من إيران إلى لبنان.. هل تنجح الوساطة القطرية في خفض توترات المنطقة؟

الأحد 21 فبراير 2021 12:33 م

تتمدد الدبلوماسية القطرية، بشكل موسع، من ملف إلى آخر، ومن أزمة إلى ثانية، بشكل بات يجعل من الدوحة قاعدة للوساطة والحوار في المنطقة.

وخلال السنوات الأخيرة، تحولت الدوحة إلى نقطة مركزية لتفكيك التوترات وحلحلة الخلافات، في ملفات عدة تبدأ من أفغانستان إلى إيران، ومن السودان إلى ليبيا.

ويبدو أن الدوحة بصدد تعزيز قوتها الناعمة، بعد اكتسابها زخما وقوة كبيرين إثر إتمام المصالحة الخليجية، في يناير/كانون الثاني الماضي.

ولا شك أن احتفاظ قطر بعلاقات وثيقة مع تركيا وإيران من ناحية، ومع الولايات المتحدة وأوروبا من ناحية ثانية، يمنح الدوحة القدرة على لعب أدوار عدة ومؤثرة، بما يجعل منها الحصان الرابح لفك تجاذبات المنطقة.

مهمة معقدة

وعلى الرغم من تعقيدات الخلاف الإيراني الأمريكي، فإن ترحيب الخارجية الإيرانية بالمساعي القطرية لحل الأزمة، يمنح الدوحة دفعة مهمة لتقريب وجهات النظر بين الطرفين.

ووفق موقع "أكسيوس" الأمريكي، فإن الدوحة تحاول إعادة الثقة بين أمريكا و إيران، عبر زيارات واتصالات عديدة، بعضها معلن وبعضها بقي بعيدا عن الكاميرات.

وتتمتع قطر بمكانة فريدة تمكنها من سد الفجوة بين طهران وواشنطن، فهي ترتبط مع الأولى بعلاقات اقتصادية متينة، وفي الوقت ذاته، تستضيف أكبر قاعدة عسكرية أمريكية في الشرق الأوسط.

كذلك، ترى طهران في الدوحة حليفا موثوقا لها، وتعتبرها الإدارات الأمريكية المتعاقبة على البيت الأبيض حليفا قويا للولايات المتحدة.

يعزز تلك المقومات، تحركات فاعلة، ودبلوماسية نشطة، من وزير الخارجية القطري الشيخ "محمد بن عبدالرحمن آل ثاني"، الذي زار طهران منتصف الشهر الجاري، وأجرى اتصالين هاتفيين مع كل من الممثل الأمريكي الخاص بالشأن الإيراني "روبرت مالي"، ومستشار الأمن القومي الأمريكي "جيك سوليفان".

يؤخذ في الاعتبار، النجاح السابق للدوحة في خفض التوتر بين الولايات المتحدة وإيران، عقب اغتيال قائد فيلق القدس الإيراني، الجنرال "قاسم سليماني"، يناير/كانون الثاني 2020، ما جنب المنطقة حربا لا يعرف أحد مداها.

وتعمل قطر على إحياء الاتفاق النووي الإيراني الذي انسحب منه الرئيس الأمريكي السابق "دونالد ترامب"، مايو/أيار 2018، ودعم المسار السياسي والدبلوماسي بين الطرفين، وصولا إلى خارطة طريق تهدف إلى خفض التوترات الإقليمية، ولاحقا إقامة حوار إيراني خليجي ينزع قتيل الخلافات بين طهران والرياض، وينهي الحرب الدائرة في اليمن منذ العام 2015.

محادثات أفغانية

على وقع الرصاص والتفجيرات، تتمسك الدوحة بدور دبلوماسي نشط للحفاظ على مسار المحادثات بين الولايات المتحدة وحركة "طالبان" منذ مايو/أيار 2019، من أجل انسحاب القوات الأمريكية من أفغانستان، وإقامة حوار بين الحركة وحكومة كابول.

وينص اتفاق الدوحة الموقع بين واشنطن و"طالبان"، نهاية فبراير/شباط 2020، (الأول منذ أكثر من 18 عامًا من الحرب)، على انسحاب القوات الأجنبية من أفغانستان، في غضون 14 شهراً، وبدء حوار بين الأفغان بعد صفقة تبادل الأسرى، بحيث تفرج الحكومة الأفغانية عن 5000 من "طالبان"، فيما تفرج الأخيرة عن نحو 1000 من عناصر الأمن الأسرى.

في المقابل تلتزم "طالبان" بعدم تهديد الأمن الأمريكي عبر الأراضي الأفغانية ووقف استهداف القوات الأجنبية، وهو الاتفاق الذي أعلنت إدارة الرئيس "جو بايدن" عزمها مراجعته مؤخرا.

