توقعات بانتعاش قوي في الطلب على النفط بالرغم من تعثر الهند

الثلاثاء 25 مايو 2021 07:21 ص

من المتوقع أن يرتفع الطلب العالمي على النفط في النصف الثاني من العام إلى مستويات تتجاوز العرض، بالرغم من التوقعات بأحجام إضافية من النفط الخام من المنتجين في تحالف "أوبك+" بين دول الأعضاء في "أوبك" والدول غير الأعضاء، وفقا لوكالة الطاقة الدولية وتقارير "أوبك" لشهر مايو/أيار.

وبالرغم من التفاؤل بشأن آفاق انتعاش الطلب، يشير التقريران إلى عودة ظهور حالات الإصابة بفيروس كورونا في الهند كعنصر من عدم اليقين في توقعاتهما. ومع ذلك، تجاهلت أسعار النفط المخاوف بشأن الهند وارتفعت إلى أعلى، لتتجاوز لفترة وجيزة 70 دولارا للبرميل لخام برنت القياسي في 18 مايو/أيار، للمرة الأولى منذ بداية الوباء، كرد فعل على تحسن أساسيات السوق والتراجع في مخزونات النفط العالمية.

وبالرغم من المراجعة الهبوطية الحادة لتقديرات الطلب للربع الثاني من قبل وكالة الطاقة الدولية و"أوبك"، بمقدار 510 ألف برميل في اليوم و300 ألف برميل في اليوم على التوالي، فإن تقرير سوق النفط الصادر عن وكالة الطاقة الدولية وتقرير سوق النفط الشهري لمنظمة "أوبك" يشهدان تسارع في الطلب في النصف الثاني من العام، ما يؤدي إلى فجوة في العرض تزيد عن مليون برميل يوميا في الربع الثالث وأكثر من 2 مليون برميل يوميا في الربع الرابع.

وتتوقع وكالة الطاقة الدولية أن يصل الطلب إلى مستوى ما قبل الجائحة، البالغ 99.6 ملايين برميل يوميا، في الربع الرابع بالرغم من انخفاض 270 ألف برميل في اليوم أقل من التقديرات لشهر أبريل/نيسان. وتتوقع "أوبك" أن يصل الطلب في الربع الأخير من العام إلى 99.7 ملايين برميل في اليوم، على افتراض أن وضع فيروس كورونا في الهند تحت السيطرة.

وتقدر وكالة الطاقة الدولية أن الطلب على النفط سيرتفع بمقدار 5.4 ملايين برميل في اليوم للعام ليصل إلى 96.43 مليون برميل في اليوم. وتربط "أوبك" الطلب للعام بأكمله عند 96.46 مليون برميل في اليوم، بزيادة 6 ملايين برميل في اليوم عن عام 2020. وهكذا فإن كلا التقديرين أقل من طلب 2019، الذي كان قريبا من 100 مليون برميل في اليوم.

وخفضت كل من وكالة الطاقة الدولية وأوبك توقعاتهما للنمو الاقتصادي في الهند في عام 2021، لكن المراجعات لا تزال تظهر نموا بنسبة 10% للاقتصاد الهندي بالرغم من زيادة حالات الإصابة بفيروس كورونا. ومع ذلك، خفضت وكالة الطاقة الدولية توقعاتها للطلب الهندي على النفط بشكل كبير بمقدار 825 ألف برميل في اليوم لشهر مايو/أيار.

وباعتبارها ثالث أكبر مستورد للنفط الخام في العالم، فإن أي تعديل تنازلي لطلب الهند يثير قلق منتجي الشرق الأوسط، أكبر موردي النفط الخام إلى الهند وبقية السوق الآسيوية. وألقت الحكومة الهندية باللوم على قيود الإنتاج من مجموعة "أوبك+"، التي تضم 23 دولة بقيادة السعودية وروسيا، في الارتفاع الأخير في أسعار النفط إلى نطاق 70 دولارا للبرميل، وهو ما يزيد بنحو 30 دولارا للبرميل عن متوسط ​​عام 2020.

