مصر.. ما علاقة شركة الجيش للألبان باعتقال صفوات ثابت ونجله؟

الجمعة 30 أبريل 2021 02:38 ص

في 2014، وفي اجتماع بحضور الرئيس المصري "عبدالفتاح السيسي"، تبرع رجل الأعمال رئيس مجلس إدارة شركة "جهينة" لصناعة الألبان بـ50 مليون جنيه، لصالح صندوق "تحيا مصر"، ما جعله أحد رجال الاعمال "الوطنيين" الداعمين لاقتصاد البلاد.

إلا أنه بعد عام واحد، تم التحفظ على أمواله، بدعوى دعمه للإخوان المسلمين، قبل أن تسيطر الحكومة في 2016، على نسبة تصل إلى 7.2% من أسهم شركته.

لم يقف الأمر عند ذلك، بل أدرجته السلطات في 2017، على قائمة الإرهابيين بجانب قيادات الجماعة، قبل أن تعتقله في نهاية 2020، وتعتقل نجله في مطلع 2021، تحت مزاعم "دغم التنظيم".

هكذا كانت قصة "ثابت"، المالك الأكبر لحصة "جهينة"، الشركة التي أعادت صياغة صناعة الألبان والعصائر في مصر، لتصل بمنتجاتها إلى إجمالي 200 منتج يتم توزيعها في مصر وتصديرها لعدد من الدول الأفريقية والعربية والأوروبية.

فما علاقة الجيش بالأمر؟، ولماذا تغيرت نظرة السلطات في البلاد تجاهه؟، ولماذا تحول من رجل أعمال "وطني" إلى إرهابي؟.

مصادر تحدثت لموقع "مدى مصر"، تفاصيل هذه السنوات، قائلة، إنه لم يكن هناك أي حديث، في أيٍ من السنوات الثلاثين التي عمل فيها "ثابت" في مصر، تشير إلى أنه يرتبط بأي شكل من الأشكال بتنظيم الإخوان المسلمين.

لكن والدة الرجل هي "خالدة حسن الهضيبي"، ابنة المرشد الثاني للإخوان المسلمين، وهي شقيقة "مأمون الهضيبي"، المرشد السادس للإخوان.

ويقول أحد كبار رجال الأعمال: "صفوان رجل أعمال وعلاقاته العائلية لم تكن جزءًا من القصة أبدًا، والأمن يعرفه ويتابعه، وشغله كله تحت العين".

مضيفًا: "صفوان كان مثلنا، عندما تطلب الدولة شيء يفعله لها، وظل كذلك قبل ثورة يناير/كانون الثاني وبعدها، وقبل وبعد (الرئيس السابق محمد) مرسي".

رجل أعمال آخر، قال إن "ثابت بعيد عن تنظيم الإخوان ومشروعهم الاجتماعي والسياسي بشكل عام".

وبحسب رواية "ثابت" نفسه، في كتاب عن تجربته في التصنيع صدر في 2017، فإنه عندما قرر العودة لمصر قادمًا من السعودية، التي كان يعمل فيها لسنوات طوال تالية لتخرجه في قسم الميكانيكا بجامعة حلوان، فإنه طرق باب وزير الداخلية حينها "حسن الألفي".

ويحكي "ثابت"، أنه قال لـ"الألفي"، إنه يريد العودة للعمل والاستثمار في مصر، وإن جده لوالدته هو "حسن الهضيبي"، وخاله هو "مأمون الهضيبي"، وعمه هو لواء قوات مسلحة "أحمد ثابت"، الذي تولى مهمة وزير التموين أثناء حرب أكتوبر.

الألفي، حسب رواية "ثابت"، الصادرة ضمن سلسلة "رجال من الزمن الجميل"، قال: "أبناء الهضيبي يعيشون ويعملون في مصر بكل حرية لأن لا علاقة لهم بالسياسة".

وخلال الثمانينيات والتسعينيات، وحتى قيام ثورة يناير/كانون الثاني 2011، ازدهرت أعمال "ثابت"، وقام الرئيس الأسبق "حسني مبارك"، بزيارة مصنعه أكثر من مرة.

كما كان للرجل علاقات مباشرة بوزراء الاقتصاد والمالية والتموين وغيرهم، وسبق له أن تولى رئاسة غرفة الصناعات الغذائية في 2013، لمدة 4 سنوات. 

مع وصول السيسي للحكم، تمت دعوة ثابت للمشاركة في إحدى أولى الاجتماعات التي أجراها مع رجال الأعمال في 2014، وهو الاجتماع الذي أعلن "ثابت" بعده تبرعه لصندوق تحيا مصر بمبلغ 50 مليون جنيه.

ورغم وضع أمواله وأموال أسرته تحت التحفظ في 2015، استبقى "ثابت" العلاقة الجيدة في العمل مع الدولة، وفي السنة نفسها، وخلال 3 سنوات تالية، حصلت شركة جهينة على تكريم من الدولة ضمن أفضل 100 شركة مصرية.

وشارك صفوان ثابت في التكريم وزراء المجموعة الاقتصادية، وتحدث الرجل بما يليق برجال الأعمال المدركين لأهمية استبقاء رضاء الحكم، مشيرًا إلى أن عمل الشركة التي يرأسها يأتي متماشيًا مع أهداف الدولة لخطة 2030.