والشهر الماضي، قال وزير الخارجية الأمريكي السابق "مايك بومبيو"، إنه "لم يقتل أي جندي أمريكي في أفغانستان منذ عام تقريبا، ويناقش الأفغان أخيرا السلام والمصالحة في ما بينهم. هذا تقدم مذهل"، مقدما الشكر لقطر، على استضافتها المحادثات بين الحكومة الأفغانية وحركة طالبان.

وحال إتمام مساري المفاوضات الأفغانية في قطر، بين "طالبان" وكابول، وبين الحركة وواشنطن، ستكون قطر قد نجحت في التوسط لإنهاء 42 عاما من النزاعات المسلحة بأفغانستان، منذ الانقلاب العسكري في 1978، ثم الغزو السوفيتي بين عامي 1979 و1989، ثم التدخل العسكري من قبل التحالف الدولي بقيادة واشنطن، العام 2001.

لبنان والسودان

في مسار مواز، يعد لقاء أمير قطر، الشيخ "تميم بن حمد آل ثاني"، مع رئيس الوزراء اللبناني المكلف "سعد الحريري"، في العاصمة الدوحة، الشهر الجاري، واحدا من محطات الدبلوماسية القطرية الهادفة لحلحلة الأزمة اللبنانية، وفك معضلة تشكيل الحكومة الجديدة.

وجاءت زيارة "الحريري" للدوحة، بعد أيام من وزير الخارجية القطري "محمد بن عبدالرحمن آل ثاني" إلى بيروت، الذي أكد استعداد قطر لتسهيل ولادة الحكومة اللبنانية.

وتستند الوساطة القطرية في الأزمة اللبنانية إلى علاقة متوازنة مع الأطراف كافة، إضافة إلى نفوذ لدى طهران للضغط على "حزب الله" بما يحرك المياة الراكدة، ويخرج بالبلاد من نفق الأزمة السياسية والاقتصادية الخانقة منذ انفجار مرفأ بيروت أغسطس/آب الماضي.

وعلى الرغم من نفي الوزير القطري طرح أي مبادرة لجمع القوى السياسية اللبنانية في قطر، فإن تحركات الدوحة تصب في اتجاه تقريب وجهات النظر، وتغليب المصلحة الوطنية على المصالح الحزبية، وتفعيل المبادرة الفرنسية التي تنص على تشكيل حكومة جديدة من "مستقلين" (غير تابعين لأحزاب)، على أن يتبع ذلك إصلاحات إدارية ومصرفية.

وخلال الشهر الجاري، كانت الدوحة كذلك محطة لنائب رئيس مجلس السيادة السوداني "محمد حمدان دقلو" (حميدتي)، الذي يأمل في دور قطري لحل الخلافات القائمة مع إثيوبيا، حول مشاكل حدودية.

وتفيد مصادر دبلوماسية، بأن "حميدتي" قدم للمسؤولين القطريين عرضاً عن الوضع في السودان، والتحديات التي يواجهها البلد، على ضوء الخلافات الحالية مع إثيوبيا، ومسار المصالحة الوطنية، بحسب "القدس العربي".

وتستند الدبلوماسية القطرية الفاعلة في الملف السوداني، على حصيلة من الاستثمارات القطرية بالسودان، تقدر بنحو 4 مليارات دولار، وفق وزارة الاستثمار السودانية.

وكانت قطر صاحبة السبق في وقف العنف في دارفور، غربي السودان، عبر وثيقة الدوحة للسلام، مايو/أيار 2011.

وفي مارس/آذار 2014، أسفرت جهود الوساطة القطرية عن الإفراج عن 13 راهبة كنَّ محتجزات في شمالي سوريا.

وفي صحراء ليبيا، تمكنت قطر من أداء دور وساطة ناجحة بين قبائل التبو والطوارق، وتوقيع اتفاق سلام بين القبيلتين في 23 نوفمبر/تشرين الثاني 2015.

وتبذل قطر وساطة جارية لدى إيران للإفراج عن ناقلة النفط الكورية الجنوبية التي احتجزها الحرس الثوري في مياه الخليج العربي، يناير/كانون الثاني الماضي.

المصدر | الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

الدبلوماسية القطرية الاتفاق الإيراني محادثات السلام الأفغانية الخارجية القطرية قطر إيران الولايات المتحدة لبنان السودان ليبيا أفغانستان طالبان

حميدتي منهيا زيارته لقطر: ستنعكس إيجاباً على مستقبل العلاقات

خلال استقباله دياب.. أمير قطر يدعو للإسراع بتشكيل حكومة لبنانية