وأظهرت أحدث الإحصاءات عن الهند أن هذا قلل من شهية الهند لنفط "أوبك" مع انخفاض الإمدادات السعودية بشكل حاد في الربع الأول من العام بينما تضاعفت واردات الخام الأمريكي لنفس الفترة 3 مرات. وانخفضت حصة "أوبك" من واردات النفط الهندية بشكل حاد في الأشهر الـ3 الأولى من عام 2021 إلى 64.3%، وهو مستوى قياسي منخفض، بينما تقلصت حصة السعودية وحدها إلى مستوى قياسي بلغ 14.4%، وهو ما يمثل انخفاضا بنسبة 31% على أساس سنوي.

ومع انخفاض الطلب على المنتجات المكررة بسبب تقييد الحركة في الهند، بدأت المصافي الهندية في خفض عمليات المعالجة، وقد يُترجم ذلك إلى واردات أقل من النفط الخام، التي انخفضت بالفعل بنسبة 13% في الربع الأول. وتشير بيانات الشحن من منصة بيانات وتحليلات السلع الأساسية "كبلر" إلى مزيد من التراجع في الواردات في أبريل/نيسان وأوائل مايو/أيار.

وتشير المراجعة التنازلية لطلب النفط الهندي إلى أن التوقعات العامة للطلب العالمي قد تخضع للمراجعة إذا استمرت أزمة فيروس كورونا في الهند. وأشارت وكالة الطاقة الدولية إلى أنه، بالإضافة إلى تصاعد انتشار فيروس كورونا في الهند، فإن استخدام النفط أضعف من المتوقع في الولايات المتحدة، بسبب التأثر باضطراب الطقس البارد في تكساس في فبراير/شباط والانقطاع الأخير لخط أنابيب مهم بعد هجوم إلكتروني، وانخفاض الاستهلاك في الولايات المتحدة.

كما شهدت أوروبا خفضا للطلب. وأشار تقرير وكالة الطاقة الدولية إلى أن "أزمة كوفيد في الهند هي تذكير بأن توقعات الطلب على النفط غارقة في حالة من عدم اليقين"، الأمر الذي يجعل تعافي الطلب العالمي "هشا".

وردد تقرير "أوبك" المخاوف بشأن عدم اليقين مع السوق، قائلا إنها "لا تزال مرتفعة بشكل غير عادي خاصة بسبب المشكلات المتعلقة بتطورات "كوفيد-19"، بما في ذلك الزيادة المحتملة في حالات العدوى، وظهور متغيرات جديدة، وسرعة أو تباطؤ عمليات التطعيم. وتشمل العوامل الأخرى التي يجب مراقبتها عن كثب على المدى القصير التطورات في الآفاق الاقتصادية العالمية والإقليمية، والتقدم في النشاط الصناعي وأسواق العمل وتأثير إجراءات التحفيز النقدي والمالي".

وأشار التقرير إلى أن معدلات الإصابة المرتفعة في البرازيل وبيرو وكولومبيا قد تؤثر على توقعات الطلب.

على الطرف الآخر، تعد البرازيل من بين عدد قليل من البلدان التي ستؤثر على ديناميكيات جانب العرض. وتتوقع وكالة الطاقة الدولية أن يرتفع إنتاج النفط من البرازيل وكندا وبحر الشمال في الوقت الذي يبدأ فيه منتجو "أوبك+" في تخفيف القيود وزيادة إنتاجهم تدريجيا.

وبموجب اتفاقية تم التوصل إليها في أوائل أبريل/نيسان وتم التحقق من صحتها مرة أخرى في 27 أبريل/نيسان، سيزداد إنتاج "أوبك+" الجماعي بموجب إعلان التعاون بمقدار 2.1 مليون برميل يوميا في الزيادات المتفق عليها من مايو/أيار إلى يوليو/تموز، بما في ذلك التراجع التدريجي للخفض الطوعي السعودي للإنتاج البالغ 1 مليون برميل يوميا في فبراير/شباط ومارس/أبريل. وتتوقع وكالة الطاقة الدولية أن المعروض النفطي العالمي سيرتفع بمقدار 3.8 ملايين برميل في اليوم بين أبريل/نيسان ونهاية العام.

