الجرف القاري صمغ العلاقات التركية المصرية

الجرف القاري من سبب توتر وتصعيد بين تركيا ومصر شرق المتوسط إلى سبب لترميم علاقات شهدت شبه قطيعة دبلوماسية بين البلدين منذ 2013.

عقدت إسرائيل واليونان اتفاقات منفصلة لنقل الغاز إلى أوروبا بعيدًا عن مصر وشراكتها التجارية والأمنية التي عرفت بـ"منتدى غاز المتوسط".

بقيت بوصلة مصر متجهة نحو أنقرة رغم التنافر ومشاركة مصر بمناورات بحرية مع اليونان واتفاقات مع أثينا وقبرص وإيطاليا وشراكة مع إسرائيل!

*     *     *

بعد مرور اقل من اسبوع على تصريحات وزير الخارجية داوود جاويش اوغلو التي أشاد فيها بالتزام مصر بحقوق تركيا في الجرف القاري، عاد وزير الدفاع التركي خلوصي أكار ليؤكد ذات الفكرة مساء اليوم السبت بالقول: "احترام مصر للجرف القاري التركي خلال أنشطتها للتنقيب يعتبر تطورا هاما للغاية، وننتظر استمرار ذلك".

الجرف القاري تحول من سبب للتوتر والتصعيد المحتمل بين تركيا ومصر شرق المتوسط الى سبب محتمل لترميم العلاقات التركية المصرية التي شهدت شبه قطيعة دبلوماسية بين البلدين منذ العام 2013.

ورغم تنامي التوتر والتصعيد بين البلدين، وتحول الساحة الليبية الى ساحة تنافس مرشحة لأن تتطور الى ساحة حرب بين البلدين في عام 2020، إلا أن العلاقات التجارية بين مصر وتركيا كانت تشهد انتعاشًا بارتفاع التبادل التجاري بين البلدين ليقارب 5 مليارات دولار، مُؤشِّرة على عمق العلاقات بين البلدين وقوتها.

رغم التنافر شرق المتوسط، ومشاركة مصر في المناورات البحرية مع اليونان، وعقدها العديد من الاتفاقات مع أثينا وقبرص وإيطاليا وبشراكة مع الكيان الصهيوني، فإن البوصلة المصرية بقيت متجهة نحو أنقرة؛ الأمر الذي تجلى بُعيد عقد الكيان الاسرائيلي واليونان اتفاقات منفصلة لنقل الغاز إلى أوروبا بعيدًا عن مصر وشراكتها التجارية والأمنية التي عرفت بـ"منتدى غاز المتوسط".

كان من المتوقع ومنذ البداية تعثر وفشل الشراكة مع اليونان والكيان الاسرائيلي التي لا تربطها بمصر سوى التنافس والتنافر الثقافي، فضلًا عن التصارع العسكري والسياسي.

فالشراكة المصرية اليونانية الإسرائيلية محكومة بالفشل منذ لحظة ولادتها الافتراضية، ليعود الحديث عن إمكانية الانفتاح على تركيا التي سارعت إلى التقاط الإشارات القادمة من القاهرة في أعقاب رفض مصر تجاوز الجرف القاري التركي، وترسيم حدودها مع اليونان، ونَزْعة مصر لإنهاء الصراع في ليبيا، والذي مهد الطريق لوقف القتال، وانتخاب حكومة جديدة في طرابلس الغرب.

آفاق التعاون والتفاهم بدت واضحة بين أنقرة والقاهرة في ليبيا مع أنها شائكة غير معلنة حتى اللحظة؛ لوجود عدد من الملفات العالقة بين البلدين، غير أنه بات من المتوقع أن تشهد العلاقات تطورًا مهمًا في ملف شرق المتوسط وغيرها من الساحات.

فالتقارب بين أنقرة والقاهرة سيقود الى تفاهمات في العديد من الملفات التي تتطلب تعاونًا وشراكة مصرية تركية يمكن أن تمتد نحو سوريا والعراق والصومال أيضًا.

* حزم عياد كاتب صحفي أردني