نفوذ الصين.. سي إن إن تروى قصصا محزنة لترحيل إيجور مسلمين من دول عربية

الثلاثاء 8 يونيو 2021 07:39 م

قالت شبكة "سي إن إن" الأمريكية إن ما أسمته بـ"اليد الطولى للصين" وصلت إلى البلاد العربية والإسلامية، وحطمت فكرة "التضامن الإسلامي"، وذلك تعليقا على تسارع ترحيل مسلمين من أقلية الإيجور من دول عربية، كالإمارات ومصر إلى الصين.

وسرد تقرير "سي إن إن"، مأساة زوج من الإيجور في الإمارات، وهما "أمانيسا عبدالله" وزوجها "أحمد"، والذي كان يدرس في دبي، ففي أحد الأيام كانت "أمانيسا" وزوجها في طريقها إلى السوق لشراء ملابس لطفلهما، عندما وصلت رسالة غيرت مسار حياتهما.

وبحسب الرسالة النصية طلب من "أحمد" الذهاب إلى مركز الشرطة حالا.

ترك "أحمد" زوجته "أمانيسا" في بيت صديق لهما على أمل العودة سريعا، ولم يعد، كان هذا في فبراير/شباط 2018.

وفي شقتهما في دبي انتظرت "أمانيسا" ساعات طويلة، تبكي وتصلي لعودته حيث لم تنجح في الحديث معه لأن هاتفه لم يرد على مكالماتها المتكررة.

وفي اليوم التالي تغالبت المرأة البالغة من العمر 29 عاما وفي أشهر الحمل الأخيرة على نفسها وذهبت مع ابنها البالغ من العمر 5 سنوات بسيارة أجرة إلى مركز الشرطة حيث حاولت شرح وضعها لضابط هناك.

وفي الوقت الذي كانت تتحدث، أشار الطفل لأمه إلى زنزانة حيث كان والده محتجزا فيها.

حاولت "أمانيسا" على مدى 13 يوما الذهاب إلى مركز الشرطة وإقناع الموظفين فيها للإفراج عن زوجها، وفي كل زيارة كان يبدو أكثر حزنا وأخبرها أن ذراع الصين الطويلة وصلت إلى الإمارات العربية المتحدة، وقال لها: "لم يعد الوضع آمنا هنا وعليك أخذ ابننا والسفر إلى تركيا، ولو كان المولود الجديد بنتا فسميها أمينة وإن كان ولدا فسميه عبدالله".

وبعد أسبوع نقل زوجها إلى العاصمة أبوظبي حيث أخبرتها السلطات بعد 5 أيام أنه رحل إلى الصين. وولدت ابنتهما "أمينة" بعد شهر في تركيا ولم تر والدها.

وقالت "أمانيسا"، في تصريحات لـ "سي إن إن": "لو ارتكب زوجي أي جريمة فلماذا لم يخبروني؟ ولماذا لم تخبرني الصين؟.. لا أعرف إن كان زوجي على قيد الحياة أم لا.. ولا أخبار لدي عنه من الصين أو الإمارات، فكلاهما صمتتا، وصامتتان بالكامل".

وأضافت، موجهة حديثها للسلطات الإماراتية: "لماذا لم تتبع أوراق محكمتك؟ وتقول إنك بلد مسلم"، وكانت تعلق على أمر صدر من النيابة في دبي بالإفراج عن زوجها، لعدم وجود أدلة ضده تفيد بارتكابه شيئا، ولكن رغم ذلك رحلته أبوظبي إلى الصين.

ولم ترد سلطات دبي أو وزارة الخارجية الإماراتية فيما يتعلق بقضية "أحمد".

وتشير "سي إن إن" إلى أن شهادة "أمانيسا" واحدة من عدة شهادات جمعتها عن ترحيل المسلمين الإيجور من مصر والسعودية والإمارات، بحسب ما ترجمته صحيفة "القدس العربي".

وحاولت الشبكة الحصول وبشكل متكرر على تعليق من الدول الثلاث ولكنها لم تحصل على رد، ولم ترد الحكومة الصينية أيضا.