ومع ذلك، فإن هذه الزيادة في العرض "لا تقترب بأي حال من مطابقة توقعاتنا لطلب أقوى بشكل ملحوظ بعد الربع الحالي"، وفقا لوكالة الطاقة الدولية. وأضاف التقرير: "في ظل سيناريو إنتاج أوبك+ الحالي، لن ترتفع الإمدادات بالسرعة الكافية لمواكبة انتعاش الطلب المتوقع".

وتتوقع وكالة الطاقة الدولية أن ارتفاع معدلات التطعيم وتخفيف القيود المفروضة على الحركة في عام 2020 في معظم أنحاء العالم سيؤدي إلى ارتفاع الطلب من 93.1 مليون برميل في اليوم في الربع الأول من عام 2021 إلى 99.6 ملايين برميل يوميا بنهاية الربع الرابع، بالرغم من أنها تتوقع أن يكون الطلب النهائي للعام بأكمله أقل قليلا عند 96.43 مليون برميل في اليوم.

وأشارت وكالة الطاقة الدولية إلى أن "اتساع فجوة العرض والطلب يمهد الطريق لمزيد من التخفيف من تخفيضات أوبك+ للإمدادات أو حتى سحب أكثر حدة من المخزون".

وفي حين أن هذا قد يبدو تطورا مرحبا به بالنسبة لمنتجي "أوبك+"، وكثير منهم في حاجة ماسة إلى عائدات إضافية من مبيعات النفط لمعالجة الضغوط المالية الناجمة عن انهيار أسعار النفط في عام 2020، إلا أن هناك عددا من الأمور المجهولة التي قد تغير توازن السوق على جانب العرض.

وبموجب اتفاق "أوبك+" الأصلي الذي تم التوصل إليه في أبريل/نيسان 2020، وافقت المجموعة على خفض غير مسبوق للإنتاج قدره 9.7 مليون برميل في اليوم من خط الأساس لشهر أكتوبر/تشرين الأول 2018 البالغ 32.9 ملايين برميل يوميا إلى الأسواق المستقرة في أعقاب تدمير الطلب الكبير الذي أحدثته جائحة فيروس كورونا.

وسيؤدي تخفيف قيود الإنتاج إلى رفع إنتاج "أوبك+" المشترك إلى 36.34 مليون برميل يوميا، وهو مستوى اتفق الوزراء على الحفاظ عليه حتى أبريل/نيسان 2022.

وسيسمح الطلب القوي وانخفاض مستويات مخزون النفط العالمي، التي بدأت بالفعل في الانخفاض، لـ"أوبك+" بإعادة النظر في سياستها في نهاية العام، عندما تبدو صورة العرض مختلفة إذا عادت إيران إلى الأسواق.

وسيعتمد ذلك على تقدم المحادثات النووية غير المباشرة بين الولايات المتحدة وإيران في فيينا وما إذا كانت واشنطن سترفع عقوبات الطاقة التي فرضتها في عام 2018 إدارة الرئيس السابق "دونالد ترامب" بعد انسحابها من خطة العمل الشاملة المشتركة.

وفي ضوء التوقعات الخاصة بعجز العرض، سيتم امتصاص النفط الإيراني بسهولة دون الإخلال بتوازن السوق إذا تم التوصل إلى اتفاق في فيينا. وبالفعل فإن إيران معفاة من قيود الإنتاج التي تفرضها "أوبك+"، لكن إنتاجها النفطي يتزايد في الأشهر الأخيرة. ووفقا لوكالة تقارير الأسعار "بلاتس"، ارتفع إنتاج النفط الإيراني إلى 2.14 مليون برميل يوميا في فبراير/شباط، أي نحو نصف طاقتها قبل العقوبات.

واقتصرت صادرات النفط الإيراني حتى الآن على الصين، التي واصلت استيراد النفط الإيراني في تحد للعقوبات الأمريكية. وتقول إيران إنها تتوقع أن تتمكن من إعادة الصادرات إلى 2.5 مليون برميل في اليوم بمجرد رفع العقوبات، رغم أن هذا الرقم ربما يكون مبالغا فيه.

