الهيدروجين يثير شهية الخليج الباحث عن بديل للنفط

السبت 20 فبراير 2021 02:57 ص

يثير الهيدروجين شهية الخليج الباحث عن بديل للنفط في وقت تستعد فيه الكهرباء لأن تصبح شريان حياة الاقتصاد العالمي في عصر تحول الطاقة. وبينما لا يمكن نقل الكهرباء لمسافات طويلة، يمكن تخزين وتصدير الهيدروجين المنتج من الكهرباء الآن، وفقًا لما ذكره "جيرارد ميستراليه"، الرئيس الفخري لمجموعة الطاقة الفرنسية "إنجي" وشركة إدارة النفايات والمياه "سويز".

وبما أن دول الخليج العربي لديها بعض أعلى معدلات التعرض للطاقة الشمسية في العالم، فإن لديها فرصة مناسبة في التنويع بعيدًا عن عائدات النفط والغاز، عبر تصدير كميات كبيرة من الكهرباء المتجددة على شكل الهيدروجين.

وفي الإمارات، شكلت 3 كيانات مملوكة للدولة "تحالف أبوظبي للهيدروجين" لجعل الإمارة الغنية بالوقود الأحفوري مصدرا رئيسيا للهيدروجين الأزرق والأخضر.

ويأتي الهيدروجين الأخضر كوقود نظيف ومستقبلي لتشغيل وسائل النقل والصناعات كثيفة الاستخدام للطاقة مثل صناعة الصلب.

ويمتاز بأنه ناقل طاقة صديق للبيئة، ويتم الحصول عليه عن طريق تقسيم جزيئات الماء باستخدام التحليل الكهربائي المدعوم بالطاقة المتجددة.

وقال "ميستراليه"، لـ"المونيتور"، إن "توسع سوق الهيدروجين هو جزء من حركة ضخمة وعميقة للغاية لتحويل أنظمة الطاقة في العالم نحو مصادر الطاقة الخضراء".

وبالرغم من اختلاف التقديرات، فقد ذكر تقرير صادر عن الاتحاد الأوروبي أن المحللين يتوقعون أن الهيدروجين النظيف يمكن أن يلبي 24% من الطلب العالمي على الطاقة بحلول 2050.

ومع ذلك، يظل الهيدروجين الأخضر أغلى بكثير من أنواع الوقود الأخرى؛ حيث قدرت شركة "ستاندرد آند بورز" أن تكاليف إنتاج ناقل الطاقة الصديق للبيئة يجب أن تنخفض بنسبة تزيد عن 50% لتصل إلى 2.0- 2.5 دولار للكيلوجرام كي يصبح بديلا عمليا للوقود التقليدي.

استغلال احتياطيات الغاز

ويعتبر البحث عن أنواع وقود بديلة أمرا في غاية الأهمية بالنسبة لمصدري النفط في الخليج الذين يخططون للاستفادة من البنى التحتية الحالية والخبرات الكبيرة في صناعة الطاقة للاحتفاظ بمكانتهم كموردين عالميين للطاقة، لهذا يرى "ميستراليه" أن تطوير الهيدروجين جزء أساسي من تحول صناعة الطاقة في الخليج.

ومع ذلك، فليس كل الهيدروجين صديق للبيئة، ويتم إنتاج 98% من إنتاج الهيدروجين النقي عبر طرق كثيفة الكربون باستخدام الغاز الطبيعي أو الفحم، حسبما أفاد بنك "HSBC".

وفي الواقع، يتطلب إنتاج الهيدروجين الرمادي والبني والأسود الوقود الأحفوري، في حين أن الهيدروجين الأزرق أقل شرا؛ حيث يتم التقاط غازات الاحتباس الحراري المنبعثة أثناء الإنتاج وتخزينها.

وسيكون تحالف الكيانات الإماراتية الثلاثة وسيلة لشركة "بترول أبوظبي الوطنية" (أدنوك) لاستكشاف فرص الهيدروجين الأخضر.

لكن الرئيس التنفيذي للشركة "سلطان أحمد الجابر"، أقر أيضا بأنه سيجري التركيز على زيادة قدرات إنتاج الهيدروجين الأزرق الحالية للاستفادة من احتياطيات الغاز الكبيرة في الإمارة.

وقال "الجابر" إن "الإمارات في وضع جيد لتصبح أحد أرخص وأضخم منتجي الهيدروجين الأزرق في العالم".

السعودية تنضم للسباق

أثارت مثل هذه الفرص الاقتصادية أيضا شهية السعودية؛ حيث تخطط المملكة لبناء أكبر محطة هيدروجين أخضر في العالم تعمل بالطاقة الشمسية وطاقة الرياح في مدينة "نيوم" المستقبلية، كجزء من طموح أوسع لتصبح أكبر مصدر للهيدروجين في العالم، وقال الرئيس التنفيذي للمشروع إنه "محوري" لجعل المدينة رائدة في إنتاج الهيدروجين الأخضر.

وبالرغم من فرص السوق، لا يزال نقل الهيدروجين يمثل تحديا مهما، لا سيما أنه يحتاج إلى درجات حرارة منخفضة للغاية. 

