ما بعد الحرب.. طموحات حفتر تهدد الانتقال السياسي في ليبيا

الثلاثاء 27 أبريل 2021 10:05 م

مضى عامان منذ أن شن الجنرال الليبي "خليفة حفتر"، هجومه الفاشل على العاصمة طرابلس في أبريل/نيسان 2019. وقد حظى "حفتر" بدعم كبير من الطائرات الحربية الإماراتية والأسلحة المصرية، فضلا عن مساعدة المرتزقة الروس والدعم الدبلوماسي الفرنسي. وكان الهدف من العملية فرض حكم عسكري في ليبيا وتعطيل التحول الديمقراطي في البلاد.

ومع ذلك، تم إحباط طموحات "حفتر"، ويرجع ذلك إلى حد كبير إلى التدخل العسكري التركي، الذي بدأ في يناير/كانون الثاني 2020 لدعم حكومة الوفاق الوطني المعترف بها دوليًا. وقد اضطر "حفتر" للتراجع إلى غرب ليبيا في يونيو/حزيران من ذلك العام.

وفي أعقاب تلك النكسة الكبيرة، حصل وقف إطلاق النار وبدأت محادثات السلام المدعومة من الأمم المتحدة في الخريف الماضي، والتي أسفرت عن اتفاق لإجراء انتخابات في عام 2021. وقد تم تشكيل حكومة الوحدة الوطنية، بقيادة "محمد المنفي" رئيسًا للمجلس الرئاسي ورجل الأعمال "عبدالحميد الدبيبة" رئيسا للوزراء.

وكان "الدبيبة" أوفر حظا من "عقيلة صالح" الذي كان يُرجح في السابق أنه بديل "حفتر" المقبول لدى مصر وفرنسا. وحتى الإمارات، التي كانت أقوى داعم لـ"حفتر"، فقد أبدت قبولا لـ"الدبيبة" والعملية السياسية الجديدة. وفي 7 أبريل/نيسان، التقى ولي عهد أبوظبي "محمد بن زايد" برئيس الوزراء المؤقت في العاصمة الإماراتية. وذكرت وكالة الأنباء الإماراتية أن "بن زايد" جدد دعمه للسلطة التنفيذية الجديدة في ليبيا و"مساعيها لإحلال السلام والاستقرار".

ونظرًا لأن العلاقات بين الإمارات وحكومة الوفاق الوطني كانت متوترة، فإن ذلك يمثل تحولاً جوهرياً في سياسة أبوظبي. لقد نقلت الإمارات رهاناتها بعيدًا عن "حفتر"، تماشيًا مع أفعالها الأقل عدوانية في أماكن أخرى في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا.

ومع فقدان الدعم الخارجي الرئيسي، اضطر "حفتر" إلى قبول التواجد التركي ونفوذ أنقرة المتزايد في غرب ليبيا. وبالرغم أن "حفتر" تبنى في السابق خطابًا عدوانيا ضد أنقرة، إلا أنه قال في 17 مارس/آذار الماضي إنه سيتسامح مع السفن التجارية التي ترفع العلم التركي وترسو في مدينة بنغازي التي تسيطر عليها قواته.

ونقلت قناة "الحدث" التليفزيونية الموالية "لحفتر" عنه قوله: "ليس لدينا مانع من دخول السفن التجارية التي ترفع العلم التركي وتمتثل للإجراءات القانونية والتشريعات المنصوص عليها". ويشير ذلك إلى تحول واضح في موقف "حفتر".

ومما زاد الطين بلة بالنسبة لـ"حفتر"، أن سيطرته على المناطق الشرقية بدأت تتراجع، واشتبكت ميليشيات متنافسة موالية له في سرت في 15 أبريل/نيسان الجاري، ما كشف عن خلافات عميقة في صفوف قواته. وقبل ذلك، قُتل "محمود الورفلي"، قائد ميليشيا "حفتر" في بنغازي، برصاص مسلحين مجهولين في 24 مارس/آذار الماضي.

