استطلاع رأي

أي من هذه الدول تمارس الدور الأكثر إيجابية في حرب غزة؟

السعودية

مصر

قطر

إيران

تركيا

أهم الموضوعات

طبقات اليمين الإسرائيلي وبصيرة دا سيلفا

عن أوهام التفاؤل الأميركي

أزمة اقتصاد مصر وانتظار الفرج من الخارج

نحو وقف الحرب على غزة

سيناريو اليوم التالي للحرب

الفقراء وحرب اللقاحات

الأربعاء 17 فبراير 2021 10:12 ص

الفقراء وحرب اللقاحات

الحق في الصحة حق أساس من حقوق الإنسان وعلى الدول الغنية احترام هذا الحق لجميع البشر.

نسبة الإصابات أخذت بالتعاظم خصوصاً بتحوّر الفيروس وتندلع صراعات حول أحقية من لهم الأولوية في التلقيح!

«ليس من العدالة أن يحصل الشباب الأصحّاء في الدول الغنيّة على اللقاحات قبل أولئك الأكثر عرضة للخطر في الدول الفقيرة»

ستستمرّ شعوب فقيرة في حالة قلق من الجائحة، فضلاً عن تدهور الحالة المعيشية بسبب الركود الاقتصادي والإجراءات الاستثنائية بالحجر.

السلوك الاستعلائي إزاء البلدان الفقيرة يعكس أنانية متنكّرة لأبسط علاقات الاجتماع والتضامن الإنساني فضلاً عن تنمية الكراهية والتمييز ويغذّي التعصّب والتطرّف.

*     *     *

«ليس من العدالة أن يحصل الشباب الأصحّاء في الدول الغنيّة على اللقاحات قبل أولئك الأكثر عرضة للخطر في الدول الفقيرة»، هذا ما قاله تيدروس أدهانوم غيبريسوس، المدير العام لمنظمة الصحة العالمية.

ويأتي هذا التحذير بعد أن توصّلت عدد من الشركات إلى إيجاد لقاحات مضادة لوباء كورونا، بل إن بعض البلدان المتقدمة بدأت بتوزيعها، لكن العديد من البلدان الفقيرة لا تزال غير مدرجة على قوائم التوزيع، أو أن كمية اللقاحات المخصصّة لها محدودة.

وهذا يعني أن شعوبها ستستمرّ في حالة قلق من الجائحة، فضلاً عن تدهور الحالة المعيشية بسبب الركود الاقتصادي والإجراءات الاستثنائية بالحجر.

ومنذ أن أُعلن عن اكتشاف الوباء في مدينة ووهان الصينية، ظل العالم يتطلّع إلى السيطرة عليه واكتشاف لقاح لمعالجته.

اليوم، وبعد مرور عام تستقبل هذه المدينة التي كانت مصدراً للوباء وفداً رفيعاً من خبراء منظمة الصحة العالمية، لمعرفة حركته، وأسبابه، وتحوّلاته، وهي خالية منه تماماً، فاتحة شوارعها وأسواقها ومتاجرها ومطاعمها، حيث لا كمامّات ولا حجر صحي، بل بمعارض فنية تؤرخ لفريق الأطباء الذي شارك في الحملة للقضاء على الوباء.

فقد عمل التنين الصيني بتفانٍ وعلمٍ وإرادة للقضاء عليه، في حين تفشى عالمياً مُنزلاً الإصابة بأكثر من 100 مليون إنسان، وما زاد على مليونين من الوفيات.

وفي حين استطاعت الصين توظيف كامل قدراتها لتطويق الوباء وحصره في أضيق نطاق، وأنتجت لقاحاً فعّالاً للقضاء عليه، مثلما اعتمدت آليات سليمة جاءت بنتائج إيجابية، لا يزال العالم يغرق في حالة من الرعب والحزن والعزلة حتى بعد اكتشاف لقاحات بريطانية، وأمريكية، وروسية.