وستكون الهند، التي تأثرت بسبب الخلاف الدبلوماسي مع السعودية بشأن سياسة إنتاج "أوبك"، سوقا طبيعيا للنفط الخام الإيراني، الذي من المرجح أن يتم تقديمه بأسعار تفضيلية حيث تحاول طهران استعادة حصتها في السوق الآسيوية.

ويتضح انفتاح الهند على المنافسة في التنوع المتزايد لوارداتها مع قيام الولايات المتحدة باستبدال جزء كبير من السوق التقليدية في الشرق الأوسط. وستكون الهند والصين المحركين الرئيسيين لنمو الطلب العالمي على النفط في الأعوام المقبلة، وتتوقع وكالة الطاقة الدولية أن تتفوق الهند على الصين بحلول منتصف عام 2020 كأكبر مستهلك للنفط الخام.

وتمكنت ليبيا، التي ليست طرفا في اتفاقية "أوبك+"، من استعادة الإنتاج مع تحسن الظروف السياسية، بالرغم من أن الإنتاج كان غير منتظم نتيجة ضعف البنية التحتية ونقص التمويل لقطاع النفط. وانخفض الإنتاج من أعلى مستوى في 8 أعوام عند 1.3 ملايين برميل في اليوم في أبريل/نيسان إلى 1 مليون برميل في اليوم في مايو/أيار، حيث اضطرت شركة النفط الوطنية الليبية إلى إيقاف الإنتاج من الحقول الرئيسية.

واتخذ تحالف "أوبك+" الاجتماع الشهري كطريقة لمراقبة تطورات السوق عن كثب في الأوقات المضطربة. كما أنها تبقي التجار والمضاربين في حالة تخمين فيما يتعلق بنواياها بينما تتعامل مع المجهول الذي قد تتسبب فيه ليبيا وإيران.

ومن المقرر أن يجتمع الوزراء مرة أخرى في الأول من يونيو/حزيران، بالرغم من أنه من المرجح أن يكون هذا أمرا روتينيا للمصادقة على قرار أبريل/نيسان لاستكمال المرحلة النهائية من زيادة الإنتاج بحلول يوليو/تموز. ووفقا لوكالة الطاقة الدولية، فإن الوزراء "يتمتعون بالمرونة للتكثيف السريع نسبيا لسد أي فجوات كبيرة قد تظهر".

كما أن لديهم سعة فائضة ضخمة تبلغ نحو 7 مليون برميل يوميا، باستثناء إيران، للاستفادة منها. وأضافت وكالة الطاقة الدولية أنه "حتى في السيناريو الذي يتوقع زيادة الحجم من إيران، شريطة التوصل إلى اتفاق لاستعادة الاتفاق النووي وتخفيف العقوبات، فإن أوبك+ ستظل تنتج 1.7 ملايين برميل في اليوم أقل من الطلب خلال الربع الرابع".

وقد لا تكون إيران وليبيا، وكلاهما عضوان ملتزمان في "أوبك"، مشاركين نشطين في "أوبك+"، لكنهما سيستفيدان من ظروف السوق المحسنة وارتفاع الأسعار التي كانت النتيجة المباشرة لاتفاقية أبريل/نيسان 2020. ولن ترغب السعودية، التي نجحت في الحفاظ على تحالف "أوبك+" قائما، في الإخلال بهذا التماسك عندما يحين الوقت لاستيعاب القيمتين الإضافيتين. وستجعل أحدث توقعات الطلب المهمة أسهل بكثير.

المصدر | كات دوريان/معهد دول الخليج العربي في واشنطن - ترجمة وتحرير الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

منظمة أوبك تحالف أوبك + خفض الإنتاج أسعار النفط جائحة كورونا

بلومبرج: إيران تستعد لزيادة مبيعاتها من النفط بعد رفع العقوبات الأمريكية

أسعار النفط تعوض بعض خسائرها بعد الشكوك في عودة إيران

80 دولارا للبرميل.. جولدمان ساكس يكشف عن توقعاته لأسواق النفط في 2021