استطلاع رأي

أي من هذه الدول تمارس الدور الأكثر إيجابية في حرب غزة؟

السعودية

مصر

قطر

إيران

تركيا

أهم الموضوعات

طبقات اليمين الإسرائيلي وبصيرة دا سيلفا

عن أوهام التفاؤل الأميركي

أزمة اقتصاد مصر وانتظار الفرج من الخارج

نحو وقف الحرب على غزة

سيناريو اليوم التالي للحرب

التركيز على عوائد الاصلاح

الأربعاء 17 فبراير 2021 09:10 ص

التركيز على عوائد الاصلاح

تسليط الضوء على فوائد الانتقال الديمقراطي في الأردن أنجع من التشبث بالوضع القائم.

دخول عملية اصلاحية جادة ومتدرجة تحدث فروقات إيجابية متعددة في المجتمع الأردني.

إعادة بناء الثقة بين المواطن ومؤسسات الدولة وردم فجوة ثقة لم يعد بإمكان أحد تجاهلها ولا يؤدي استمرارها لأثر ايجابي في المجتمع.

تأسيس نظام فصل بين السلطات الثلاث وتحقيق التوازن بينها يؤدي لترسيخ مبدأ الشفافية في تسيير مهامها ومنع التجاوزات ومحاربة الفساد بصورة منهجية.

التأسيس لمجتمع تعددي يتم فيه احترام كافة الآراء السلمية وحماية الحقوق الفردية والجماعية لكل فئات المجتمع واحترام مواطنة المكونات وفقاً للمادة 6 من الدستور.

الانتقال من المجتمع الريعي الى المجتمع الانتاجي الكفيل بحل مشكلتي البطالة وتدني النمو وإعادة النظر بالنظم التربوية وتشريعات الاستثمار بما يخلق فرص عمل وتعظيم الانتاجية.

*     *     *

أعاد الملك عبدالله الثاني التركيز على أهمية الاصلاح السياسي من خلال مقابلة مع وكالة الانباء الاردنية. وبعد تجاهل أغلب اركان الحكم في الأردن هذا الموضوع، بل والتقليل من أهميته، جاءت مقابلة الملك لتعيد بث الروح في امكانية أن تستجيب السلطة التنفيذية لهذه الرغبة في تطوير الحياة السياسية في البلاد.

إلا أن إشكالية الاصلاح السياسي في الاردن تكمن في التفاصيل. فقد برع من لا يريد للإصلاح السياسي أن يتقدم في البلاد بإلتقاط اشارات الملك، ثم تحويلها الى سياسات وقوانين يحمل ظاهرها عنوان الاصلاح السياسي فيما ينجح باطنها في عرقلة أي توجه اصلاحي جاد.

وهو ما حمل الملك الى القول "إن هدفنا منذ سنوات طويلة هو الوصول الى حياة حزبية برامجية راسخة، تُمثّل فكر الاردنيين وانتماءاتهم"، في اشارة ضمنية إلى عدم رضاه عن وتيرة مسيرة الاصلاح السياسي في البلاد.

وحتى لا يتكرر هذا الأسلوب في وضع العصى في الدواليب وافشال المحاولات الاصلاحية المؤسسية العديدة التي قامت في البلاد بتوجيه من الملك عن طريق تحريف مقاصده، لا بد من اقران كلام الملك بالأوراق النقاشية السبع التي اصدرها في العقد المنصرم.

والتي تشكل رؤية اصلاحية لا مجال للشك فيها لإعداد الاردن لدولة حداثية تعددية في مئويته الثانية. فمن شأن تلازم كلام الملك مع ما جاء في الاوراق النقاشية، قطع الطريق أمام كافة التأويلات السابقة التي أدت إلى الحياد عن طريق الإصلاح الذي رسمه الملك.

حين يدعو الملك الى "النظر بالقوانين الناظمة للحياة السياسية، كقانون الانتخاب وقانون الاحزاب وقانون الادارة المحلية" فمن الواضح عدم رضاه عن القوانين الحالية. ولكن كيف نستشف الاتجاه الذي يرغب جلالته للدولة الاردنية السير به من خلال تطوير هذه القوانين؟ يكمن الجواب في الاوراق النقاشية.

منذ الورقة النقاشية الثانية، يتكلم الملك عن الحكومات البرلمانية، وتطوير نظام من الفصل والتوازن بين السلطات الثلاث بحيث لا تتغول سلطة على أخرى، وتشرح الورقة الثانية بأن "الاصلاح الديمقراطي لا يختزل بمجرد تعديل للقوانين والانظمة، انما يتطلب تطويراً مستمراً للنهج الذي يحكم العلاقة بين المواطنين والجهاز الحكومي".