وفي مصر، وثقت منظمات حقوق الإنسان مئات من الاعتقالات للإيجور وترحيل 20 منهم في عام 2017، معظمهم طلبة بجامعة الأزهر.

وفي الفترة ما بين 2018-2020 رحلت السعودية مسلما إيجوريا بعد أدائه العمرة بالإضافة لآخر اعتقل بعد أداء فريضة الحج ويواجه خطر الترحيل.

وأثارت التقارير عن اختفاء المسلمين الإيجور من دول عربية توترا وخوفا بين الإيجور في الشتات، وهم يخشون أن ينتهي المرحلون مع مليوني مسلم في معسكرات الاحتجاز في إقليم شنجيانج (تركستان الشرقية).

وقال التقرير إنه، وفي الوقت الذي تمتد فيه يد الصين الطويلة وتأثيرها عالميا، فهناك خشية بين الناشطين أن تخضع الدول في الشرق الأوسط للضغوط الصينية وتقبل بقمع الإيجور في داخل الصين وخارجها.

ونقلت "سي إن إن" تقريرا نشرته منظمة "هيومن رايتس ووتش" في أبريل/نيسان الماضي، قالت فيه إن الصين لاحقت مئات من الإيجور حول العالم وأجبرتهم على العودة لمواجهة المحاكمة.

وجاء في التقرير: "من الصعب التأكد عما حدث لهم"، وفي الكثير من الحالات، ولكن ترحيل الإيجور من الدول المسلمة سيكون مزعجا لحد كبير ويحطم فكرة التضامن الإسلامي ويعمق من مشاعر العزلة على المسرح العالمي الذي يتزايد التأثير الصيني عليه.

ويقول الناشط الإيجوري المقيم في أوسلو، "عبدالولي أيوب"، إنه وثق 28 حالة ترحيل من الدول المسلمة الثلاث في الفترة ما بين 2017-2019، منها 21 حالة في مصر و5 من السعودية وحالتان بمن فيها حالة أحمد من الإمارات.

ولكنه يعتقد أن هذا هو طرف كرة الجليد، فهناك الكثير من العائلات ترفض الحديث عمن اختفوا خشية تعرضهم للخطر أو من تبقى من العائلة في إقليم شنجيانج.

بدورها، ترى "مايا وانج"، الباحثة في شؤون الصين بـ"هيومن رايتس ووتش"، أن معاملة الدولة المستبدة للإيجور ليست غريبة رغم توقيع كل من الإمارات والسعودية ومصر على ميثاق الأمم المتحدة ضد التعذيب.

وقالت: "الكثير من هذه الدول لا تهتم بحقوق الإنسان.. فهي حكومات غير منتخبة تضطهد مواطنيها في وطنهم".

ففي مصر سجلت منظمات حقوق الإنسان عمليات ملاحقة واسعة للإيجور، وكان من بينهم زوج "مريم محمد"، 29 عاما، والذي تخفي سر اختفائه عن ولديه "صلاح الدين" و"علاء الدين" اللذين كانا في سن 18 شهرا و5 أشهر عندما اختفى.

ومنذ اختفائه قبل أربعة أعوام لم تسمع "مريم" عن زوجها "مختار روزي" أي شيء، وكانت الرسالة الوحيدة منه كانت في 16 يوليو/تموز 2017 عندما أخبرها باعتقاله.

وبحسب "هيومن رايتس ووتش"، فقد داهم الأمن المصري في يوليو/تموز 2017 مطاعم ومتاجر معروفة لدى الأقليات في مصر واعتقل 62 من الإيجور، وكان معظمهم من طلبة جامعة الأزهر.

ولم تعترف لا الصين أو مصر بترحيل الإيجور الذي حدث بعد أقل من عام لتوقيع البلدين اتفاقية التعاون الأمني وبعد 3 أسابيع من توقيع وزارة الداخلية المصرية ووزارة الأمن العام الصينية على وثيقة التعاون الفني.

ولم ترد لا الصين ولا مصر على أسئلة تتعلق بأحداث عام 2017.

ففي نهاية ذلك العام طلبت الصين من كل الطلاب الإيجور الذين يدرسون في الخارج العودة، حسب "هيومن رايتس ووتش".

