ثلاثة أسابيع فقط قبل الانتخابات العامة المقرر إجراؤها مطلع الشهر القادم، تعرض تجمع سياسي موال للأكراد لهجوم في العاصمة التركية أنقرة أمس السبت الموافق 10 أكتوبر/ تشرين الأول. اثنان من الانتحاريين كانا يتمركزان على طرفي الخروج من محطة القطار الرئيسية في أنقرة حيث تجمع حشد كبير من مؤيدي حزب الشعوب الديمقراطي الموالي للأكراد. تم الإبلاغ عن سقوط 86 قتيلا على الأقل إضافة إلى 186 من الجرحى. لم تنفجر القنبلتان في وقت واحد وربما كانت القنبلة الثانية تستهدف المستجيبين للقنبلة الأولى.
تشير صور الانفجار إلى أن العبوات الناسفة المستخدمة كانت مشابهة لتلك التي تم استخدامها في تفجير سروج في 20 يوليو/ تموز الماضي. حيث تم جمع النشطاء في لقاء صحفي قبل العبور إلى «كوباني» على الحدود السورية. يشبه هجوم الأمس أيضا تفجيري ديار بكر في يونيو/ حزيران في منطقة الجنوب الشرقي ذات الأغلبية الكردية واللذان استهدفا بدورهما تجمعا انتخابيا لحزب الشعوب الديمقراطي قبل يومين من انتخابات يونيو/ حزيران. أجريت جميع التفجيرات الثلاثة ضد أهداف سهلة: تجمعات سياسية مع حشود كبيرة يمكن للمهاجم التسلل خلالها بسهولة. وكان التفجير الأخير أكثر فتكا عن سابقيه بشكل ملحوظ.
خيار مهاجمة التجمعات السياسية الموالية للأكراد هو أمر ملحوظ في المناخ السياسي المتوتر بالفعل في تركيا .نشطاء «الدولة الإسلامية» على طول الحدود السورية يقاتلون ضد المتمردين الأكراد لبعض الوقت ولكن خيار مهاجمة الأهداف الكردية في تركيا له فائدة إضافية تتمثل في إثارة رد فعل سياسي ضد حزب العدالة والتنمية الحاكم وقد تسهم في تنفير الناخبين الأكراد منه قبيل الانتخابات المقررة في 1 نوفمبر/ تشرين الثاني. وقد قام حزب العدالة والتنمية بتنفير الناخبين الأكراد عبر استئناف الهجمات ضد المتشددين في حزب العمال الكردستاني كما تم ربط حزب الشعوب الديمقراطي بأعمال الإرهاب. طوال موسم الحملة الانتخابية، قام مناصرون لحزب العدالة والتنمية بالهجوم لفظيا وماديا على مقرات وتجمعات حزب الشعوب. الهجمات مثل تفجيرات ديار بكر وأنقرة وسروج تصعد من المعارضة لحزب العدالة والتنمية ليس فقط بين صفوف أنصار حزب الشعوب ولكن أيضا بين أحزاب المعارضة الرئيسية الذين يؤكدون أن السياسة الخارجية لحزب العدالة والتنمية تجعل تركيا أكثر عرضة للخطر. ويستشهدون على وجه التحديد بحملة الإدارة الحالية لإسقاط الرئيس السوري «بشار الأسد» واستهداف تنظيم «الدولة الإسلامية» في سوريا.
كما يتزايد القلق أيضا حول احتمال قيام حزب العدالة والتنمية باستخدام البيئة الأمنية المعادية لتبرير تقييد صوت المعارضة في المناطق التي يسيطر عليها الأكراد . قيادة حزب العدالة والتنمية في وقت سابق أيدت خطة لنقل صناديق الاقتراع في المناطق ذات الأغلبية الكردية بسبب العنف والاشتباكات مع مقاتلي حزب العمال الكردستاني. بدعم قوي من المعارضة، رفضت اللجنة العليا للانتخابات هذه الخطوة. ومن أجل استباق مزيد من الضغط من قبل حزب العدالة والتنمية، أعلن حزب العمال الكردستاني بعد وقت قصير من تفجير أنقرة أنه سيعلق جميع الأعمال الهجومية لحين انتهاء انتخابات نوفمبر/ تشرين الثاني وسيعمل فقط في حالة الدفاع عن النفس.
وفي كل الحالات، فإن هجوم أنقرة يعد ضربة أخرى لمصداقية حزب العدالة والتنمية قبل أقل من شهر على الانتخابات المنتظرة. وهذا ما يعزز احتمال أن الحزب الحاكم سوف يفشل في الحصول على أغلبية برلمانية، وهي نتيجة من شأنها أن تطيل فترة بقاء ترقية في أتون الأزمة السياسية وحالة عدم الاستقرار.