توترات غزة تطلق العنان لليمين الإسرائيلي المتطرف

الأحد 16 مايو 2021 07:27 م

تكشف أعمال الشغب الإسرائيلية المنتشرة في جميع أنحاء الداخل الفلسطيني المحتل، وسط العنف المتصاعد ضد غزة، عن ميل الكفة ناحية اليمين اليهودي المتطرف، الذي قد يؤدي إلى تطرف سياسات دولة الاحتلال ويطيل أمد الشلل السياسي هناك، ويزيد من مخاطر سمعة الشركات التي تمارس الأعمال التجارية مع إسرائيل أو داخل الأراضي المحتلة.

وتسبب التصعيد الأخير بين إسرائيل وحركات المقاومة المسلحة في غزة، في تصاعد التوترات بين العرب في المدن المختلطة واليهود اليمينيين المتطرفين؛ ما أدى إلى أعمال شغب بدأت في بلدة "اللد" في 10 مايو/أيار وانتشرت منذ ذلك الحين في جميع أنحاء البلاد في الناصرة وعكا وطبريا والقدس وحيفا والعديد من ضواحي تل أبيب.

وشهدت أعمال الشغب نهبا واسعا وهجمات طائفية أنهكت قوات الشرطة. وعبّر كل حزب سياسي في الكنيست الإسرائيلي الحالي، بما في ذلك الصهيونية اليمينية المتطرفة والعرب المسلمين، عن إدانتهم للعنف ودعوا إلى السلام. ولكن حتى 14 مايو/أيار، ما زالت أعمال الشغب لا تظهر أي علامات على التوقف، ومن المرجح أن تستمر طوال فترة الصراع في غزة.

وشهدت انتخابات 23 مارس/آذار في إسرائيل، حصول تحالف الصهيونية الدينية اليميني المتطرف على أكبر حصة له على الإطلاق من المقاعد، وجلب حزب "عوتسما يهوديت" اليهودي إلى الكنيست للمرة الأولى.

وانخرط محرضون من اليمين المتطرف في مواجهات مع الفلسطينيين حول القدس الشرقية منذ أسابيع، حيث أثارت عمليات إجلاء قسرية مثيرة للجدل للفلسطينيين من حي "الشيخ جراح" احتجاجات من قبل النشطاء الفلسطينيين الذين ما زالوا يرون القدس الشرقية عاصمة دولة فلسطينية في المستقبل. وساعدت هذه الاحتجاجات في إشعال الصراع المستمر مع الحركات المسلحة في غزة، الذي اندلع في 10 مايو/أيار.

وفي عام 2018، غيرت إسرائيل دستورها لتعلن نفسها الدولة القومية للشعب اليهودي. وقد ألهم هذا الأمر اليمين المتطرف وأدى إلى استفزاز العديد من العرب الإسرائيليين، الذين شعر الكثير منهم منذ فترة طويلة بالتمييز ضدهم من قبل الأغلبية اليهودية في الإسكان والشرطة والتوظيف؛ ما أدى إلى تأجيج الاحتجاجات.

ومن المرجح أن تؤدي المزيد من الاضطرابات بين العرب واليهود في إسرائيل إلى زيادة احتدام الموقف بين الطرفين؛ ما يدفع السياسة الإسرائيلية إلى اليمين أكثر. ويحاول رئيس الوزراء "بنيامين نتنياهو" تقوية هذه القوى للفوز بمقاعد للأحزاب التي ستدعمه.

ومن المنتظر انضمام العديد من العرب واليهود الذين يتفرجون حاليا للمشهد خلال أعمال العنف المستمرة، حيث يشهدون تدمير الممتلكات، والقتال في الشوارع، ويواجهون خطرا شخصيا محتملا بسبب الاضطرابات.

وقد يجعل السكان اليهود الأكثر تطرفا أحزاب اليمين المتطرف الهامشية مثل "عوتسما يهوديت" لاعبا رئيسيا في الحكومات المستقبلية. ومن المرجح أيضا أن يتسبب عرب الداخل الإسرائيلي الأكثر تشددا في اضطرابات مستقبلية؛ ما يثير المزيد من ردود الفعل اليمينية العنيفة من جانب اليهود.

  • تاريخ اليمين المتطرف في إسرائيل

وتسبق حركة اليمين المتطرف الصهيونية وأنشطتها التخريبية إعلان "دولة إسرائيل"، كما يتضح من قصف فندق الملك "داوود" في القدس من قبل متشددين يمينيين عام 1946، قبل عامين من قيام دولة إسرائيل. ومنذ ذلك الحين، واصلت الفصائل اليمينية المتطرفة المختلفة الدعوة إلى العنف ضد الفلسطينيين وترسيخ دولة يهودية دينية.