و تعرب عن التزام الملك "برعاية و تعزيز مبدأ التعددية السياسية" كما في "الانتقال الى الحكومات البرلمانية الفاعلة، بحيث نصل الى مرحلة يشكل ائتلاف الاغلبية في مجلس النواب، الحكومة".

ليس هناك أوضح من هذا الكلام، فلا قيمة تُذكر لأي تعديل على القوانين الناظمة للحياة السياسية، الا إذا ادى الى تعظيم مشاركة الاحزاب السياسية في مجلس النواب وصولاً لتشكيل الاغلبية النيابية الحزبية التي يتحدث عنها الملك.

وهي أغلبية مؤسسية تقوم على أساس تغليب المصالح الوطنية لا الفردية. فلا مجال للحكومات البرلمانية الحقة إلا من خلال التعددية السياسية والحزبية، فالتعددية السياسية من السمات الأساسية لأي نظام ديمقراطي وليس هناك من تعددية سياسية بدون تعددية حزبية.

إذن، دون الدخول في اقتراحات تفصيلية حول تطوير القوانين التي اشار اليها الملك، فإن من الواضح أن كافة التعديلات يجب أن تصب في خانة تطوير وتشجيع ورعاية المشاركة الحزبية، وليس المشاركة الفردية، واي تعديلات لا تقوم بذلك لا تنفذ رغبات الملك الواضحة.

حان الوقت لنبذ السلطة التنفيذية خوفها من الولوج بعملية اصلاح جادة تنبع من الداخل، وتهدف ليس لقدوم فئة أخرى تستفيد من امتيازات تمنح لها على حساب باقي الفئات، وانما تبني نهج جديد يقوم على أساس سيادة القانون على الجميع ومحاربة الفساد وتكبير "الكعكة" وعدالة توزيع المكتسبات على كافة الفئات.

حان الوقت للتركيز على عوائد الاصلاح بدلاً من التخوف غير المبرر من كلفته، لأن بناء المجتمعات لا يقوم على الخوف من التغيير، وانما على بناء الثقة المشتركة بين مكونات المجتمع لإحداث التغيير السلس والمتدرج والايجابي.

إن من شأن الولوج في عملية اصلاحية جادة ومتدرجة إحداث فروقات إيجابية متعددة في المجتمع الأردني أبرزها:

اولاً: اعادة بناء الثقة بين المواطن وكافة مؤسسات الدولة، وردم فجوة الثقة التي لم يعد بإمكان أحد تجاهلها، والتي لا يمكن أن يؤدي استمرارها لأثر ايجابي في المجتمع.

ثانياً: التأسيس لنظام من الفصل بين السلطات الثلاث وتحقيق التوازن بينها يؤدي إلى ترسيخ مبدأ الشفافية في تسيير مهامها ومنع التجاوزات ومحاربة الفساد بصورة منهجية.

ثالثاً: التأسيس لمجتمع تعددي يتم فيه احترام كافة الآراء السلمية وحماية الحقوق الفردية والجماعية لكافة فئات المجتمع واحترام مواطنة كل هذه المكونات وفقاً للمادة السادسة من الدستور.

رابعاً: الانتقال بيسر من المجتمع الريعي الى المجتمع الانتاجي الكفيل بحل مشكلتي البطالة وتدني نسب النمو، بما في ذلك اعادة النظر في النظم التربوية وتشريعات الاستثمار بما يؤسس لخلق فرص عمل حقيقية وتعظيم الانتاجية.

لا يقع كل ما سبق ضمن باب الاحلام او التمنيات، بل يمكن تحقيقه في غضون عقد أو عقدين من الزمن، ولكن يجب تبني ثقافة جديدة يتم التخلي فيها عن الخوف من التغيير، على أن تشمل اتفاقاً تشاركياً على التأسيس لمئوية ثانية تكون الغلبة فيها لمن يتطلع للاستفادة من فرص المستقبل، وليس لمن يتشبث بسياسات الماضي.

* د. مروان المعشر نائب الرئيس للدراسات بمؤسسة كارنيغي، وزير الخارجية ونائب رئيس الوزراء الأسبق في الأردن.

المصدر | مؤسسة كارنيغي

  كلمات مفتاحية

عبدالله الثاني، عوائد، الإصلاح السياسي، أركان الحكم، الأردن، عدالة التوزيع، المجتمع الريعي، البطالة، الحقوق، مجتمع تعددي،