، أو يتحدث في وسائل الإعلام، أو يشارك في أية مناسبة، أو يدعى إلى أي محفل، يقرأ بعضا من القرآن يتعلق بالمناسبة التي يشارك فيها، ما أصبح هذا حالنا.

لأنه بالرجوع إلى كلام الله يفتح الله له فتحا مبينا بما قرأه، فيكتسب ثقة في نفسه أكثر من غرور منصبه، ولأنه يتذكر أن لا يقول إلا الحق فينفع الناس به، وينفع نفسه في الدنيا والآخرة، ولأنه يكون أكثر حجية أمام أي سؤال أو موقف يتعرض له.

فضلا عن كل هذا يثبته الله في منصبه فلا يناله أي كيد أو مكر أو سوء، بل تنجح أعماله ويكون التوفيق حليفه بهدي الله.

{وَالَّذِينَ يُمَسِّكُونَ بِالْكِتَابِ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ إِنَّا لَا نُضِيعُ أَجْرَ الْمُصْلِحِينَ}(الأعراق: 170) صدق الله العظيم.

* د. محمد السعيد عبد المؤمن أستاذ الدراسات الإيرانية بجامعة عين شمس.

المصدر | facebook.com/msmomen

  كلمات مفتاحية

إبراهيم (ع)، ملة، حنيف، أمة، منهج عقلي، الكتاب،