استطلاع رأي

أي من هذه الدول تمارس الدور الأكثر إيجابية في حرب غزة؟

السعودية

مصر

قطر

إيران

تركيا

أهم الموضوعات

طبقات اليمين الإسرائيلي وبصيرة دا سيلفا

عن أوهام التفاؤل الأميركي

أزمة اقتصاد مصر وانتظار الفرج من الخارج

نحو وقف الحرب على غزة

سيناريو اليوم التالي للحرب

منهج الوصول إلى الأستاذية الجامعة

الأربعاء 16 يونيو 2021 09:01 ص

منهج الوصول إلى الأستاذية الجامعة

درجة الأستاذية نضج حقيقي فلا ينطق الأستاذ إلا بما هو مفيد علما وراجح منطقا وزيادة في الوعي والتنوير.

لا يتوقف الأستاذ عن البحث ولا يقول من قال لا أدري فقد أفتى، لأن هذا معناه التوقف عن التفكير والمناقشة والبحث عن الحقيقة.

الأستاذ يجيب علي كل التساؤلات في تخصصه وما زاد عليه فإن لم يدرك بعض الإجابات عليه أن يستأذن السائل أن يعود إليه بالإجابة بعد الدراسة.

المناهج ليست أفكارا مجردة بل ثوابت راسخة كالجبال التي أرساها الله سبحانه من أجل ألا تميد الأرض بالناس والمناهج الثوابت تقوم على أسس من علم الله.

ثبت أن الاستقراء منهج إلهي لم يدانيه منهج آخر من فكر الدنيويين فيما يصل إليه من نتائج ولا أن يطوره أو يعدله لأن فكر المقلد مهما بلغ لا يصل إلى فكر الخالق.

*     *     *

الأستاذية مقام عال له منهج إلهي يتضمن درجات ثابتة توصل كل واحدة إلى الأخرى، وهي مرتبطة بالإيمان بعلم الله العليم الحكيم، مقام الأستاذية تصاحبة الملائكة حتى الميزان، فتبسط له الصراط المستقيم، وتفتح له أبواب الجنان، وتقول لصاحبها اتل وارق، حتى يصل إلى عليين، وما أدراك ما عليون كتاب مرقوم يشهده المقربون، جوار الأنبياء والمرسلين. أما من اصطنعوا لأنفسهم مقاما من منهج دنيوي، درجاته زُلزلت الأرض تحتها، فتحدث أخبارها بأن ربك أوحى لها، يومئذ يصدر الناس أشتاتا ليروا أعمالهم، فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره، ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره.

إذا كان مقام الأستاذية في الجامعات قد وضعه البشر ولم يحترموه، فلأنه بني على منهج دنيوي، يرقى إليه من اتبع سبل أهل المادة، ومن ثم يختل ميزانه بين من يحملون اللقب، فما أكثر من حمله كمن حمل على ظهره أسفارا، لكن هذه الأستاذية يمكن تحويلها من مقام فتنة إلى مقام خلود، وهو أمر يسير حتى مع وجود نظام وضعه البشر.

أول سبل الوصول هي زرع الطريق من أوله بالوعي بأن الجامعة لا تلقن بل تعلم المنهج وكيفية تطبيقه من خلال خطة مناسبة له، والمناهج ليست أفكارا مجردة، بل هي ثوابت راسخات مثل الجبال التي أرساها الله سبحانه من أجل ألا تميد الأرض بالناس، والمناهج الثوابت تقوم على أسس من علم الله، ولقد ثبت أن منهج الاستقراء منهج إلهي لم يستطع منهج آخر من فكر الدنيويين أن يدانيه فيما يصل إليه من نتائج، ولا أن يطوره، ولا أن يعدله، لأن فكر المقلد مهما بلغ من شهرة لا يصل إلى فكر الخالق.

للمنهج درجات يصعدها من سار في درب العلم من مرحلة الليسانس أو البكالوريوس. أو أية تسمية بشرية، الدرجة الأساسية شحذ العقل في اتجاه المنهج، بمعنى تلقي ما يقال له وما يقرأه من علم بالحواس الضرورية، وهي السمع والبصر والقلب، فيعقلها ويفكر فيها ويناقشها، ويسأل عما غمض عليه من جزئيات.