وبعد العثور على أكثر من 12 جثة في بنغازي، أعلن "الدبيبة" في 18 مارس/آذار الماضي أنه سيبدأ تحقيقًا، مما يعني مزيدا من الضغط على "حفتر" في حال تحميل قواته المسؤولية. ويشير بيان "الدبيبة" أيضًا إلى توترات محتملة مع "حفتر"، وقد تؤدي مثل هذه الخلافات إلى مزيد من الاحتكاك بينهما في حالة رد "حفتر" بقسوة.

وبالرغم من التحديات الداخلية التي يواجهها "حفتر" وفشله في تحقيق أهدافه، إلا أنه ما يزال لاعبًا بارزًا في شرق ليبيا كما أن  لديه القدرة على تهديد آفاق الوحدة في البلاد في المستقبل القريب. وفي الواقع، فإن الدعم العسكري السابق له خلق المزيد من العقبات أمام السلام.

وما يزال "حفتر" يسعى إلى تأكيد سلطته في البلاد، وقد أعلن أنه سيتم بناء 3 مدن بكامل المرافق في شرق وغرب وجنوب بنغازي، لاستيعاب ما لا يقل عن 12 مليون شخص، معظمهم لعائلات قتلى الحرب الأخيرة، حسبما نقلت عنه "ميدل إيست مونيتور" قبل أيام.

وتحت عنوان "مشروع الكرامة"، وقّع "حفتر" مبادرة تهدف إلى توفير 10 آلاف منزل لـ40 ألف شخص، بحسب بيان صادر عن قوات "حفتر".

وقد يحاول "حفتر" أيضًا الاستفادة من الانتخابات المقبلة، من خلال دعم الشخصيات المقربة منه. وهناك بعض المؤشرات بالفعل حول دعم خارجي من أجل هذا الهدف. وقال موقع "واشنطن فري بيكون" الأمريكي، إن نجل "حفتر"، "صدام" التقى بمسؤولي المخابرات الإسرائيلية في مارس/آذار الماضيلمناقشة ترشيحه للرئاسة لعام 2021، نقلاً عن مصدر لم يذكر اسمه.

ويأتي ذلك في الوقت الذي قد تتجه فيه إسرائيل لتعزيز العلاقات مع ليبيا، بعد أن قامت بالفعل بتطبيع العلاقات مع الإمارات والبحرين والسودان والمغرب العام الماضي. وقد يكون هذا قابلاً للتطبيق لأن إسرائيل زودت "حفتر" بالأسلحة في الماضي عبر الإمارات.

وقد يحاول بعض حلفاء "حفتر" أيضًا الحصول على مناصب في الحكومة مثل وزارتي الدفاع والمالية، ومن المرجح أن يدعم "حفتر" من أجل تأمين شكل من أشكال النفوذ في أي إدارة مستقبلية.

في نهاية المطاف، يبقى أن نرى إلى أي مدى يستطيع "حفتر" شق طريقه للعودة إلى السياسة الليبية.

وبالرغم من تراجع مسيرته بسبب فقدان الدعم الدولي والسمعة المحلية المشوهة، ما يزال "حفتر" مصممًا على تأمين أكبر قدر ممكن من السلطة. وقد يضر ذلك بعملية الانتقال السياسي ويبقي ليبيا منقسمة، بينما يظل هو فاعلًا مؤثرًا في المنطقة الشرقية من البلاد.

المصدر | جوناثان فينتون-هارفي | انسايد أرابيا – ترجمة وتحرير الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

خليفة حفتر صدام حفتر الحرب في ليبيا مستقبل ليبيا عبدالحميد دبيبة حكومة الوفاق الانتخابات الليبية

قوات حفتر تتسبب في إلغاء زيارة الدبيبة لبنغازي وتأجيل الاجتماع الأول للحكومة

مسلحون تشاديون ونازحون يقتحمون الحدود الليبية بتسهيل من قوات حفتر

موقع أمريكي: صدام حفتر التقى مسؤولين إسرائيليين سرا تمهيدا للتطبيع

اللجنة العسكرية الليبية المشتركة تهدد بتسمية من يعرقل فتح الطريق الساحلي