وازدادت الأصوات القومية المتطرفة والمتشددة في إسرائيل في العقود الأخيرة، وغذتها عدة حروب مع المسلحين الفلسطينيين واللبنانيين، إلى جانب عملية السلام المجمدة مع الفلسطينيين، وزيادة معدل المواليد الأرثوذكس المتطرفين، واندفاع ما بعد الاتحاد السوفيتي من المهاجرين الجدد من روسيا ودول أخرى بدون تقاليد سياسية ديمقراطية.

وتعرض اليمين المتطرف في إسرائيل للقمع السياسي إلى حد كبير منذ أن تم حظر سلف "عوتسما يهوديت" اليهودي، حزب "كاخ"، عام 1994. لكن الشباب اليميني المتزايد في البلاد ساعد في ظهور حركات يمينية متطرفة قاعدية مثل جماعة "ليهافا" المناهضة للاستيعاب، التي كانت في طليعة الاحتجاجات الأخيرة في القدس الشرقية.

وانجرف الناخبون الإسرائيليون الأصغر سنا إلى اليمين جزئيا تغذيهم مشاهد الانتفاضة الثانية بين عامي 2000 و2005 والصراعات المتكررة مع غزة في العقود الأخيرة. وقد يؤدي المزيد من التشدد بين العرب واليهود إلى تسريع هذا الاتجاه.

ويتقلص النفوذ السياسي والوجود الحكومي للأحزاب ذات الميول اليسارية في إسرائيل بشكل مطرد وسط الخسارة المستمرة للناخبين الشباب. ولأكثر من عقد من الزمان، فشلت أحزاب يسار الوسط أو ذات الميول اليسارية مثل "ميرتس" وحزب العمل الإسرائيلي أيضا في تشكيل ائتلاف ضد اليمين المهيمن، ويرجع ذلك جزئيا إلى أنهم غير قادرين على تنمية قاعدة دعمهم مع الشباب الجدد والناخبين الأصغر سنا.

ومن المرجح أن تنتهج حكومة إسرائيلية يمينية أكثر، سياسات تزيد من تنفير حلفائها وتجعل من الصعب على البعض القيام بأعمال تجارية في البلاد. وتشمل السياسات المثيرة للجدل دوليا والتي يمكن للأحزاب اليمينية المتطرفة الدفع من أجلها المزيد من التوسع الاستيطاني والضم في الضفة الغربية، وإعادة احتلال قطاع غزة، والقوانين المؤيدة لليهودية التي يُنظر إليها على أنها تمييزية ضد النساء أو "فئات الشواذ"، وإجمالي زيادة دور الدين في نظام المحاكم العلمانية في البلاد. وقد يحاول أنصار اليمين المتطرف أيضا ترهيب العرب داخل إسرائيل للخروج من أحياء معينة أو الهجرة من البلاد عن طريق العنف وأعمال الشغب.

ومن شأن مثل هذه السياسات المتطرفة وعنف الشوارع أن يعزز المشاعر التي تدعم حركة المقاطعة وسحب الاستثمارات وفرض العقوبات المناهضة لإسرائيل من خلال تشويه رواية أولئك الذين ينتقدون بالفعل سجل إسرائيل في مجال حقوق الإنسان في الخارج والداخل.

ويضم تحالف الصهيونية الدينية حزب "نيوم" المناهض بشكل واضح لمجتمع الشواذ. وإذا مُنح النفوذ والفرصة، فسيحاول الحزب التراجع عن حقوق الإسرائيليين المنتمين لهذه الفئة، مثل حق الزواج من نفس الجنس.

وصنفت العديد من المنظمات الدولية، بما في ذلك "هيومن رايتس ووتش"، الاحتلال الإسرائيلي المستمر للأراضي الفلسطينية رسميا على أنه فصل عنصري؛ ما ساعد على تأجيج حملة العزل ضد إسرائيل. وغالبا ما يشير منتقدو تسمية الفصل العنصري إلى الحماية الديمقراطية التي توفرها إسرائيل للعرب داخل إسرائيل والأقليات الأخرى، بالرغم من أن هذه الحماية يمكن أن تتآكل بفعل حكومة يمينية متطرفة أكثر جرأة.

وقد قاطع الإسرائيليون اليمينيون المتطرفون بالفعل مساعي حكومتهم لتطبيع العلاقات مع الإمارات ودول الخليج العربي الأخرى. وفي فبراير/شباط، ساعد نشطاء من اليمين المتطرف في تجميد بيع نادي "بيتار القدس" لكرة القدم إلى أحد أفراد العائلة المالكة الإماراتية؛ لأنه كان سيعطي ملكية جزئية للفريق لطرف عربي.

المصدر | ستراتفور - ترجمة وتحرير الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

غزة تحت القصف الشيخ جراح اليمين الإسرائيلي اليمين المتطرف الحكومة الإسرائيلية

واشنطن بوست: التشدد الإسلامي ليس الخطر بل اليمين المتطرف

غارات إسرائيلية عنيفة على غزة والمقاومة تقصف بئر السبع وعسقلان