بذلك يكون مؤهلا للدراسات الأعلى بغض النظر عن مسماها، فالدبلوم والماجستير والدكتوراة هي أسماء بشرية، لكنها جميعا تدور في إطار البحث العلمي، والبحث العلمي هو الدرجة التالية، وله أسس يقوم عليها: أولها حسن اختيار مجال البحث وفقا لمعطياته الذاتية ومعطياته العلمية والفائدة المرجوة منه.

فلا يبحث إلا في موضوع يريد أن يعرفه فيستفيد، وليس على الجهة الإدارية أو المشرف المكلف أن يفرض عليه موضوعا، لأن التعلم يقوده الحب والرغبة، وليس الفرض والإجبار، وإنما التوجيه والإشراف الناصح.

رحم الله العبد الصالح إذ قال لنبي أراد اتباعه بعض النظر عن نوع العلم وموضوعه: {إنك لن تستطيع معي صبرا، وكيف تصبر على ما لم تحط به خبرا} مع اختيار الموضوع يختار له منهجا يمكنه من دراسته، من المناهج التي تضع خطوات أساسية للبحث العلمي توصل إلى نتيجة تحمل الجديد في الموضوع، وليس الوصف منهجا ولا التحليل منهجا ولا حتى النقد منهجا، ولا المقارنة منهجا، لأنها تحصيل حاصل بديهي.

أما المنهج فهو ما يحقق ناتجا جديدا، وأفضلها ما يشير إلى تداعيات مستقبلية للنتائج، والنتائج ليست ظنا، فالبحث العلمي بحث عن الحقيقة، وليس عن الشبهات.

عندما يصل الباحث إلى هذه الدرجة يصعد إلى الدرجة التالية، بغض النظر عن مسمياتها مدرسا أو غير ذلك، حيث تتضمن هذه الدرجة أمرين أساسيين:

أولهما إنضاج البحث العلمي لديه، وثانيهما تعليم طلاب العلم، أما عملية إنضاج البحث فهي مراجعة لما فعل في الدرجة السابقة وتطويره، فإن كان قد نقل دون مناقشة فليحيد النقل بالمناقشة بالحجة، وإن كان قد تسرع في الحكم فعليه أن يتأنى.

وإن كان قد استهواه الموضوع فمال إلى الإيجابيات وقلل من السلبيات، فليعد إلى الميزان الحق، لا ينبغي في هذه الدرجة التكرار لا في الموضوع ولا جزئياته، بل يسعى للابتكار في الموضوع، وتطوير الخطة البحثية، والوصول إلى نتائج أعمق. أما ما يتعلق بالتعليم فليس عليه أن يعلم إلا ما قد علم بصحته بأمانة.

الدرجة التالية وما يسمونها بالأستاذ المساعد هي درجة تسريع النضج، وهو التعفف عن التقليد والنقل من أجل الحشو، واستعراض عضلات جمع المادة، أو رنين عناوين الموضوعات التي يبحث فيها، بل عليه في بحثه العلمي أن يضع النقاط على الحروف، فكلما وضع نقطة على حرف صحيح زاد مستوي نضجه، ولا جري وراء تسييس، أو حظوة أو مداهنة أو منصب، فذلك إذلال له ولبحوثه العلمية، وللدرجة التي يحصل عليها.

درجة الأستاذية نضج حقيقي، فلا ينطق الأستاذ إلا بما هو مفيد علما، وراجح منطقا، وزيادة في الوعي والتنوير، لا يتوقف عن البحث، ولا يقول من قال لا أدري فقد أفتى، لأن هذا معناه التوقف عن التفكير والمناقشة والبحث عن الحقيقة، عليه أن يجيب علي كل التساؤلات في تخصصه، وما زاد عليه، فإن لم يدرك بعض الإجابات عليه أن يستأذن السائل أن يعود إليه بالإجابة بعد الدراسة.

* د. محمد السعيد عبد المؤمن أستاذ الدراسات الإيرانية بجامعة عين شمس

المصدر | facebook.com/msmomen

  كلمات مفتاحية

الجامعة، الترقية، الأستاذية، الأستاذ المساعد، الاستقراء، الدبلوم، الماجستير، الدكتوراة،