لكن نسبة الإصابات أخذت بالتعاظم خصوصاً بتحوّل الفيروس، وتندلع صراعات حول أحقية من لهم الأولوية في التلقيح، ودخل الاتحاد الأوروبي في نزاع مع شركات بريطانية بسبب تأخرها في توفير اللقاح الذي تعاقدت عليه، كما منع تصدير اللقاحات التي تنتج على أراضيه من دون ترخيص مسبق.

لكن بروكسل تراجعت عن قرارها، علماً بأن بريطانيا تستورد لقاحات «فايزر» من بلجيكا، وتزعم الشركات البريطانية أن خللاً ما حدث في مصانعها أدّى إلى مثل هذا التأخير.

وفي الجانب الآخر ينظر الاتحاد الأوروبي إلى اللقاحات الصينية والروسية بنظرة لا تخلو من التشكيك في جديتها، باعتبارها أقل فعالية من اللقاحات البريطانية والأمريكية، فما بالك باللقاح الكوبي الذي أُعلن عنه مؤخراً؟

والسبب ليس طبيّاً بالطبع، وإنما دوافع تتعلق بالمنافسات التجارية والتحالفات السياسية ومدى تحقق الأرباح من جهة أخرى.

أما العالم الثالث، خصوصاً الدول الفقيرة، فإن حظوظها قليلة في الحصول على اللقاحات، بسبب تفضيل الدول الغنية وشروطها، فضلاً عن ضعف الشعور بالمسؤولية إزاء القيم الإنسانية المشتركة المتجسدة في مبادئ العدالة والإنصاف والمساواة والشراكة.

إن السلوك الاستعلائي إزاء البلدان الفقيرة يعكس الأنانية المتنكّرة لأبسط علاقات الاجتماع والتضامن والتكافل الإنساني، فضلاً عن أنه ينمّي روح الكراهية والتمييز، ويغذّي عوامل التعصّب ووليده التطرّف المنتجين للعنف والإرهاب!

من دون اكتراث من جانب الشركات المصنّعة للقاحات، وغير المعنية بعدد المصابين، وبعدد الموتى بسبب الوباء، بقدر ما هي معنية بالأرباح التي ستحققها، وبالدول التي يمكنها شراء هذا اللقاح بالأسعار التي تريدها وبالسرعة التي تعمل عليها.

لقد تمنّى غيبريسوس أن يكون العالم توصل إلى توزيع أكبر عدد من اللقاحات على جميع البلدان بعدالة قبل حلول يوم الصحة العالمي 7 إبريل/ نيسان، فالحق في الصحة هو حق أساس من حقوق الإنسان، وعلى الدول الغنية احترام هذا الحق لجميع البشر، وهو واجب على جميع البلدان بالقدر نفسه، وإذا كانت الدول الغنية تمتلك المال الكافي لتأمين اللقاح، فعليها مساعدة الدول الفقيرة في الحصول عليه.

وقد آن الأوان لوضع حد لنظام اللاعدالة على المستوى العالمي، خصوصاً حين تساعد الدول الغنية الدول الفقيرة، كي يتمكّن العالم من مواجهة، أو كسر سلسلة العدوى لكورونا، بتوزيع اللقاحات على الجميع وفقاً لأولوية من يحتاج إليها، بغض النظر عن وضعه الاجتماعي، ودينه، وقوميته، وجنسه، ولونه، ولغته، وتلك عدالة الطبيعة التي خلقت البشر سواسية بالكرامة والحقوق.

* د. عبد الحسين شعبان أكاديمي ومفكر عراقي، نائب رئيس جامعة اللاّعنف وحقوق الإنسان (أونور) في بيروت.

المصدر | الخليج

  كلمات مفتاحية

الفقراء، كورونا، حرب اللقاحات، لقاح، نظام اللاعدالة، الحق في الصحة، حقوق الإنسان، الدول الغنية،