يشار إلى أنه تم إطلاق أول ناقلة هيدروجين سائل في العالم "سويسو فرونتير"، والتي يتم تبريدها إلى -253 درجة مئوية باليابان عام 2019.

ومن المقرر أن يبدأ تشغيل المحطة في "نيوم" عام 2025 لإنتاج حوالي 240 ألف طن من الهيدروجين الأخضر و1.2 مليون طن من الأمونيا الخضراء القائمة على الهيدروجين، وهي طاقة أسهل في النقل من الهيدروجين الغازي.

وصدرت شركة النفط العملاقة "أرامكو" أول شحنة من الأمونيا الزرقاء في العالم في سبتمبر/أيلول 2020 إلى اليابان، مع تخطيط اليابان لخفض اعتمادها على واردات النفط والغاز والفحم لتصبح مجتمعا قائما على الهيدروجين ومحايدة الكربون بحلول عام 2050.

منافسة شديدة ومكلفة

تواجه دول الخليج منافسة عالمية شديدة في السباق على تصدر مجال الهيدروجين. 

وقال وزير الطاقة الأسترالي إن دول الخليج لديها "ميزة تنافسية طبيعية" لتكون رائدة على مستوى العالم في تصدير الهيدروجين.

وعلى الصعيد العالمي، تم الإعلان عن مشاريع هيدروجين أخضر بقيمة تزيد عن 150 مليار دولار في الأشهر التسعة التي سبقت ديسمبر/كانون الأول 2020.

وأشار "ميستراليه" إلى أن القدرة التنافسية لإنتاج الهيدروجين الأخضر في دول الخليج قد تتأثر أيضا بغياب موارد المياه العذبة بكميات كبيرة.

وبالفعل تصنف دول مجلس التعاون الخليجي بين الدول العشر الأكثر عرضة للإجهاد المائي في العالم في عام 2040، وسيتوجب عليها توفير المياه العذبة اللازمة لإنتاج الهيدروجين الأخضر من خلال محطات تحلية المياه كثيفة الاستهلاك للطاقة والتي تعمل بالوقود الأحفوري.

وقد يتغير ذلك مع إعلان "نيوم" في يناير/كانون الثاني 2020 عن صفقة لبناء أول محطة تحلية تعتمد على الطاقة الشمسية لإنتاج المياه العذبة.

وبالرغم من التكاليف المرتبطة بتحلية مياه البحر، فإن الحصول على الكهرباء منخفضة التكلفة للغاية هو العنصر الحاسم في إنتاج الهيدروجين، وتعتبر دول الخليج في وضع جيد فيما يتعلق بذلك؛ حيث ضمنت أبوظبي في عام 2020 أقل تعرفة للطاقة الشمسية في العالم.

طموحات وتحديات

ولكن هل سيتم سحب استثمارات الوقود الأحفوري الآن؟ الإجابة هي لا، ليس بعد.

ينظر دعاة حماية البيئة بارتياب إلى طموحات دول الخليج في الهيدروجين، وقال "أحمد الدروبي"، الناشط البارز في فرع الشرق الأوسط وشمال أفريقيا من مجموعة "جرين بيس"، لموقع "المونيتور": "لا نرى هذه التحركات على أنها تغيير واضح في النهج ما لم يتم تنفيذها بالتزامن مع استراتيجية واضحة لسحب الاستثمارات من الوقود الأحفوري".

في الواقع، لا يزال الوقود الأحفوري يهيمن على سوق الطاقة العالمي؛ حيث بلغ الطلب العالمي على النفط الخام 100 مليون برميل يوميا في عام 2019.

كما أن دول الخليج - التي لديها أقل تكاليف لإنتاج الوقود الأحفوري على مستوى العالم- لا تظهر تراجعا عن إنتاجه، بل يبدو من سلوكها أنها ستتمسك به حتى آخر لحظة.

وفي الإمارات، تم اكتشاف حقول نفط برية ضخمة في نوفمبر/تشرين الثاني 2020، ومن المتوقع أن تزيد طاقات إنتاج النفط من 3 ملايين برميل يوميا في عام 2016 إلى 5 ملايين بحلول عام 2030.

وقال الرئيس التنفيذي لشركة "أدنوك": "لن نترك أي فرصة تفوت"، مصرا على أن النفط الإماراتي سيظل مطلوبا في عصر تحول الطاقة.

ومن المرجح أن تختار المنطقة، التي أضعفتها الآثار الاقتصادية لأزمة "كورونا" وانخفاض أسعار النفط، طريقا وسطا؛ بالحفاظ على تدفق عائدات الهيدروكربونات للحفاظ على الاحتياجات المالية قصيرة الأجل مع تشكيل المستقبل من خلال الاستثمار في الطاقات النظيفة.

المصدر | سباستيان كاستلر/ المونيتور - ترجمة وتحرير الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

النفط الطاقة المتجددة الخليج الهيدروجين الطاقة النظيفة

إير برودكتس تعلن إنشاء محطة هيدروجين بالسعودية

الهيدروجين الأخضر.. آفاق وتحديات أمام دول الخليج في عصر تحول الطاقة

التنافس السعودي الإماراتي على الهيدروجين.. سباق بلا أرباح

تحديات أمام الإمارات في السباق العالمي على الهيدروجين الأخضر