وقالت "مريم" إنها وزوجها كان لديهما كل الأوراق الرسمية من إقامة في مصر وإذن من السفارة الصينية في القاهرة ولهذا لم يقلقا للتعميم.

وكشفت عن وثيقة الزواج التي وقعتها السفارة في القاهرة.

ومع انتشار أخبار المداهمات قررا الاختفاء ورسما خطة لمغادرة مصر، فهي مع الطفلين ستسافر إلى إسطنبول، أما "مختار"، الذي كان عرضة للاعتقال فقد قرر الذهاب إلى الأردن عبر قارب هربا من رقابة الأمن المصري. لكنه اعتقل في ميناء نويبع.

وحاولت "مريم" البحث عنه وعادت إلى مصر واعتمدت على محام قال لها إنه لم يعثر له على أثر.. "لقد تبخر زوجي"، قالت "مريم".

نفس القصة حصلت لـ"حمدالله عبدالولي"، الذي اعتقل أثناء أدائه للحج في السعودية، وظل هناك بسبب الإغلاق الناجم عن فيروس كورونا.

وفي أكتوبر/تشرين الأول الماضي أخبر عائلته من ملاحقة عملاء صينين له.

وتحاول "نور إيمان" منع ترحيله بعدما فقدت الأخبار عن والدتها في شنجيانج، فلو تم ترحيله "لدمرت العائلة".

و"حمدالله" هو ثاني إيجوري يعتقل في السعودية وهو في رحلة لزيارة البقاع المقدسة بمكة والمدينة، ففي يوليو/تموز 2018 اعتقلت السلطات السعودية "عثمان أحمد" خلال أدائه العمرة.

وبعد 3 أشهر من محاولة البحث عن مكانه، تلقت عائلته في تركيا خبرا من سيدة كبيرة في العمر من الإيجور تعيش في السعودية تقول إنها تعرف مكان عثمان، وقيل لها "لقد أرسلناه إلى المكان الذي جاء منه".

ولم تكن العائلة قادرة على تحديد مكانه لكنها علمت من أقارب في شنجيانج أن أحدا رآه في واحدة من المعتقلات هناك.

وقد عبر ناشطون عن دهشتهم من اعتقال مسلمين وهم يؤدون الحج.

ولا يشعر الإيجور بالخوف من الدول العربية ولكنهم باتوا يخشون على وضعهم في الدول التي يشتركون فيها بالعرق واللغة مثل تركيا التي تنتشر في مدنها الأحياء الخاصة التي يسكن فيها الإيجور وأقاموا بها مدراسهم.

ففي السنوات الأخيرة تزايد التقارب الصيني- التركي. وتم توقيع اتفاقية تبادل مطلوبين بين البلدين وتنتظر مصادقة البرلمان، في وقت أكد فيه المسؤولون الأتراك للإيجور والرأي العام أنهم لن يرحلوا أيا من الإيجور إلى الصين.

وقال وزير الخارجية التركي "مولود جاويش أوغلو": "من الخطأ تفسير هذا بأن تركيا ستسلم الإيجور الأتراك للصين"، مشيرا إلى أن الصين تقدمت بطلبات في الماضي ولم يتم الاستجابة له. لكن تم ترحيل 4 من الإيجور بمن فيهم أم مع 4 أطفال في العام الماضي إلى طاجيكستان.

المصدر | الخليج الجديد + متابعات

  كلمات مفتاحية

الإيجور الصين العلاقات الإماراتية الصينية العلاقات السعودية الصينية ترحيل شينجيانج تركستان الشرقية

معهد أمريكي: مسلمو الإيجور فرصة نادرة للسعودية بعد الاتفاق الصيني الإيراني

دراسة تتهم الصين بالعمل على خفض مواليد مسلمي الإيجور

خلت من العرب والمسلمين.. 43 دولة تطالب الصين بإدخال مراقبين إلى شينجيانج

تقرير حقوقي يفضح دولا عربية تعاونت مع الصين في قمع الإيجور

صحيفة أمريكية: الإيجور قلقون من التقارب الصيني مع طالبان