في 2018، وقَّع "سيف ثابت"، قرار تبرع "جهينة" بـ15 مليون جنيه لصندوق تحيا مصر، لدعم حملة القضاء على "فيروس سي"، وهي المساهمة التي حصلت الشركة بعدها على درع تكريم تسلمه "سيف" بنفسه من هيئة الشؤون المالية للقوات المسلحة.

ولكن قبل توقيف "ثابت" بأسابيع، قام أحد كبار الشخصيات المعنية بواحد من المشاريع المستحدثة للدولة لإنتاج الألبان، بزيارات متعددة لأحد مصانع "جهينة" حيث اطلع على كيفية إدارة المصنع وتحديث المعدات وأنظمة التشغيل.

وحسب مصدر، يبدو أن "ثابت" قد تمت مفاتحته بعد إحدى هذه الزيارات، بضرورة التفكير في إدماج جزء من مصانع "جهينة"، مع المصنع القادم كعنوان للدعم الحقيقي للصناعات الغذائية.

اعتبر "ثابت" هذا الحديث "مجرد دردشة وليس طلبًا"، حسب وصف المصدر.

تزامنت الزيارات مع تكرار "السيسي" توجيهاته المستمرة منذ منتصف مايو/أيار الماضي، وحتى بداية سبتمبر/أيلول الماضي لرئيس الوزراء ووزير الزراعة وعدد آخر من المسؤولين، بإنشاء منظومة متكاملة لمراكز تجميع الألبان على مستوى الجمهورية، تضم 200 مركز متطور لتجميع الألبان على مستوى محافظات الجمهورية.

تلك التصريحات كررها "السيسي"، في الأول من ديسمبر/كانون الثاني الماضي، قبل ساعات من القبض على "ثابت"، ووجه الحكومة خلالها بتحمل تكلفة حصول تلك المراكز على الشهادة الدولية لاعتماد المواصفات القياسية لجودة الإنتاج، وبواقع 50 ألف جنيه لكل مركز.

الزيارات تزامنت أيضًا مع تطور ملحوظ في أرباح "جهينة"، التي تجاوزت أزمات عنيفة مع ارتفاع أسعار الطاقة في 2014، وتراجع سعر الجنيه في 2016.

مصدر آخر من أوساط الصناعات الغذائية الحكومية، أشار إلى أن بداية "الغضب علي صفوان ثابت، جاءت قبل ذلك، عندما رفض مقترحًا تقدم به إليه أحد الوزراء المعنيين لشراء شركتي (قها) و(إدفينا) المملوكتين للدولة، وتعانيان من عثرات اقتصادية كبيرة".

المصدر قال إن "عدم إقبال صفوان ثابت على الفكرة، لم يكن فقط نابعًا من عدم اهتمامه بالمشروع، ولكن أيضًا بسبب "المقابل المالي الكبير والمبالغ فيه الذي كان سيكون على الشركة تقديمه مقابل الشركتين".

وبحسب مصدر مطلع على تطورات القضية، بعد القبض على "ثابت"، أصبح المطلوب منه وأبنائه هو التنازل عن أصول شركة "فرعون" للاستثمارات المحدودة التي تمتلكها الأسرة، وأن الوضع يتجاوز دفع مبلغ من المال، وقال: "الأصول هي المطلوبة وليست الأموال".

من ناحيته، أوضح مصدر سياسي ثالث، أن هناك "مقترحات" تقدم بها "وسطاء" للسعي لإنهاء هذه الأزمة بصورة معقولة.

وقال المصدر: "استمرار الموضوع ده مش في صالح حد، لأن ليس من المنطقي أن الدولة كانت تكرم ناس شغالين في تمويل الإرهاب، وصفوان وابنه من ضمن المكرمين".

الأزمة فيما يخص "ثابت" ونجله، حسب قول مصدر قضائي مطلع على عمل لجنة التحفظ على أموال الإخوان، هي أن الإجراءات القانونية والقضائية من تحفظ وإدارة الأموال، وحتى مصادرتها، لم تحقق للسلطة غايتها في الوصول إلى ما تريده من أموال هؤلاء، خصوصًا في ظل تأمين رجال الأعمال لثرواتهم عبر توزيعها على المقربين منهم، وتخبئتها في شركات متعددة.

ولهذا تمارس أجهزة الأمن ضغوطها على رجلي الأعمال للوصول إلى أقصى ما يمكنهما دفعه لصندوق "تحيا مصر"، حسب قوله المصدر.

حتى الآن، في شركة ومصانع «جهينة»، يستمر العمل كل يوم بإدارة محمد الدغيم، الشريك السعودي، بينما يتابع العاملون، الذين يقارب عددهم أربعة آلاف، الأخبار بقدر كبير من التحسب، خشية إبداء تعاطف يؤخذ ضدهم.

المصدر | الخليج الجديد + مدى مصر

  كلمات مفتاحية

صفوان ثابت جهينة الجيش السيسي صندوق تحيا مصر الإخوان

السلطات المصرية تحتجز صفوان ثابت صاحب شركة جهينة

التحفظ على أموال رئيس شركة جهينة في مصر لصلات مزعومة بالإخوان

مصر.. جهينة تشكو تعنتا حكوميا بعد اعتقال رئيسها ونجله

مصر تجدد حبس صفوان ثابت والسويركي بزعم تمويل الإخوان